Al Jazirah NewsPaper Saturday  17/07/2010 G Issue 13806
السبت 05 شعبان 1431   العدد  13806
 
العمل التطوعي وأهميته في المجتمع
سليمان بن عبد العزيز السعيد

 

يقصد بالعمل هو أي مجهود بدني أو فكري أو عطاء مادي يقدمه الفرد احتساباً للأجر من الله تعالى دون انتظار مردود أو مصلحة شخصية.

ولا يختلف اثنان حول أهمية العمل التطوعي بشتى صورة وأشكاله, والذي يعتمد على التبرع المادي بل هو مطلق, وكل بحسب قدرته وجهده, كما قال تعالى : ?وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ? ويلحظ في سياق الآية الكريمة أن لفظة (خيراً) نكرة تدل على العموم وتشمل كل فعل خير يستطيع أن يعمله الإنسان المسلم, والآيات والأحاديث الدالة على فعل الخير وعمله كثيرة جداً وليس هذا موضع بسطها, ولابد من نشر ما يمكن أن نسمية بثقافة العمل التطوعي في المجتمع المسلم بشتى الوسائل والطرق, ولا شك أن لوسائل الإعلام دوراً كبيراً في هذا المجال, مع عدم إهمال دور المؤسسات الأخرى في زرع هذه الثقافة مثل : المسجد, والبيت, والمدرسة, فمجال التطوع ليس محصوراً على فئة معينة أو مجال محدد بل هو مطلق لما فيه نفع المجتمع المسلم, وفق ضوابط حددتها الشريعة الإسلامية, أضف إلى ذلك ضرورة توحيد الجهود في هذا المجال وأن يكون العمل التطوعي ملازماً للمجتمع في جميع الأوقات ولا يقتصر فعله عند حدود الأزمات والنكبات بل هو غاية نبيلة وهدف أصيل حث عليه الشرع الحكيم.

وبالنظر إلى واقع المجتمع المسلم اليوم نجد أن العمل التطوعي قد تطور وأصبحت له مؤسسات ترعاه وتنظمه لتلبية إحتياجات الناس ومتطلباتهم, فقامت الجمعيات الخيرية والدعوية بحمد الله وتوفيقه وسدت ثغرات عظيمة وإستفاد منها عدد كبير من الناس.

فالعمل التطوعي يعبر عن ثقافة المجتمع ومدى تلاحمه فيحل قضاياه, وهذه الثقافة يجب أن تنقل من جيل إلى آخر بالصورة السليمة وكذلك ترسيخ مبادئ العمل التطوعي لدى النشء لإشعارهم بأهميته وإشراكهم في بعض الأعمال لكي يستمر هذا العمل على مدى الزمن, ومن أروع صور التضحية والبذل والإيثار المؤاخاة التي أقامها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار فقاسموهم أموالهم ودورهم ومتاعهم, وقد روى الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه قال: لما قدم النبي (صلى الله عليه وسلم) المدينة أتاه المهاجرين فقالوا: يا رسول الله ما رأينا قوماً أبذل من كثير ولا أحسن مواساة من قليل من قوم نزلنا بين أظهرهم, لقد كفونا المؤونه وأشركونا في المهنأ حتى خفنا أن يذهبوا بالأجر كله فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): لا! ما دعوتم الله لهم, واثنيتم بالأجر عليهم, والإيثار ليس فرضاً, بل تطوع وتصدق وإحسان, خاصة عندما يؤثر من كان به خصاصة كالأنصار الذين أثنى الله عز وجل عليهم.

وإن من الأسباب النفسية المانعة من الانخراط بالعمل التطوعي هو الغفلة عن الأجر العظيم المترتب على تلك الأعمال, وكذلك الرهبة من المجهول, فالإنسان عدو ما يجهل, ومن ذلك عدم الثقة بالذات, وأيضاً عدم الثقة ببعض المؤسسات الخيرية, ومنها العائق الوحيد الذي يتمثل بالإنشغال بالأعمال التطوعية الهامشية, ومنها الكبر ( تضخيم الذات), ويعني أن مركزه الاجتماعي أو مركزه الوظيفي يحول دون إنخراطه بالأعمال التطوعية رغم إدراكه للحاجة الماسة إلى خدماته, وإن من أساليب العلاج لهذه المشكلة تهيئة المتقدمين وتدريبهم قبل إنخراطهم في الأعمال التطوعية.

إن العمل التطوعي يعتبر معياراً لدى رقي المجتمع وتطوره ووعي أفراده بأهمية الوقت ونفع الآخرين, يحدوهم في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (خير الناس أنفعهم للناس) وحرصهم على رعاية مصالحهم الخاصة والعامة ومدى شهورهم بمعاناة الآخرين والله جل وعلا يقول: ?وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ?, والعمل التطوعي في الإسلام يأخذ اشكالاً متعددة ويهتم بكل صغيرة وكبيرة لإصلاح المجتمع حتى في إماطة الأذى عن الطريق, فهو متأصل في عقيدة المسلم, فالتعاون على البر والتقوى واجب في كل الأمور التي فيها خير للأمة وصلاحها.

عضو جمعية أواصر


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد