Al Jazirah NewsPaper Thursday  22/07/2010 G Issue 13811
الخميس 10 شعبان 1431   العدد  13811
 

من ذكريات حياتي
ناصر الصالح العمري

 

من الأمور المعروفة في حياة أكثر الناس، أن المرء إذا كبرتْ سِنُّه، وبلغ الكهوليَّة - وهي ما بين الثلاثين والخمسين - أخذَتْ (ذكريات الماضي) تزاور نفسَه وتراود حسَّه بين فينة وفينة، فيتوق إليها ويستأنس بادِّكارها واجترارها..

فإذا ناهز الشُّيُوخَةَ أصبحت الذكريات زاده الوجداني ومتاعه النفساني، يرتاح إليها خالياً وينساح بها فكره ولسانه مع أهله وعند خاصته وبني سِنِّه وجيله، وإنه ليحرص على أن يكون موضوع الكلام - في الجلَسات المؤنسات - عن (كنا وكان في ماضي الزمان) خاصة في الليالي البرِّيَّة البدرية إذا (هلت ليالي القمر) فطال السهر، وطاب السمر...

هذا، وإن أمتع الذكريات وأحلاها في القلب هي ما جَرَتْ أحداثه في (مكان الولادة والنشأة) مع الأقران والخلان، في مرابع الطفولة ومراتع الصِّبا والشباب.

أقول قولي هذا، مع أن الذكرى - التي عقدت لها هذه الكليمة بعنوان: (من ذكريات حياتي) لم تكن لشيء كان لي في موطن ميلادي ونشأتي ودراستي الابتدائية، ديرتي: (الرس) عليها وعلى جميع أهلها مني أزكى السلام (مدى الأيام) وإنما لقصة جَرت لي في (الرياض) بعد مولدي ب(عشرين حولا) وقد خطرت ببالي منذ أيام، وكنت أمشي بسيارتي في (شارع الظهيرة) باتجاه الخزان، فتزاحمت السيارات شيئا فشيئا، ثم وقفتْ وطال وقوفها حتى لم يكن يُسمَع في الشارع - ساعتئذٍ - إلا هدير المكاين وصريخ البواري، فألجأني الضجر إلى الانحراف يميناً شرقا إلى (حوطة خالد) وكنت قديم العهد بها، إذْ لم أدخلها منذ نحو (عشرين سنة) فلما دلفت إليها وشاهدت بعض أزقتها وبيئتها العتيقة، خفق الفؤاد، وثار في نفسي شيء من ذكريات هذه الحارة فوقَفْت سيارتي هنيهة، وأنا في سَبَحاتٍ من الادِّكار والاعتبار كما وقَفَ زهير ناقته أمام داره بالرَّقمين، بعد أن فارقها (عشرين سنة) فقال في معلقته: وقفت بها من بعد عشرين حِجَةً فلأياً عرفت الدار بعد تَوهُّمِ

وأول ما ابتدر إلى ذهني في (الحوطة) ورَمَع في خاطري، هو (معهد المعلمين الابتدائي) وكان موقعه فيها قبل (ثلاثة وخمسين عاماً) في الناحية الجنوبية الشرقية مما يلي شارع الوزير.

وهاكم يا إخوتي قصتي:

في سنة 1378هـ- كنت طالباً في كلية الشريعة، وكانت على امتداد شارع الوزير جنوباً مما يلي البطحاء قِبالةَ البلدية، وكنت أقطن في (بيت الإخوان) بالوصيطاْ في غرفة بالطبقة العليا ومعي أخٌ لي أصغر مني، هو: عبدالله (سلمه الله) تلميذاً في معهد المعلمين السابق ذكرُه، وكان مديره - يومئذ- (عبدالله العلي النعيم).. والمعهد يبعد عن المسكن أربعة أضعاف المسافة إلى كليتي.. فاشتريتُ دراجة لتنقلاتنا، وجعلت أقِفُها في باحة البيت مُوْثقةًً بحبل مربوط في سارِيَة، فإذا أصبحنا، فإن كنا مبكرين ذهب كلّ منا إلى دراسته (يمشي على رجليه) وإن تأخرنا في القَوْمة من النوم - وهذا قليل - أركبت أخي إلى معهده ثم مضيت إلى الكلية.

وكان طريقنا - كلَّ صباح - أن نخرج من الوصَيطاْ مُشْمِلين نحو شارع القِرِِيْ، ثم نتياسر إلى دخنة فتكون المكتبة السعودية عن اليمين، ودار الإفتاء عن شمالنا، ثم ننعطف يميناً إلى الصفاة حتى نبلغ شارع الظهيرة، وبعد أن نقطع ربعه باتجاه شارع الخزان نتيامن إلى الحوطة، وفيها (معهد المعلمين) في (سكة سدّ) يقدّر عرضها بستة أمتار والطول ضِعفُها، والباب في أقصاها بالزاوية اليسرى.. وسبب إطنابي في وصف هذه السكة أنها (مسرح الواقعة) ذات الذكرى التي سَوَّيت هذه المقالة من أجلها.

ولم تكن الطرق التي نسلكها إلى المعهد كلَّ طلوع شمس عامرة بالسابلة، إلا من نفر قليل من التلاميذ ونحوهم، فالشوارع ساعتئذٍ في هدوء وسكون.. ولهذا كنا نقطع الدرب في شيء من الغناء الصباحي مما نسمعه من اللحون البهية التي تبثها الإذاعات العربية في ذلك العهد، مثل القاهرة ودمشق وبغداد والكويت ولندن ومحطة الشرق الأدنى للإذاعة العربية وأُوْرْشليم.. فما أن نستوي على ظهر دابتنا عند بيت الإخوان حتى نشرع في الترانيم الحسان، مثل قول الشاعر محمود بيرم التونسي:

يا صباح الخيريلِّي معانا.. الكروان غنى وصحّانا

حتى إذا جاء المقطع التطريبي سجعْنا به سجع الحمام:

الصبح أهُو نوَّر وتْبسمْ... والشمس ضحكْ لي مُحَياها

وكان هذا دأبَنا في الغُدوِّ إلى المعهد (فرحٌ ومرح.. وسرورٌ وحبور)..

ولكننا في أحد الأيام (تأخرنا في القَوْمة من النوم) فلم نُبْعَثْ من مرقدنا إلا بعد أن ارتفعت الشمس قِيدَ رُمحين.. فصلينا (على عجل) وأفطرنا (على وَجَل) من هَمِّ التأخُّر.. وذلك لما عهدناه في مدير المعهد (الشيخ النعيم) من الشدّة الشديدة على المستآخرين عن الحضور، فلا يأتون إلى بعد الشروع في الدرس الأول، فتمثَّل لنا شخصه - ساعتئذٍ - على عادته في أكثر الأيام قائما مُرْتَزّاً في وسط السكة يتصدّى للكسْلَى، وفي يمناه خيزرانة طويلة يُشْهِرها على من يقبل عليه منهم، فكلُّهم مأخوذ الفؤاد يَحْذر أن تكون الخبطة فيه فترْديه، لكنْ - والحق يقال - إن المدير كان يستعمل العتاب قبل العِقاب، أو قل: اللسان َ قبل السِّنان، وذلكم أنه في التأخير القصير، يجتزئ بالتعنيف الخفيف، والتقريع السريع.. وأما من طال بالنوم شخيرهم فعَظُم تأخيرهم، فانه يحمل عليهم بعصاه يرفعها فوق الرؤوس عالية، ثم يمغط بها ذراعه حتى تبدو أَبِطُه، ويرسلها على الأكتاف والأرداف، حتى تقول: (هلك المتأخرون)..

ولكن الذي يتأمل هذا ويُنْعِم فيه النظر، يلحظ أن الرجل لا يريد الضرب، بل (لم يَنْوِه أصلا) فضلاً عن أن يفعله، وإنما الأمر كلّه، لمجرد الإيجاف والإرجاف.. وآيةُ ذلك أن عبدالله كان إذا صوَّب مِنسأتَهُ، لمحته في غاية المداراة والحذر، يتحامى أن تبلغ مداها، فهو يتقصَّد أن تضيع في الهواء مع الهباء، فلا تصيب أحداً أبدا.. وهذا - والله - من بديع الحكمة وحسن التدبير في مقام التربية والتعليم، إذ إِن المراد هنا (التأديب لا التعذيب)، وذلك على حد قول أبي تمام:»فقسا ليزدجروا...» فالمسألة - إذا - عجاج بلا خطر، وزلزال من غير ضرر، وهو من باب قولِنا - نحن العَوامَّ - «إكربْ وجهك وارخْ إيديك» أو قولنا:» نصف الحرب تَهْوِلِهْ».. يقول ابن رشيق الصِقِلّي:-»ورُبَّ تقطُّب من غير بُغضٍ»..

أجل، إن هذا النمط من التعامل الحكيم، قد أضحى اليوم قاعدة للمسؤولين في بعض الدوائر تجاه بعض المخالفات.. كإخواننا في الشؤون الإسلامية بشأن (صريخ الميكروفونات على رؤوس البيوت) وفي أمانة الرياض، مع الذين يُقَبِّحون الشوارع والأرصفة والبيبانَ (بقرطاس الدعايات التجارية) وفي وزارة المياه تجاه من (يُسَيِّحون الطرقات بالماء العذب القراح) وفي التجارة بموقفهم من (بلاء الغلاء)... إلى غير هؤلاء من عمّال الحكومة الأجواد»الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس» فلقد دأبوا في لزوم الصبر، والاجتزاء بالإنذار اتباعاً لسنة آبائنا في الجاهلية، إذْ يقول قائلهم في بعض الأمثال:» أودعتُهم سَبّا وأَوْدَوا بالإبل» وكذلك تطبيقاً للحكمة اليونانية الخالدة:»جاكم السِّعْلو».

أيها الاخوان، ذكرت قبل قليل أنني وأخي تعودنا إذا انطلقنا على السيكل من الوصيطا إلى الحوطة أن نقطع الدرب نشدو بأغاريد الصباح في أنس وانشراح، إلا (يوم تأخرنا في الصحوة) فلم يَكُ ذلك الصبحُ علينا سعيداً ولا حميداً، وإنما كان مُرَنَّقاً بهمّ التأخير والحذر من سوء المصير في (موقف الحساب ذاك) فتواثبنا من غرفتنا إلى راحلتنا، وفككنا أسرها، ثم هُرِعْنا إلى المعهد، وأبدانُنا في الوصيطا وأذهانُنا في الحوطة.. ولهذا لم يَسْتَمِلْنا الغناءُ كالعادة، بل عافَته النفس، وانصرف عنه المزاج، وذلك أنه (لا طرَب مع الهرب) وإنما (يَعْذُبُ الغناءُ مع الهناء)..!!

أقبلت بشقيقي إلى المعهد، وقد فات من الحصة الأولى ما يناهز ثلثها، فأبصرْنا المدير في مكانه المعتاد من السكة (قائماً يترقّب) فأفزعتْنا رؤيتهُ، وروَّعتنا وِقفتُه... فأما أخي فما أن لمحَهُ هكذا، حتى نَقَزَ من مركبِهِ نَقْزةً ملص بها من بين يديه أو من خلفه، وجَحَرَ في المعهد، فبلغَ مأمنَه.. وقد يسَّر له هذه الخفة في العَدْو، والفوز بالنجاة من الشَّرار، أنه نسي دروسه ذلك اليوم، فلما خلت منها يداه، انطلقت رجلاه، فنال مُناه.. (والحمد لله).. وأما أنا - أخاكم - فإني لما عاينت ما عاينت ثنيت خِطام الدابة نحو المخرج بقوة وسرعة خاطفة حتى لكأني (أريد نهْبَها).. لكن لم أشعر إلا والأستاذ ينقضُّ من وكره ويُجْهز عليَّ قائلا:-»أُوقَفْ أُوقَف أَوَرِّيك يالسحات.. أنتْ ساسْ البلاْ.. أنت إلى ضَيَّعْت أخيّك» وقد كانت هذه الحَملةُ بمثابة (النفخة الأولى) أو قل:- النفجة الأولي.. أما الثانية، فلم أدر إلا والخيزرانة تحفّ شماغي وتكاد تطوِّح به لولا أن تداركتُ طرَفَهُ ثم إذا هي تصقع ذيل البغلة صقعة طَمَرَت بها خارج السكة خمسة أبواع، من غير أن يصيبني أذى أو يصيبها.

أجل لقد غنمت من ذلك أن شماغي ما طار (ولله الحمد)، وإنما الذي طار هو: (العقل ليس إلاّ)...

ثم إني ولّيْتُ هاربا إلى كلية الشريعة في أقاصي شارع الوزير جنوباً.. ومن المعلوم أن الفرار عند الخوف يكون حتى من المرسلين (عليهم السلام).. ومن أدلّة ذلك آيةٌ في سورة الشعراء.

أيها الكرام الأخوة، بهذا الذي بينت، منذ حللت رباط البغلة اليابانية في بيت الإخوان، حتى خَبطة المدير عجيزتها في سكة معهده، ثم»فراري منه لما خفتُه».. منذ ذلك (كله) لم أبلغ الكلية إلا بعد أن ذهب الدرس الأول، وانتشر الطلاب للفسحة.

وبعد، أيها الأفاضل، فإن من الثابت الذي لا يفتقر إلى دليل: أن الأستاذ المبجَّلَ (مدير المعهد) حينما أَلْوى نحوي مرسلاً عصاه في الهواء لاستقبالي وتحيتي - لكن من الخلف - لم يكن يتقصَّدني بإساءة أبداً أبداً، وإنما هو غايةُ الحرص على نظام الدخول، وتعليمنا قيمة الوقت لئلا يتكرر هذا.

وتأسيساً عليه:- فإنه لا تثريب على ذلكم المربي الأكبر (صاحب السعادة) قبل ثلاث وخمسين حِجَّةً، ثم (صاحب المعالي) بعد ذلك، فإنني أنا السبب الأوحد في تأخّر ابن أبي وأمي، فأنا (الكبير) وأنا ربُّ المطيّة، وأنا أمير الرَّكب.. و(ما أحسن الإمارة.... ولو على الحجارة)!! ثم إنني أنا المنشد الطرَبي للحون العِذاب..، أما أُخيِّي فانه مجرد رجْع الصَّدى على طول المدى.. وأنا - في الجملة - المسؤول الذي بيده مقاليد الرحلة كلها، مشْياً ووقوفاً، وإسراعاً وإبطاءً منذ خرجنا ودرجنا من بيت الإخوان حتى أبصرنا (هادم اللذات) في حوطة خالد.

هذا، وبعد الذي مضى من كلامي كلّه، فإن الذي يتدبر حكايتي هذه (من ذكريات حياتي) ويتأمل الموقف الطريف الظريف الذي كان لي ولأخي (عند باب المعهد) يبدو له فيه - من وجهة أخرى - عَجَبٌ من العجب يظهر جلياً بالمُسيئلة المليحة التي اضطرب فيها ميزان العدل (شيئا ما) وذلك أن الشيخ (عبدالله) لما رأى سَميَّهُ (عبدالله) قد أفْلت منه، حَشَرهُ الغضب، فأخْمد سَوْرتَه بي وحدي، لئلا يتحقق فلسه منا (الاثنين معا) فكأنَّه يقول:-»إن فاتتْني اللحمةُ فلا تفوتني المرقة».

ومناط العجب - هنا - أن الذي سلم وغنم هو: مصدر الواقعة (كلها) أخي (دامت سلامته) وأما الذي حوسب وعوقب، فهو باذل العُرْف والاحسان (محدثكم).

غيري جَنَى وأنا المعذب فيكم

فكأنني سَبّابةُ المتَنَدِّم

أجل:- أفلم أكن الذي جلب إلى المعهد أحد طلابه، فأقْلَلت عدد الغائبين؟

وأحسنت إلى التلميذ نفسِه، إذْ حملته على جحشي ومكنته من الانتفاع بالدرس الأول؟

فكان حاصل الجهدِ الذي بذلتُه، والوقت الذي ضَيَّعته، والهمّ الذي تجرعته: أن رزئتُ فوائد الحصة الأولى (كلها).. ثم وُتِرتُ شيئاً من مالي، وذلك بأن حسم مني شطر مكافأة ذلك النهار المبارك.. ناهيك عن الترويع والتصويع الذي مُنيت به في (ساحة النزال)!!.. وبهذا أكون حظيت - ولله الحمد - بالجزاء (السنماري) الأوفى، بدلاً من الشكر الجميل والثناء الجزيل.. وأما شريكي في البليّة، فقد اجتاز الصراطَ وخَبْط الأصواط، فطابت له الأمور، و»فاز باللذة

الجسور» وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء».

فأناسٌ يُمصّصون ثِماداً

وأناسٌ حلوقُهمْ في الماء

هذا، وقد ذكرتني مسألة أخذ المحسن وترك ضده بقول النابغة:-

وحمّلتني ذنب امرئ وتركتهُ

كذي العُرّ يكوي غيره وهو راتع

فقد كانوا قديماً في الجاهلية إذا أصاب الإبل داءُ العُرّ، وهو (الجَرَب) أو قروح تصيب المشافر والقوائم فيخرج منها ماء أصفر.. أتدرون ما يفعلون؟ تكون الإبل في مباركها، وفيها البعير (الموبوء) فيؤخذ منها واحدٌ صحيح، ويكوى وهي تنظر إليه، فتبرأ كلها بإذن الله.. والعجيب - هنا - أن الذي ابتلي وكُوي هو البعير (السليم) الذي تُرك هو (السقيم) فسبحان الهادي الحكيم..

أيها الإخوان: بذلك تتمُّ هذه الأُقصوصة الذكرويَّة العتيقة التي جرت لي منذ أربعة وخمسين حولاً، وقد عَنَّت لي حين ألْممتُ ب(حوطة خالد) قبل أسبوع، فرأيت أن أحرك بها قلمي لأُفرِّج الملالة، شأنَ الموظف المتقاعد يلتمس ما يمتِّعه ك(خُذْروف الوليد)..

وأنا قد أظنّ حديثي هذا لا يجوز لكثير ممن يقرؤه، لطوله.. وثقالة فصوله، ولأنه يصوّر حالاً فرديّة مختصة بربِّها الذي أنشأها وحرّرها كتابة في الجريدة.. وعلى هذا، فإن صلح منه شيء للقارئ، فذلك من فضل الله وهو (غاية مرامي) وإن كانت الأخرى فالعذْرَ العذر.. ثم يحق لمن يراه أن يصدّ عنه منذ الأسطر الأول وهو يردّد مثلنا العاميّ: «حُوفِك يالرّفْلا كُوْليه».

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد