Al Jazirah NewsPaper Saturday  17/07/2010 G Issue 13806
السبت 05 شعبان 1431   العدد  13806
 
في الصميم
ذكريات مختصرة..!
سلطان المهوس

 

لم يمر عليَّ في حياتي المهنية الإعلامية الممتدة منذ حوالي عشر سنوات عام متعب كالذي انقضى، حيث كانت الأحداث الرياضية متلاحقة على الأصعدة المحلية والخليجية والعربية والقارية، وأحمد الله - عزَّ وجلَّ - كثيراً على التوفيق الذي حالف كافة فريق التحرير الرياضي بجريدة (الجزيرة) لمواكبة كافة تلك الأحداث بتميز رائع تم اختتامه بتقرير تاريخي معتاد عن سجل الإنجازات المحلية ثم بتقرير حول سجل البطولات لآخر ثمانية أعوام ليكونا مسك ختام حقق أصداء رائعة بقيادة الزميل العزيز محمد العبدي..

على الصعيد الشخصي المهني اعتبر الموسم الرياضي الماضي بكل تقلباته واحداً من أنجح الأعوام المهنية في حياتي؛ فقد جسَّدت دعم (الجزيرة) وثقتها بخبطات صحفية وتقارير ومتابعات وتصريحات وأخبار حصرية وانفرادات من كل مكان في العالم كان لها أصداء كبيرة، بل أصبحت حديث الكثير من البرامج الرياضية وكتاب المقالات.

هنا لا أسبح في بحر النرجسية واستعراض النجاح، وكأني الوحيد الذي يحقق النجاحات، لكني عزمت على أن أمنح نفسي قسطاً وافراً من الراحة بعد عام وثلاثة أشهر من الركض المتواصل؛ فاخترت أن أكون بين القراء أنثر حروفي بتلقائية أمامهم أحكي لهم عن علاقة النجاح بانضباطية الفرد وتواضعه واحترام مرؤوسيه، والأهم هو علاقته المميزة مع زملائه في الجريدة وخارجها كما هو الحال مع القراء الذين هم روح الإعلامي ومصدر قوته.

علمني محمد العبدي أن أكون قوي الشخصية في كل مكان، وأن لا أهاب أحداً ما دمت لا أخطئ، وكان أبو مشعل غطاءنا الاستراتيجي ومدفعنا المضاد لكافة الضغوط ومحاولات التشويش وأحياناً الخطط الإقصائية المفلسة..!!

علمتني (الجزيرة) معنى الوفاء واحترام الزمالة والكبار مهما كانت درجة الاختلاف في العمل، وكم أفخر وأنا أتجول بين مكاتب الجزيرة وأرى موظفين من كبار السن لم تتركهم الجزيرة وأعطتهم تفويضاً بالبقاء حتى آخر رمق بحياتهم، كما هو الحال مع الراحل عبدالهادي الطيب - رحمة الله عليه -، فمثل تلك المشاهد تجبرني على البكاء، خاصة وأنا أشاهد القمع والتنكيل الذي يمارسه رؤساء تحرير صحف خليجية وعربية بحق موظفيهم!

علمني القراء أشياء رائعة جداً، وأصبحت - بانتقاداتهم وحميميتهم ووفائهم - أصحو كل يوم متلهفاً لقراءة تعليقاتهم ورسائلهم الجوالية والإلكترونية وللأمانة؛ فقد كان لمساندتهم وروعة أساليبهم تأثير كبير في حياتي المهنية جعلتني أكثر تواضعاً وأكثر عملاً لإرضائهم.

في حياتي المهنية تعرفت على شخصيات كبيرة جداً، وأخرى أقل، وواجهتني العديد من المواقف التي ربما يأتي اليوم الذي أبوح فيها، حيث إن غالبيتها غير صالحة للنشر سوى بسطور ذكريات شخصية، وكل تلك المواقف حصلت أغلبها بسبب مواقف إعلامية رفضت من خلالها المجاملة والتزلف، واخترت أن أكون صادقاً أعطي رأيي بحرية كاملة، ولن أنسى - وأنا أتذكر تلك المواقف - دعم الأمير سلطان بن فهد وتواصله الرائع؛ فهو شخصية من الصعب جداً أن أنساها ما حييت؛ فعلاقتي مع هذا الأمير الجنتلمان مبنية على الاحترام الكبير، ولم تمنعني تلك العلاقة من كتابة آرائي المعاكسة أحياناً لمواقف الأمير سلطان كما حدث خلال انتخابات الاتحاد الآسيوي، والتي جرت بين ابن همام والشيخ سلمان الخليفة.

بمناسبة تلك الانتخابات فأعتقد أن أبرز تغطيتين صحفيتين قمت بهما تتمثل بأولمبياد بكين 2008 حيث واصلت إرسال صفحة كاملة يومياً عن الأولمبياد لمدة خمسة وعشرين يوماً، والثانية تغطية انتخابات الاتحاد الآسيوي لمقعد الفيفا؛ إذ ذهبت مبكراً إلى ماليزيا واستطاعت (الجزيرة) أن تخطف الأجواء الصحفية بتغطية متكاملة طوال الانتخابات والفضل لله عزَّ وجلَّ.

في الانتخابات كان قلبي مع ابن همام وأعلنت ذلك فيما كان اتحاد الكرة قد أعطى صوته للشيخ سلمان، وكنت أداعب صالح بن ناصر قبل أن يدلي بالصوت، وأقول له: ضع علامة صح لابن همام تراه هو الكسبان..!

في ماليزيا تحديت الشيخ أحمد الفهد ليلة الانتخابات أمام الإعلاميين وقلت له: إذا انهزم ابن همام سأترك الصحافة للأبد، وهذا وعد. وبسخريته المعروفة المحببة قال: ضاع مستقبلك بعز شبابك..!

أهم مميزات الصحفي الناجح - من تجربة - أن ينظر إلى إنجازات زملائه الإعلامية وكأنها ملك له وأن يثني على نجاحات زملائه ويدرك أن الخبطات والنجاحات ليس لها وقت للتوقف؛ فالميدان يحوي الجميع ويلغي من فكره قاموس الغيرة والحسد، ويعمل بروح وثابة مبتسمة، وأنا متأكد أن مَن يفعل ذلك سينجح بالتأكيد، ويؤسفني إذا شاهدت زميلاً يغضب من نجاحات زملائه..!!

لقد تعلمت من كافة زملائي الناجحين - وما زلت - وإن كنت فخوراً جداً؛ فهو بانتمائي إلى صحيفة الجزيرة، وتشرفي بالعمل مع العزيز محمد العبدي الذي يعرف كيف يتعامل مع الجميع، ولديه حس عال في اختيار الأسلوب للتعامل مع الجميع؛ فالكل في (الجزيرة) يرى نفسه أنه النجم؛ ولذلك فالمواد الإعلامية المميزة لا تتوقف من زميل لآخر، ولا أنسى كافة الزملاء في المكتب الرئيسي دون استثناء؛ فهم في القلب لا أنسى أفضالهم وروعة تعاملهم مع الجميع.

لا أنسى أبداً قوة التعاون بين الزملاء من خارج (الجزيرة) وروحهم العالية، وأسأل الله أن يديم المحبة بيننا للأبد؛ فالقمة ليست مدببة، كما يعتقد البعض بل هي سطح يتسع للجميع ومن يعمل بإخلاص لابد أن ينجح.

ألقاكم على خير بعد أن أستسمحكم بإجازة أستعيد معها بعض الراحة بعد عناء موسم متعب ويهد الحيل.. إلى اللقاء.

قبل الطبع

عندما أقوم ببناء فريق فإني أبحث دائماً عن أُناس يحبون الفوز، وإذا لم أعثر على أي منهم فإني أبحث عن أُناس يكرهون الهزيمة.



msultan444@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد