Al Jazirah NewsPaper Thursday  22/07/2010 G Issue 13811
الخميس 10 شعبان 1431   العدد  13811
 
قدرات اتصالية خفية
علي الخزيم

 

إذا تذكرت صديقاً أو قريباً لك، ودار في ذهنك أنك قد أمضيت مدة دون التواصل معه بزيارة أو اتصال أو سؤال عنه فبادر حالاً بالاتصال به وأشعره أنك بصدد زيارته، وأنك أردت من هذا الاتصال بداية سماع صوته والاطمئنان عليه، وثانياً تحديد موعد لضمان اللقاء به، ومن تجاربي في توارد الخواطر هذه أنني حينما أتذكر عزيزاً على نفسي أتوجه نحو باب المنزل وأنصت متوجساً لرنين إحدى آلتين فإمَّا جرس الباب أو جرس الهاتف، وفي كلتا الحالتين يكون هذا العزيز هو القادم أو المهاتف.. والمواقف والحوادث اليومية أثبتت أن ثمة رابطاً نفسياً وجدانياً يدعونا لهذه الأفكار والخواطر، فحين تتصل بأحدهم للتعبير عن شوقك له يكاد يقسم أنه كان يفكر فيك وينوي الاتصال أو القدوم إليك، ويشكرك على المبادرة ويؤكد أنك سبقته لهذا الفضل، وهذا ما جعل بعض العامة تقول: (إذا طرى لك بعض الرجال ولَّم الدلال)، ولا بد أن لدى علماء النفس بعض التفسيرات لهذه الحالات، مثل أن تكون متجهاً لمنزلك وفي عرض الطريق ينتابك شعور أن أحد أقاربك قد وصل وعائلته قبلك للمنزل دون أي مؤشر سابق لذلك رغم أنه يسكن بمدينة أخرى، وبالفعل يكون الأمر كذلك، وهذا ما يفسره بعض المتخصصين بالحاسة الإضافية، وفي تصوري البسيط أن الإنسان يملك أكثر من حاسة إضافية بوظائف متعددة تمنحه أحياناً صدق الحدس والتخمين فيجده حقيقة مشاهدة، غير أن هذا يختلف عما يحدث دون حدس أو مشاعر تخمينية قد تصدق أو لا، وأميل إلى أن هذا الشعور الغريب لا يدخل في إطار الفراسة التي يهبها الله لبعض خلقه فهذه الملكة وإن توفرت لإنسان بالفطرة في بداياتها إلاَّ أنها تحتاج لمراس وتطوير بين الإنسان وذاته حتى يصل إلى درجة يستطيع معها أن يعد نفسه بين ذوي الفراسة، وهذه الموهبة عند العرب تعددت أغراضها ففي حين يقرأ عربي وجه الآخر وهو غريب عنه ويعرف من أي عرب هو، تجد عربياً ثانياً يتفرس وجه الغريب وملامحه ويستنتج منها صنعة أو حرفة ذاك الرجل, غير أن ثالثاً يكون قد التفت إلى كلام الرجل أو حركاته فعرف أنه مضيوم أومظلوم أو ذو حاجة ونحو ذلك دون أن يفصح الغريب عن نفسه أو يتحدث عن أحواله؛ لكنها الفراسة عند العربي, وهي عند غيرهم لكن كثيراً من العرب عرفوا بذلك ومنهم من برع وأبدع في هذا الشأن.. حتى أن منهم من يعرف شخصية الإنسان وجنسه وعمره من آثار قدمه على الرمل إن وجد, وأكثر من ذلك أن قصصاً تقول: إن بعض ذوي الفراسة نساء ورجال يعرفون صاحبة آثار القدم ويحددون إن كانت متزوجة وهل هي حامل أو غير ذلك, أعود للحواس الإضافية الخفية عندنا وأُشير إلى أن أمثالاً قد صيغت في كل بلد وفي كل قطر تتفق في معانيها وإن اختلفت في كلماتها وإيماءاتها, وهي لا تهمل الوجهين الطيب وضده لهذه الحاسة, أقول هذا ولا أخضعه لمعايير وتجارب علمية لها كلمة الفصل فيه.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد