Al Jazirah NewsPaper Monday  12/07/2010 G Issue 13801
الأثنين 30 رجب 1431   العدد  13801
 

نحن مثلك أدرى يا أبا الطيب
عبد الرحمن سعود الهواوى

 

قال أبو الطيب المتنبي في قصيدة يمدح بها سيف الدولة ويشكره على هدية بعثها إليه وكتب إليه بها سنة 351هـ من الكوفة إلى حلب:

نحنُ أدرى وقد سألنا بنجدٍ

أقصيرٌ طريقُنا أم يطولُ

وكثيرٌ من السؤال اشتياقٌ

وكثيرٌ من ردّهِ تعليلُ

لا أقمنا على مكان وإن طا

بَ ولا يُمكِنُ المكانَ الرحيلُ

كلَّما رحَّبتْ بنا الرُّوضُ قُلنا

حلبٌ قصدُنا وأنتِ السبيلُ

لقد قال أبو الطيب المتنبي هذه القصيدة، والتي منها هذه الأبيات قبل 1070 سنة من سنتنا هذه 1431هـ، وقد ذكر فيها مسيره من مصر هارباً من كافور الأخشيدي ونيته الوصول إلى حلب، ولكنه عند وصوله إلى أطراف هضبة نجد الشمالية تريَّث فيها ومنها اتجه إلى الكوفة، ولم يذهب إلى حلب. وهو في تريثه في هذا المكان من نجد يعلم أنه في نجد، ولكنه من شدة شوقه إلى حلب راح يتساءل: هل طريقه إلى حلب يقصُر أم يطولُ، رغم أن نجد قدمت له الأماكن الطيبة والرياض المخضرة، وقد أعجبته هذه الأماكن والرياض، وتمنَّى أن ترحل معه، ولكن الأماكن والرياض لا ترحل، فمن يستطيبها فعليه المكوث فيها، وهذا مما يتعذر على إنسان مثل المتنبي.

نقول لأبي الطيب المتنبي: نحن أهل نجد ندري أننا في نجد قبل مرورك بها منذ مئات السنين، وسنظل فيها مدى الدهر فجذورنا ممتدة من تحت رمالها ومتخلخلة من بين صخور جبالها، صابرين على حرها وبردها، وعلى فقرها وغناها، وعلى حب بعض أبنائها لها ونكران البعض الآخر لها، فنجد في وقتنا الحاضر - 1431هـ - هي كالقلب لجناحيها الحجاز والأحساء، وكالغيمة الممطرة لأبناء عمومتها في الشام والعراق ومصر وبقية بلاد العرب والمسلمين.

يا أبا الطيب: نجد بأجنحتها الشرقية والغربية والشمالية والجنوبية في عصرنا الحاضر وفي عهد قائدها الملك عبدالله بن عبدالعزيز أهلها في حركة مستمرة نحو نشدان التقدم والتطور ونبذ التطرف، وكشف الزيف والفتاوى المضحكة.

يا أبا الطيب: نبشرك أنه سيأتي اليوم على المملكة العربية السعودية والتي قلبها النابض من حكامها في نجد وقد عمّ الرخاء والتطور والمدنية جميع أرجائها، وأن الرياض والأماكن الطيبة والتي ترحب بالجميع قد عمَّت جميعَ المناطق.

يا أبا الطيب: نجد تشكرك على ذكرك لها في شعرك، وأن أماكنها ورياضها قد أطربتك وأعجبتك، ولكن طريقها نحو التطور والرقي والازدهار في بدايته ولكنه لن يطول.

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد