Al Jazirah NewsPaper Thursday  01/07/2010 G Issue 13790
الخميس 19 رجب 1431   العدد  13790
 
شوائب قبيحة تعيب رياضة جميلة
أندريه س. ماركوفيتس ولارس رينزمان*

 

كانت جودة التحكيم في كأس العالم لكرة القدم بمثابة مصدر للارتياح حتى يوم الثامن عشر من يونيو/ حزيران، حين اتخذ الحكم المالي كومان كوليبالي قراراً بعدم احتساب هدف مشروع تماماً سجله فريق الولايات المتحدة في مرمى فريق سلوفينيا، وكان ذلك الهدف ليضمن للفريق الأمريكي إذا احتسب فوزاً بالغ الأهمية على الفريق المنافس. والأسوأ من ذلك أن كوليبالي لن يتحمل المسؤولية أبداً عن قراره الرهيب، ولن يضطر إلى تفسير ذلك الخطأ لأي جهة - لا اللاعبين ولا المدربين ولا عامة الجمهور.

إن قرارات الحكام في كرة القدم غير قابلة للجدال أو التغيير حتى ولو كانت خاطئة على نحو فاضح. وسوف يتذكر مشجعو كرة القدم في مختلف أنحاء العالم دوماً الخطأ السافر الذي أدى إلى منح المنتخب الفرنسي هدفاً حاسماً ضد أيرلندا في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم، وذلك على الرغم من لمسة اليد الواضحة التي ارتكبها النجم الفرنسي تيري هنري.

ونحن نعتقد أن الأمر يتطلب جهوداً متضافرة لإصلاح عملية تحكيم مباريات كرة القدم. إن أخطاء التحكيم تعمل على نحو متزايد على إفساد اللعبة على كافة المستويات على مستوى فِرَق النوادي والفرق الوطنية، والبطولات الصغرى والكبرى، وعلى مدى الإقبال العالمي على مشاهدة المباريات على شاشات التلفاز. وحيث إن مثل هذه الأخطاء تؤثر إلى حد كبير على نتائج البطولات الرئيسة التي تحدد هيئة هذه الرياضة الأكثر جماهيرية على مستوى العالم، فإن انتشارها وتكرارها يعرضان سلامة هذه الرياضة للخطر - ويفقدانها بالتالي شرعيتها الأساسية. والواقع أن مثل هذه الوقائع أصبحت تشكل على نحو متزايد جزءاً من المجال العام، ويرجع ذلك إلى وسائل الإعلام الجديدة التي جعلت اللعبة أكثر عالمية مما كانت عليه في أي وقت مضى.

وما يضفي على هذه القضية أهمية مركزية بالنسبة لمستقبل كرة القدم هو أن مثل هذه الأخطاء لا تنتج عن إهمال الحكام أو غفلتهم أو عدم كفاءتهم، بل إنها تعكس سرعة اللعبة والطبيعة الرياضية القوية للاعبيها وحجم أرض الملعب والإصرار المحير من جانب السلطات الرائدة في مجال هذه الرياضة على تكييف قواعد راجعة إلى القرن التاسع عشر مع الموارد المتاحة في القرن الحادي والعشرين.

أولاً، هناك حاجة واضحة لتفعيل دليل الفيديو، وهذا الدليل كفيل حرفياً بتغيير قواعد اللعبة في هذه المواقف الرئيسة القليلة التي تحدد نتيجة المباراة، مثل عدم احتساب هدف بلا مبرر، أو إبراز بطاقة حمراء غير مستحقة، أو اتخاذ قرار التسلل بشكل شائن.

ومن الممكن تعيين مسؤول رسمي جديد تتلخص مهمته في مراقبة شاشات الفيديو، واتخاذ القرار الفوري بنقض القرارات الخاطئة السافرة، ونقل قرار النقض مباشرة إلى الحكم ومساعديه في الملعب (وهم مزودون بالفعل بأجهزة الاتصال اللازمة لذلك). أو من الممكن إعطاء كل فريق الفرصة للطعن في قرارين من القرارات التي يتخذها الحكم طيلة المباراة، وتوظيف إعادة الفيديو لمراجعة خرق القواعد وتسوية القرارات المتنازع عليها.

وهذا الإجراء من شأنه أن يعطي الحكام في الملعب الفرصة، إذا لزم الأمر، للتراجع عن قراراتهم الأولية. والمراجعة السريعة من شأنها أن تمنع إضاعة الكثير من الوقت أو مقاطعة سير المباراة. وفي ظل الظروف الحالية فإن الاعتراض على قرار الحكم من قِبَل لاعبي الفريق المتضرر بالقرار يستهلك من وقت المباراة أكثر مما قد يستهلك من وقت في استعراض الفيديو.

ثانياً، يتعين علينا أن نستفيد من الشريحة الإلكترونية التي تتسم بالأداء البارع والمركبة بالفعل داخل الكرة بهدف التسوية الحاسمة للنزاع حول عبور الكرة لحدود الملعب أو عدم عبورها، وخاصة لخط المرمى. ولنتأمل هنا التكنولوجيا التي حققت نجاحاً أساسياً في الحد من الجدال المرتبط بالخطوط في بطولات التنس الكبرى.

ثالثاً، لابد من النظر بجدية في إدخال حكم ثانٍ، حيث يتحمل كل حكم من الاثنين المسؤولية عن نصف واحد من أرض الملعب الضخم. ومن المعروف أن اتحاد كرة السلة الوطني الأمريكي يوظف ثلاثة حكام على أرض ملعب تبلغ مساحته واحداً على تسعة من مساحة ملعب كرة القدم.

وأخيراً، لابد من تغيير ثقافة السرية وعدم المساءلة التي تتخلل الهيئات الحاكمة الرئيسة في عالم كرة القدم، مثل الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، والاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليوفا)، وغيرهما من الاتحادات القطرية المتعددة. والواقع أننا لن نجد أي رياضة أخرى بين رياضات الفِرَق تتسامح مع مثل هذه الغطرسة من جانب الهيئات الحاكمة التي لا تشعر بأي مسؤولية عن تفسير أعمالها أو شرح قراراتها.

والواقع أن هذه التدابير - إلى جانب العديد من غيرها والتي تشتمل على استخدام التكنولوجيا المتاحة - من شأنها أن تعزز من فعالية الحكام الجهال في الكثير من الأحيان، والذين انحدر نفوذهم وسلطتهم بشدة بسبب انتشار الأخطاء الفادحة في المباريات الحاسمة والبطولات الكبرى. ورغم أن كل هذه التدابير ليست جديدة، فإن تنفيذها من شأنه أن يضفي قدراً كبيراً من الوضوح والنزاهة على لعبة كرة القدم، فيعزز بالتالي من شرعية هذه الرياضة.

وفي المقام الأول من الأهمية، لابد وأن يكون الحكام مسؤولين عن قراراتهم. ولا ينبغي لنا أبداً أن نسمح لهم بتقرير نتائج مباريات ذات أهمية مصيرية استناداً إلى أساليب تعسفية لا يحتاجون إلى تفسيرها لأي شخص أو جهة.

والواقع أن خبراء بارزين في كرة القدم كانوا ينادون دوماً بتطبيق العديد من هذه الإصلاحات التي طال انتظارها، مثل المهاجم الهداف العالمي المستوى ماركو فان باستن وحكم الاتحاد الدولي لكرة القدم السابق الألماني ماركوس ميرك. والغالبية العظمى من مشجعي كرة القدم في مختلف أنحاء العالم يؤيدون أيضاً هذه الإصلاحات الحاسمة الكفيلة بسهولة بالحد من أخطاء التحكيم. ومثلهم كمثل الجمهور الأيرلندي فإن العديد منهم أصبحوا في نفور متزايد من نظام التحكيم العتيق المستخدم في رياضة كرة القدم والسلطات المحافظة التي تحرص على حمايته.

إننا ندرك بطبيعة الحال أن الخطأ البشري لن يزول تماماً ولن يكف عن التأثير عن النتائج في أي رياضة. ولا أحد يطالب بهذا، بل إننا في واقع الأمر على اقتناع تام بأن المشاعر التي يلخصها تعبير «لقد سُرِقَت منا المباراة» تضفي بعداً جذاباً وأسطورياً على أي رياضة. ولكن هؤلاء المسؤولين عن منتج عالمي بحجم كرة القدم لابد وأن يعملوا بجرأة على الحد من الأخطاء الشنيعة والتي يمكن تجنبها، والحفاظ بالتالي على سلامة اللعبة.

*مؤلفا كتاب «تحويل العالم إلى لعبة: كيف تعمل الرياضة على إعادة صياغة السياسة العالمية والثقافة». وهما أستاذان في جامعة ميتشيجان.

www.project-syndicate.org
خاص بـ(الجزيرة)


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد