Al Jazirah NewsPaper Monday  12/07/2010 G Issue 13801
الأثنين 30 رجب 1431   العدد  13801
 
رقص الأقحوانة
يوميات الطفولة.. ماجد الشبل
محمد بن يحيى القحطاني

 

للذين لم يعرفوا ماجد الشبل سوى من خلال مقال (شارد) هنا أو هناك، يبقى هذا الرجل واحداً من أهم صانعي لغة التقديم في المشهد الإعلامي السعودي وحتى يومنا هذا لم يأت من يحتل مكانه، وربما لن يفعل أحد ذلك في المستقبل القريب. لم يكن يخترق صمت طفولتي، ولم يُشكِّل ذائقتي مثله أبداً، كان حلمنا الصغير أن نقابله.. وكنت أظنه يسكن في السماء، لم أكن أعتقد يوماً أنه بشر مثلنا، وإذا كان للغة العربية حراس.. فقد كان ماجد الشبل واحداً من أهم الذين حولوها إلى أنثى طاغية الجمال يعشقها كل من يستمع إليها وحرسها بصوته المنساب إلى شغاف القلوب، كان مدرسة يقدمها التلفزيون السعودي لنا كل يوم دونما كلل أو ملل. ما زلت أذكر جلسته خلف المايكرفون.. اسمحوا لي باسترضاء ذاكرتي ونقل صورته فيها الآن: طاولة كبيرة جداً.. ويتوسطها رجل يلبس ثوباً أبيض وجاكيتاً غالباً ما يكون لونه أزرق وشماغاً يرميه كلَّه إلى الخلف ما عدا طرفه مستقر على كتفه، يُقلِّب الأوراق وفي يده قلم ثم تسكن حركته بانتقال الكاميرا إليه وحده وخلفه لوحة كُتب عليها (الأخبار). كنت أرقب صوته ومخارج الحروف من بين شفتيه.. كنت أتمنى أن يخطئ بكلمة.. ولم أكن أعلم بأنه كان كفيلاً بتعليم جيل كامل كيف ينطقون (الضاد) كان أستاذ اللغة العربية يقول لنا: إذا أردتم تعلُّم اللغة فتعلموها من ماجد الشبل وحسين النجار. لم يكن ماجد الشبل مجرد مذيع لنشرة الأخبار.. بل كان ممتعاً أيضاً في وقت ما بعد المغرب والعشاء وفترات أخرى.. وهو يرمي على أسماعنا أبياتاً من الشعر العربي الفصيح.. وحتى اليوم لم أعرف أن هذا الرجل الذي بلغ من العمر ما بلغ وأعياه المرض قد تحدث بغير الفصحى.. ولم أسمعه غير مجيد لها وحاضن لحروفها. كان كما يحكى لنا أن التلفزيون السعودي من أشد المنحازين إلى اللغة العربية وكان الدخول إليه كمذيع أصعب من الدخول إلى كليات طب أو عسكرية كانت قوانينه هنا (صارمة)، وكان فيه من كان من مذيعين نالوا حب الجمهور ولا أظلم أساتذة رسموا لنا بعذوبة صوتهم لغة فقدناها اليوم بتوقف رواد مرضوا دون أن يسأل عنهم أحد.



m.alqahtani@al-jazirah.com.sa

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد