Al Jazirah NewsPaper Saturday  03/07/2010 G Issue 13792
السبت 21 رجب 1431   العدد  13792
 
الملك عبد الله.. استثنائية الحدث والصورة
د. علي بن شويل القرني

 

سجّلت المملكة العربية السعودية ممثلة في شخص الملك عبد الله بن عبد العزيز حضوراً دولياً كبيراً، وأصبحت من القوى العشرين الأكثر نفوذاً في العالم، وهي بلا شك القوة الأولى في العالم الإسلامي بطبيعة

الحال. وليست المملكة رقماً يتوه بين الأرقام المئتين التي تمثل دول ومقاطعات العالم، ولكنها قوة حقيقية ضمن معادلات سياسية وجيوبولوتيكية واقتصادية مهمة في المنطقة وفي العالم. لم تصل المملكة العربية السعودية إلى هذا النجاح العالمي في الدبلوماسية السعودية من قبل، رغم أنه على مر العقود والسنوات كانت المملكة ولا تزال تمثل قوة مهمة في منطقة الشرق الأوسط.

إن العالم ينظر إلى العالم من خلال عدة وقائع وأحداث، ولكن تأتي الصور الرمزية لتمثل تجسيداً مرئياً لتلك الوقائع والأحداث، وعادة الصورة ذات دلالات معبرة عن عناصر الحدث، وتلخيصاً لوقائعه.. ووسائل الإعلام تبحث دائماً عن رمزيات مرئية في الأحداث الكبرى.. والصورة التذكارية التي التقطت في اجتماع قمة دول العشرين تعبر عن مكان شخصية الملك عبد الله بن عبد العزيز؛ حيث توسط الرئيسين الأمريكي والفرنسي، مما يدل على المكانة الحقيقية - وليست مجرد مكانة بروتوكولية - تضع المملكة العربية السعودية في دور مهم بين مجموع الدول العشرين الأكثر نفوذاً في العالم.

من يقرأ الأحداث الخارجية لمؤتمرات دول العشرين خلال السنوات الماضية يلاحظ المكانة التي بدأت تحتلها المملكة بين هذه الدول، لما للملكة من دور حيوي في استقرار اقتصاديات العالم من خلال قيادتها للدول المصدرة للبترول (أوبك) ولاحتفاظها بأكبر احتياط نفطي في العالم، ولما تحتله من مكانة دينية بين المسلمين في العالم، وهم يزيدون عن مليار ونصف المليار، ولما تقوم به من دور استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط في ظل الأزمات والمشاكل السياسية العالقة فيها، إضافة إلى الشخصية القيادية التي يمتلكها الملك عبد الله بن عبد العزيز ورؤيته الحكيمة نحو القضايا والمشكلات في المنطقة والعالم، وللمبادرات العالمية التي أطلقها ووجدت صدى عالمياً كبيراً ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر مبادرة حوار الحضارات واتباع الأديان، ومبادرة منتدى الطاقة للحوار بين المستهلكين والمنتجين للنفط، ومبادرة السلام في الشرق الأوسط، ومؤتمر مكافحة الإرهاب غيرها من المبادرات على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.

الملك عبد الله بن عبد العزيز هو شخصية خرجت من نطاق الوطن إلى الإقليم العربي والإسلامي وإلى نطاق العالمية، فهو شخصية تمتلك مواصفات غير عادية قلما تجد طريقها في التأهيل السياسي لكثير من شخصيات العالم، والملك عبد الله، تلاحظ الاستثنائية في كل مواصفاته الشخصية والسياسة والفكرية والمستقبلية.. شخصية تربت في مدرسة الملك عبد العزيز قائد مسيرة التوحيد السياسي لهذا الكيان الكبير، الذي يعد أهم حدث سياسي في منطقة الشرق الأوسط في القرن العشرين، وقد كان لتأسيس هذا الكيان دوره في بناء مفهوم عصري للكيانات السياسية الكبرى، والملك عبد الله بن عبد العزيز تزامن مع مدارس سياسية مهمة لقيادات ملكية على مر الستة عقود الماضية فعرف كيف يستفيد من تجارب وفكر القيادات السياسية السعودية، والملك عبد الله قرأ التاريخ العربي والإسلامي والعالمي ليستقرئ منه العبر والدروس التي شكّلت بناءً فكرياً وملحمياً في فِكره وتجربته السياسية، والملك عبد الله بن عبد العزيز أضاف إلى كل هذا وغيره صفاته الشخصية التي تعبر عن الأصالة والقوة والحزم والحكمة والبساطة.. فهو شخصية تتسم بأنها تمثل المواطن السعودي بكل مقاييس البساطة والتواضع وحب الناس والعفوية والطبيعية.. ونعرف أن كثيراً من الشخصيات السياسية في العالم تتسم بالتكلف والرسميات والانضواء خلف خطوط البروتوكول الرسمي الاعتيادي للشخصيات السياسية، أما الملك عبد الله فهو شخصية تكسر البروتوكول، وتتجاوز الاعتيادية، وتعبر عن غير المألوف في حراك السياسة المحلية والدولية.. وتعلم السياسة جيداً أن حب الشخصيات السياسية ليس من الأمور التي تنجح فيها كثير من حملات العلاقات العامة، ولو نجحت في فترة زمنية معينة، فإنها تسقط في فترات أخرى؛ لكن الملك عبد الله بن عبد العزيز نجح في كل الأحداث، وفي كل المناسبات، وفي كل الأوقات، لأنه شخصية يعبر عن ذاته بطبيعية وبساطة، ويصل إلى قلوب الناس بحب وعفوية، ولهذا فهو شخصية تعشقها الملايين، ويعتز بها الوطن، وتفتخر بها شخصيات ودول في العالم.. شخصية فرضت نفسها بمنطق الأحداث وليس بحملات علاقات عامة أو تمجيد إعلامي، وشخصية رحبت بها قلوب الناس في الوطن والعالم العربي والإسلامي، ولدى كثير من شعوب العالم.. شخصية وجدت الاحترام والتقدير من القيادات السياسية في الدول العظمى، والإعجاب من وسائل الإعلام العالمية، والإنصاف من كبار كتاب السياسة ومحللي العلاقات الدولية.

إن الزيارات التي قام ويقوم بها الملك عبد الله بن عبد العزيز في هذه الجولة الموفقة لدول عظمى وذات نفوذ سياسي كبير في العالم كحضور مؤتمر قمة دول العشرين، وزيارته لكندا والولايات المتحدة وفرنسا تشكل نقلة جديدة ونوعية في الدبلوماسية السعودية القادمة بقوة في بناء مكانة محورية لها في السياسة الدولية ومحافل اتخاذ القرار العالمي.

المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية
أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود


alkami@ksu.edu.sa

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد