Al Jazirah NewsPaper Saturday  24/07/2010 G Issue 13813
السبت 12 شعبان 1431   العدد  13813
 

عطر المتعلمين
إبراهيم بن سليمان الوشمي

 

في سنين غابرة كان العرب يحتفون بالمتعلم والكاتب نظراً لقلة الكتاب والمتعلمين، وقد اتخذ الخلفاء والولاة كتاباً في دواوينهم عرفنا منهم عبدالحميد الكاتب وغيره. وفي بداية تكوين المملكة العربية السعودية كان عدد المتعلمين قليلاً لذا فقد كان المتعلم والكاتب يفخر بعلمه وكتابته على الآخرين. يروى أن جماعة من الناس قصدوا الملك عبدالعزيز - يرحمه الله- للسلام عليه، وكان معهم أحد الكتاب الذي ظهرت على ثوبه بقع من الحبر، فلما كانوا في حضرة الملك أراد ذلك الكاتب أن يخفي تلك البقع التي في ثوبه احتراماً وإجلالاً، لكن الملك طلب منه ألا يفعل ذلك قائلاً: (هذا عطر المتعلمين) تشجيعاً له وتقديراً للعلم وطلابه. والذي يظهر والله أعلم أن تلطيخ الثياب بالحبر (المداد) عادة عربية قديمة فقد قرأت هذين البيتين لأحد الشعراء العرب يتهكم بكاتب مبتدئ فيقول:

حمار في الكتابة يدّعيها

كدعوى آل حرب في زياد

فدع عنك الكتابة لست منها

ولو لطخت ثوبك بالمداد

وعلى ذكر المداد، فقد كنا في المرحلة الابتدائية إذا اشترينا أقلاماً جديدة وأردنا تجربتها فإن والدي- يرحمه الله- يملي علينا هاتين العبارتين وقد استقاهما من كتب التراث العربي التي كانت تملأ مكتبته والعبارتان هما:

(تجربة قلم في مداد: لا يفلح من ظلم العباد) (تجربة قلم في قرطاس: لا يفلح من ظلم الناس) وكان رحمه الله متابعاً لنا في القراءة والكتابة والخط، ومن طرائف الإملاء التي عرفتها منه هي أن الضاد في كلمة (بيض) تكتب أختاً للطاء في حالة واحدة وذلك عندما تضاف كلمة بيض إلى كلمة الذر (صغار النمل) فتكتب هكذا (بيظ الذر) والعلة في ذلك أن حرف الضاد يبدو ثقيلاً صعب النطق إذا جاءت بعده الذال لذا وجب أن تستبدل الضاد بالظاء للضرورة. واليوم نرى ملايين المتعلمين والمتعلمات في بلادنا يتعطرون من العطر (المداد) الذي عناه الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه - دون أن يضطروا إلى تلطيخ ثيابهم به كما كان يفعل أسلافهم العرب، فنحمد الله على ذلك.

بريدة

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد