Al Jazirah NewsPaper Monday  12/07/2010 G Issue 13801
الأثنين 30 رجب 1431   العدد  13801
 
رؤية اقتصادية
دوام المعلمين والهدر الاقتصادي
محمد عبد العزيز الصالح

 

عادة ما نلحظ أن هناك الكثير من القرارات التي يتخذها العديد من المسؤولين داخل أجهزتهم الحكومية والتي يترتب عليها كلفة اقتصادية باهظة، علماً بأن المكتسبات التي يتم تحقيقها داخل ذلك الجهاز الحكومي من جراء ذلك القرار قد تكون محدودة جداً قياساً بالهدر المالي الكبير الذي تعاني منه خزينة الدولة على وجه العموم.

ما دعاني أسرد تلك المقدمة هو قيام وزارة التربية باتخاذ قرار يلزم حوالي ربع مليون معلم ومعلمة في المرحلة الابتدائية بالحضور والدوام اليومي حوالي عشرون يوماً وذلك من تاريخ 17-7-1431هـ وهو التاريخ المحدد لتسليم الشهادات حتى تاريخ 9-8-1431هـ وهو التاريخ المحدد لبداية الإجازة الصيفية الرسمية، وذلك على الرغم من عدم وجود أي مهام أو أعمال يقوم بها هؤلاء المعلمين، حيث إن جميع سنوات الدراسة في المرحلة الابتدائية تتبع نظام التقويم وليس الامتحانات، ولنا أن نتخيل التكلفة الاقتصادية التي تتحملها الدولة من جراء ذلك القرار، وأوضح ذلك فيما يلي:

- الاستهلاك الكبير للكهرباء بسبب تشغيل المكيفات والإضاءة رغم حاجة شركة الكهرباء لخفض الأحمال في جميع مناطق المملكة خصوصاً في هذه الأيام، علماً بأن وزارة التربية تدخل ضمن الشرائح العالية بسبب استمرار تشغيل المكيفات لشدة حرارة الجو، ولنا أن نتصور التكلفة المالية العالية التي تتحملها الدولة إذا ما علمنا بأن عدد المدارس الابتدائية للبنين والبنات يبلغ حوالي (15.000) مدرسة.

- ضرورة قيام العمال بالنظافة الكاملة للمبنى وصيانته بسبب الاستخدام من قبل المعلمين والمعلمات وفي حال تم تقديم الإجازة مع إجازة الطلاب، فإن عقد الصيانة والنظافة الذي ستبرمه الوزارة سيكون لمدة (10) أشهر بدلاً من (11) شهراً، وهذا على مستوى آلاف المدارس في المملكة، مما يعني تقليص كلفة عقود الصيانة والنظافة بنسبة 10%.

- (250.000) تقريباً وهم معلمو ومعلمات المرحلة الابتدائية يتم ذهابهم وعودتهم من مدارسهم بسيارات صغيرة، وفي رحلة مزدوجة بالنسبة للمعلمات كون السائق يحضر المعلمة صباحاً ثم يعود ثم يحضر لأخذها للمنزل ظهراً ثم يعود بها، ولك أن تتخيل كم استهلاك الوقود وتلويث البيئة وصيانة تلك السيارات، وكم من الحوادث والخسائر البشرية والمادية وما تسببه من ازدحام في الشارع بنسبة كبيرة، وبالتالي كل هذا الهدر سيكون كلفة على اقتصاد الوطن.

- جميع المدارس الابتدائية بنين وبنات في هذه الفترة، تكون لتبادل الأحاديث والإشاعات التي لها مردود سيء على المجتمع وعلى الوطن، ونظراً لعدم وجود ما يشغلهم داخل المدرسة.

- خلال أيام السنة الدراسية تخرج المعلمة (الأم) مع أطفالها إلى الروضات والمدارس فتقوم بعملها وترعى الطالبات وهي مطمئنة البال على أطفالها، أما في هذه الأيام فهي تخرج لترعى جدران المدرسة وتأكل (فطور القطة) القطة: هي اشتراك مجموعة من المعلمين أو المعلمات في شراء وجبه الإفطار، وأطفالها إما مهملين أو تحت رعاية العاملة المنزلية مما له أكبر الأثر على تربيتهم.

- قد تبرر وزارة التربية والتعليم استغلال هذه الأيام بعقد دورات تدريبية للمعلمين والمعلمات والملاحظ وجود هذه الدورات أثناء العام الدراسي وبكثرة.

ختاماً، إنني أتساءل: متى سيأتي اليوم الذي يفكر فيه المسؤولين في مختلف الأجهزة الحكومية الأخرى في الأبعاد والتكلفة الاقتصادية لأي قرار يتخذ داخل وزاراتهم، ومتى سيأتي اليوم الذي يفكر فيه المسؤولين في مختلف الأجهزة الحكومية الأخرى في الأبعاد والتكلفة الاقتصادية لأي قرار يتخذ داخل وزاراتهم، ومتى سيأتي اليوم الذي يكون لكل وزارة مستشار اقتصادي يوضح للمسؤولين فيها الجدوى والتكلفة الاقتصادية والمالية التي ستترتب على أي قرار يتخذ داخل الوزارة، والمقصود بالتكلفة الاقتصادية والمالية هنا أن تكون على مستوى الدولة وخزينتها وليس على مجرد تلك الوزارة، كما أني أتساءل عن الدور الذي يفترض أن يقوم به المجلس الاقتصادي، وكذلك اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى في هذا الخصوص، وأقترح هنا أن يتم إنشاء وحدة متخصصة تحت مظلة المجلس الاقتصادي تتولى التقييم الاقتصادي وحساب التكلفة المالية التي ستتحملها الدولة عند قيام أيٍّ من المسؤولين في مختلف الأجهزة الحكومية باتخاذ مثل تلك القرارات.



Dralsaleh@yahoo.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد