Al Jazirah NewsPaper Thursday  05/08/2010 G Issue 13825
الخميس 24 شعبان 1431   العدد  13825
 
عبد الله بن عبد العزيز.. زخ عطراً بحضن صباحنا العربي!
رمضان جريدي العنزي

 

بي ولع أن أكتب عن عبد الله بن عبد العزيز مرة تلو أخرى، هذا المتشح ببرد الحدائق والورد والأقحوان، الذي زخ عطراً بحضن صباحنا العربي الذي ابيض وهو كظيم...

حيث تراءى لي مثل شدو البلابل أو مثل رن الجناجل أو مثل ماء الجداول، حينما صير لنا الصوت العربي قوياً، ليس كهلاً ولا رخواً، وزاد بضوئه ضوأنا العربي حتى أصبح ضوؤه غير منسدل على الأطراف، وحتى أصبح موجنا العربي ليس له انكسار، وليلنا ليس به جرح، وفجرنا غير ذبيح، وفضاؤنا غير مرتبك، الأشباح لم تعد تتسرب إلينا من فوهات عمياء من كل حدب وصوب، لم تعد علينا مثل ركب يمر بجانبنا يرفسنا ومن ثم يهجرنا، لنا الفضاء الواسع، ولهم بقاياه، ركام من غبار ورمل، لنا نص مفتوح، ولنا تأويل لكن ليس له توقف، نتحرك بقوة، نشبه قامات النخيل، لمدانا نظرة واسعة، أشجارنا كثة بها ثمر مثمر، لنا كامل المرعى، بين أضلاعنا قصيدة جديدة، وفرح جديد، وترانيم أغنية جديدة، أرواحنا تصاعدت في النمو وفي الاستطالة، أصبحنا مكتظين بالجمال والزهو والرياح الحانية، لنا فجر وسطوع وشروق شمس، نسيمنا يهب عليلا، أرضنا خضراء منتجة، وقلوبنا لها ضربات دفوف، مواسمنا صارت تنبت، غيومنا تتجلى، ونفوسنا صارت تشبه باسقات النخل، وأرواحنا بها شيء من دفء وسمو، لنا خرائط بها ألوان زاهية، احتفالاتنا صارت ذات بهجة، وطيورنا أصبحت تغرد، ومعاطفنا تقينا المطر، لنهاراتنا مخاضات رطبة، وزرافات نخيلنا نمت تنتظر الغيمة الآتية، مياهنا عذبة، وغدراننا يؤمها القطا، نحرث البحر، إصرارنا غير مهمش، الكائنات الكامنة فينا تحولت إلى حقيقة، ليس لنا غموض وقت، وليس لنا ضجر مكان، متحدون بالأمل، الأمنيات عندنا لها طعم الطموح، وحزمة الضوء أنجزت لنا رقماً، حمى عناقنا غير مؤجلة، وفرشاة أصباغنا ليست كسيحة، لم يعد التيه يلقي علينا بصره، ليس لنا جرح هائل يمتد حاضناً دم يأسنا، كل شيء لدينا واضحاً ونقياً، لم نعد نجتر الحكايا القديمة، والمشاعر المدثرة بالظلمة، أصبحنا لا نشبه الشجرة التي تعيش رهينة تربتها ومائها وهوائها، لقد انبعثنا من جديد، أصبحنا مندهشين بالحياة والنهر والقمر ورذاذ المطر، لقد طوحنا جراحنا التي طوقتنا بأجراسها، نجومنا التي كسرت ثلمة الليل منحتنا شيئاً له بريق، العالم الآخر لم يعد يهجرنا إلى الضفة الأخرى، أصبحت قلوبنا تشع عطفاً وألقاً وضوءاً، ظهيرتنا لم تعد حارقة، ووجوهنا غير شاحبة، لم نعد نمشي وحيدين بلا أنيس، حزننا الذي يشبه نبتة أضناها العطش زال، حناجرنا في المحافل الدولية لم تعد ضيقة، وصوتنا صار قوياً، الليل الذي ألقى علينا خرزه الأسود، صار بهاء ونوراً، أصبحت سفننا تبحر كثيراً فوق الماء وتحت لهيب الشمس، نترنح بين الهواء وبين الماء، نوارسنا صارت جميلة، أصبحت لنا عذوبة راعشة، ممددين في البحر ما بين الضفة والضفة، لم تعد سهام النار تطعننا، ولم نعد مدججين بالغموض وبالأسئلة، ولم نعد نتهاوى عصفاً في الفراغ، ورودنا بيضاء نعلقها على صدورنا الكبيرة، شفاهنا لم تعد يابسة من تعب الصياح، وأشجارنا أصبحت مثمرة، أفراحنا غير مؤجلة، إنه عبد الله بن عبد العزيز حينما علمنا كيف نطوف ضاحكين فوق رؤوس الأشهاد بحداء يشبه المرمر أو يد فاتنة زينتها الحناء، وكيف نلوذ بعشق يشبه سحر النشوة، وكيف نغفو فوق وسائدنا، نستلهم رعشات الفجر، وآهات الذكرى، وكيف نغسل أوجاعنا وهمومنا وجراحنا العربية، وكيف نطويها كموج، وكيف سنجتر الأمس، وسنتوهج كنافورة عطر، وكيف ننام بأجساد غير ناحلة، ورؤوس لا يمسها المطر ولا الرياح العاتية ولا ضربات الشمس.



ramadanalanezi@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد