Al Jazirah NewsPaper Saturday  07/08/2010 G Issue 13827
السبت 26 شعبان 1431   العدد  13827
 
وغنت ورقصت أم الأولاد
د.عبد الرحمن بن سعود الهواوى

 

في مساء كل يوم أربعاء يحضر الأولاد والبنات ومعهم أطفالهم ونسوانهم وخداماتهم إلى البيت، وهذه عادة متبعة عندنا، وفي هذا اليوم تكون أم العيال في أعلى درجات الفرح والسرور، أما حالها في الأيام الأخرى

فهي حزينة، صدرها ضيق، ولا تحب الكلام مع أحد إلا بشفاعة من الشغالة.

وفي ليلة من ليالي يوم أربعاء دخلت إلى البيت بعد صلاة العشاء، فسمعت أصوات الأولاد والبنات وأولادهم، ولم أسمع أصواتاً للأطفال، فسألت الشغالة عن أم الأولاد والأطفال: أين هم ؟ فقالت: ماما في غرفة ترقص وتغني مع ولد.. فأطليت من نافذة الغرفة فرأيت أم الأولاد جالسة وقد رمت بشيلتها جانباً وحولها يجلس أبناء وبنات أولادها، وهي تغني وتطبل بيديها على قدر أمامها والأطفال يغنون ويضحكون ويصفقون لها، وبعد فترة تترك الضرب على القدر، وتصفق بيديها، وهي تقول للأطفال: قوموا أرقصوا، فيرقصون وهي تضحك بأعلى صوتها، وتقول لهم: أرقصوا وغنوا يا مهجة قلبي.

وعندما شاهدت هذا الوضع، وهذه الحالة أصابتني رعشة مع خوف، وأنا أقول في نفسي: يا الله سترك، فضحتنا أم الأولاد عند الناس والجيران، فدخلت عليها في الغرفة مسرعاً، فسكتّها وسكت الأطفال، وأمرتهم بالجلوس وهم يرتعدون من الخوف، وأنا أقول لها: يا نورة فضحتينا عند الجيران. يا نورة، الله يهديك يا نورة، بعد كل هذا العمر صرتي تغنين وتطبلين وترقصين، أنتِ ما سمعتِ أن الغناء والضرب على الطبول والتزمير بالناي وجر الربابة والرقص كلها أمور مكروهة، لقد أفتى بهذا من أفتى، وأنت على هذه الحال في كل ليلة أربعاء. يا نورة خوفي من ربك، فضحكت أم الأولاد وهي تقول: أنا أطبل على قدر من قدور مطبخي، وأغني وأصفق وأرقص مع حبايب قلبي أطفال أولادي وبناتي، أنا لم أشاور أحداً ولم آخذ إذن من أحد، المشكلة لو أنك عندما دخلت علي وجدتني أدندن وأعزف على عود، كما كانت تفعل توحة..

الظاهر أنك -يا زوجي- كلما كبرت تغيرت ونسيت ما كنت تفعله في السابق، نسيت عندما كنت ترفع صوت المسجل بأعلى صوته، وأنت تتسمع لغناء أم كلثوم، وفريد الأطرش، ومحمد زويد، وعوض دوخي، وطلال مداح ومحمد عبده وحجاب.. ونسيت رقصك مع أغاني المطربين في التلفزيون في أول سنواته... قم من عندي وادخل إلى الصالة سترى بناتك وأولادك يتفرجون على قنوات الرقص والغناء المختلفة... اسمع يا زوجي: أنا قبل أن أتزوج عليك كنت أنا وبنات القرية نرقص ونغني مع الحريم في أحد البيوت أيام الأعياد، ولم يتعرض ويمنعنا أحد من أهلنا، وأهل قريتنا من شباب ورجال يرقصون ويغنون في العرضة في البر.. فقلت لها: يا نورة الأحوال تبدلت وتغيرت.. الناس عندنا -ولله الحمد- اتجهوا إلى الورع والسكينة؛ فكل ضربة قدر، ورنة عود وصوت ربابة.. و.. و.. يزعجهم لأنه مكروه عندهم.. يا نورة اتركي عنك هذه الخرابيط وتوبي، ففي فعلك هذا تخربين أطفال أولادك وبناتك.. الغناء والرقص ما فيه فائدة.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد