Al Jazirah NewsPaper Thursday  22/07/2010 G Issue 13811
الخميس 10 شعبان 1431   العدد  13811
 
قراءة في مراحل تطور مجلس الشورى وتحديثه
حمد بن عبدالله القاضي

 

مجلس الشورى مر بثلاث مراحل: مرحلة الاستئناف أو التأسيس الجديد ومرحلة التطوير ثم مرحلة التجديد، وكل مرحلة كان لها منجزها وبصمتها، وكان من توفيق الله لهذا المجلس حسن اختيار القيادة لمن يتولون رئاسته ممن يتسمون ببعد النظر والخبرة في العمل القيادي فضلاً عن علمهم الشرعي، فمعالي الشيخ محمد بن جبير - رحمه الله - هو أب هذه البداية الشورية الجديدة سواء في وضع نظامه أو رئاسته له وإنشاء جهازه، وممارسة العمل الشوري تحت قبته وظل يؤدي رسالته إلى أن انتقل إلى رحمة ربه، ثم جاءت مرحلة التطوير على يد رئيسه الثاني معالي الشيخ الفاضل صالح بن حميد، وتميزت فترة رئاسته بمنجزات مباركة سواء في تعديل نظام المجلس أو الانفتاح الإعلامي للمجلس ودخول المجلس إلى البرلمانات الخليجية والعربية والقارية والدولية، ثم جاءت المرحلة الثالثة «مرحلة التجديد» على يد رئيس المجلس الحالي معالي الشيخ الخلوق عبدالله بن محمد آل الشيخ الذي وضع في أولياته المزيد من تطوير وتجديد عمل المجلس والإضافة إلى خطواته التطويرية السابقة، وكان من أهم ما اهتم به تحديث قواعد العمل بالمجلس للمزيد من أداء مهامه التشريعية والرقابية ومواكبة مستجدات التنمية في الوطن، رغم أنه لم يمض وقت طويل على هذه الدورة، لكن تم تحديث العديد من بنود قواعد العمل بالمجلس وزيادتها مما سوف ينعكس على أداء المجلس سواء في قراراته أو رقابته أو إنجاز المطلوب منه مع اختصار الجهد وتوفير الوقت مما سيسهم - بحول الله - في المزيد من قيام المجلس بمسؤولياته، إذ إن مجلس الشورى شريك في صنع القرار وفي عملية التنمية كما قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وهو يفتتح أعمال السنة الثانية من الدورة الخامسة لمجلس الشورى لعام 1431هـ، وأي إنجاز لأعماله هو دفع لمسيرة منظومة التنمية في هذا الوطن العزيز.

ومن الخطوات الجديدة بالمجلس في عهد رئيسه الثالث الشيخ عبدالله آل الشيخ: زيادة تفاعل المجلس مع مؤسسات الدولة التي يناقش المجلس تقاريرها وذلك عبر الزيارات المتواصلة والمكثفة التي يقوم بها رئيس المجلس مع مجموعة من الأعضاء بحيث يزور وفد المجلس كل مرة إحدى المؤسسات الحكومية مع عدد من أعضاء المجلس المعنيين بعمل هذا الجهة، وقد كان لهذه الزيارات أثرها الفاعل في رؤية أعمال هذا الجهاز على الطبيعية، وأفاد المجلس من الاطلاع الميداني، فعندما تصل إلى المجلس تقارير الجهات فيتم تداولها عن رؤية ودراية وليس فقط عن طريق رواية وقراءة.

إن مجلس الشورى رئيساً وأعضاء ومنسوبين لا يرون أن المجلس وصل إلى الطموح الذي تريده القيادة ويتطلع إليه المواطن، لكن المؤكد أنه يسعى بخطى هادئة ولكنها فاعلة للمزيد من خدمة المواطن سواء فيما يتعلق بسن الأنظمة أو تعديلها أو مراقبة أداء الأجهزة الحكومية ورفع القرارات التي يتخذها المجلس إلى الملك ليوجه بشأنها بما يراه يخدم الوطن، وبخاصة أن قرارات المجلس تحظى بكل الاهتمام منه حفظه الله، وحسبنا عندما نسمع قرارات مجلس الوزراء كل أسبوع ونرى أن عديداً من هذه القرارات بنيت على قرارات السلطة التشريعية «مجلس الشورى»، لكن هذا لا يعني - مرة أخرى - أن مجلس الشورى حقق كل ما تريده القيادة ويتطلع إليه المواطن، بل يسعى إلى المزيد من الإنجاز والصلاحيات لكي يقوم بدور أكبر من أجل الوطن الذي يطمح إلى أن ينضم لموكب العالم الأول.

وإذا كان من شيء يفخر به مجلس الشورى - وأقول هذا عن تجربة - أنه لا حظر على رأي، ولا حجب لتوصية.. بل هناك (زر) يضغط عليه العضو مستحضراً عظمة القسم الذي أداه أمام ولي الأمر ليقوم بعمله بكل إخلاص وأمانة، إذ هو لم يأت عن طريق حزب حتى يراعي ما يريده، ولم تختره قبيلة حتى يجاملها، بل الذي اختاره «الوطن» ممثلاً بقائد الوطن.

إن المنصف يرى أن مجلس الشورى قام بأعمال مباركة منذ استئناف مسيرته، فقد أصدر عشرات، بل مئات الأنظمة المهمة التي تخدم حاضر المواطن وتستشرف مستقبله فضلاً عن دوره الرقابي الذي تهتم به الجهات التنفيذية وهي تباشر تنفيذ أعمالها، وقد أصدر المجلس مئات القرارات التي أسهمت في تقديم الخدمات للمواطنين الذين تنهض المؤسسات الحكومية بواجباتها نحوهم، بل كان للمجلس دور كبير في إنشاء واقتراح وزارات ومؤسسات وصناديق لم تكن موجودة.

وبعد:

يحسب لمجلس الشورى انفتاحه الإعلامي، فهناك شرفة للإعلاميين يطلون من خلالها على المجلس ومداولاته ومناقشاته دون أن يتدخل المجلس في تغطياتهم، والأمر موكول لضمائرهم وحرصهم على مصلحة وطنهم، وليس المطلوب منهم سوى الأمانة في العرض والدقة في النقل. والمجلس كغيره من مؤسسات الدولة يتعرض «للنقد» ويرحب بأي نقد بناء، وكمتابع فإنني أقرأ ما يتم نشره عن المجلس وأرى أن الكثير منه يضيف للمجلس ويسهم في تفعيل دوره.. ولكن هناك أحيانا بعض «النقد» الناتج عن عدم معرفة بأنظمة المجلس، فمثلاً هناك من يطالب بعدم مناقشة الاتفاقيات وهذا أمر غير ممكن لأن نظام المجلس الصادر بمرسوم ملكي ينص على ذلك وهو شأن برلماني في كل البرلمانات، فلا بد أن تعرض الاتفاقيات على المجلس وتتم المصادقة عليها ولا تأخذ شكلها النظامي إلا بذلك، وهناك من ينتقد مناقشة الموضوعات التي يراها غير مهمة لكن من المؤكد أن هناك من يراها مهمة وتعنيه، ومن واجب المجلس أن يتداول تحت قبته ما يريده من أنظمة أو تقارير.

ختاماً:

إن كان مجلس الشورى قد حقق بعض ما يوصي به ويرغبه خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وما يتطلع إليه المواطن، فإن أمامه الكثير لينجزه: مشاركة في القرار ومساهمة في مسيرة التنمية وتفاعلاً مع هموم الناس ومع كل ما يوفر أرقى الخدمات لأبناء الوطن.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد