Al Jazirah NewsPaper Tuesday  10/08/2010 G Issue 13830
الثلاثاء 29 شعبان 1431   العدد  13830
 
وفاء البنات وعقوق الأبناء
مهدي العبار العنزي

 

في الجاهلية كان الرجل يتوارى من القوم حين يبشر بالأنثى وقد ذكر القرآن الكريم ذلك في قوله تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} النحل الآية 58 و59، هكذا خلق الجاهليون بأنفسهم لأنفسهم مفهوماً اجتماعياً متخلفاً عاشوا دوامته وعمقوا مأساة الأنثى؟ وأصبحت المأساة المتمثلة في وأد البنات تنتشر في كل القبائل العربية في ذلك الزمن، حتى إن الرجل الذي تولد له بنت تحل عليه مصيبة كبيرة؟!

وعندما جاء الإسلام حرم كل ما هو حرام وأحل كل ما هو حلال، وبيّن سيد البشرية نبي الهدى صلى الله عليه وسلم مكانة الأنثى وكرّمها وحث على تربية البنات ورتب على ذلك أجراً عظيماً فقال: (من عال جارتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه) يا له من تكريم من نبي كريم.

ورغم ما للمرأة من مكانة كبيرة وأهمية بالغة فالكل يعرف أنه لا وجود لرجل بدون امرأة فهي الأم والأخت والزوجة إلخ.. ومع هذا فإن كثيراً من الناس يتعاملون مع المرأة بدون رحمة ولا شفقة وكأنهم بذلك يقلدون أجدادهم قبل الإسلام، فالمرأة تعاني من تسلّط الرجل وهيمنته والتفرد برأيه وعدم الاهتمام بالمرأة مهما كان موقعها ومكانتها حتى أنه إلى عهد قريب كان بعض أبناء البادية عندما تلد زوجته ولداً يتسابق أقاربه ليبشرونه فمنهم من يقول ابشر لك براعي، بمعنى أنه إذا كبر يرعى الإبل ومنهم من يقول ابشر لك بخيّال، بمعنى أنه إذا كبر يكون فارساً يستطيع ركوب الخيل والتعامل معها، والوالد بدوره يقدم البشارة وهي إما مال أو حلال!! أما البنت لا يبشروا بها والدها لأنهم لا يقيمون للأنثى وزناً، فهي لا ترعى الإبل ولا تركب الخيل ولا تقاتل الأعداء؟

إن كثيراً من هؤلاء وبعد أن استوطنوا في المدن وعرفوا حياة الحضارة تبدلت نظرتهم وعرفوا قيمة الأنثى لأن أبنائهم الذكور يمارسون معهم العقوق بكل أصنافه، وأصبح الولد عالة على والده، وأصبحت الأنثى صاحبة الدور المؤثر، فهي أكثر حناناً وعطفاً على والدها أكثر من الذكر وهي ترعى شؤونه حتى إن كثيراً من كبار السن المقعدين لا يجدون من يرعاهم إلا بناتهم حتى ولو كنّ متزوّجات، تجد هذه البنت تذهب بوالدها إلى المشافي وتحمله على عربة متحركة وعندما يعود إلى البيت لا يجد من الأبناء الذكور إلا الطلبات وكثرة المشاكل ومنهم من يتمنى مغادرته لهذه الدنيا طمعاً بماله أو براتبه التقاعدي. إن المجتمع بأسره مدعو لتقدير دور الأنثى الإنساني والوفاء لها والعدل بكل كبيرة وصغيرة، لأن الإسلام يحث على العدل وإنه واجب على المسلم في تعامله مع كل الناس فاعطوا المرأة حقوقها كاملة بما يتماشى مع الدين الحنيف، فالمرأة العاقلة لا تريد أكثر من ذلك!!





 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد