Al Jazirah NewsPaper Friday  20/08/2010 G Issue 13840
الجمعة 10 رمضان 1431   العدد  13840
 

الشيخ ناصر الشثري في (الوزير المرافق)

 

رحم الله غازي القصيبي فقد كان كعادته يتحفنا بكتاب أنيق بين الفينة والأخرى ليذكرنا بعهد جميل رحل فيه رجال لهم في القلوب منازل لا ترتحل من طراز خالد بن عبدالعزيز الملك المحبوب..

غازي القصيبي في إصداره الجديد (الوزير المرافق) والذي لم يصل إلى المكتبات بعد وإن كان في طريقه إليها وقد شدني فيه قصة أوردها عن شيخنا ووالدنا معالي الشيخ ناصر أبو حبيب الشثري هذا الرجل الذي لا أعرف من أين أبدأ ولا أين سأنتهي إذا كتبت عنه فقد عرفنا العلماء وعرفنا الوجهاء وعرفنا الكرماء وعرفنا أصحاب القلوب الرحيمة وعرفنا من يعرف المعاريف وسلوم العرب وأما معالي الشيخ بشهادة القاصي والداني فقد جمع ذلك كله ولعلي أدون هنا حادثة وقفت عليها بنفسي في مجلس معالي الشيخ وقد جاء مسؤول القهوة يخبره بأن حمامة قد حلت إحدى شرفات البيت واتخذتها بيتاً لها فقال له الشيخ ناصر لا تتعرضوا لها بسوء ولا تزعجوها من مكانها وكرر ذلك باهتمام بالغ ثلاث مرات فعلق الشيخ سعد بن ناصر الشثري بقوله: نظفوا لها المكان واهتموا بها فقلت هكذا هم العرب وهكذا هم المسلمون المتبعون لسنة النبي المختار عليه الصلاة والسلام والذي أوصانا بالبر حتى للحيوان وفي سيرته العطرة الشيء الكثير من الرفق بالطير عليه الصلاة والسلام..

نعود لكتاب الدكتور غازي القصيبي رحمه الله والذي قال فيه واصفاً لرحلة وفد سعودي لأحد البلدان العربية على رأسه الملك خالد والأمير سلمان وأيضاً معالي الشيخ ناصر الشثري والمؤلف ونقل في هذا الكتاب مناقشة بين الوفد السعودي ورئيس الدولة المستضيفة وقد شارك في النقاش والرد كل من الملك خالد والأمير سلمان والشيخ ناصر والوزير القصيبي وكانوا على قلب رجل واحد والنقل هنا مختصر خشية الإملال والإثقال فقال على لسان رئيس الدولة المستضيفة: (أنا لم أنكر السنة كلها أنا آخذ بالسنة العملية كل مسائل الصلاة والصيام والحج والزكاة مما كان الرسول يفعله أمام المسلمين كلهم أنا أعترف به ولكني لا آخذ بالسنة القولية).

أكثر الأحاديث المنسوبة إلى الرسول ملفقة ومزيفة وكتبت بعد وفاته بمدة طويلة (كيف يمكن الاعتماد عليها؟ أمامنا القرآن أن إلا أعترف إلا بالقرآن لا أناقش إلا بما جاء في القرآن.) وقد علق القصيبي بقوله لا أبالغ إذا قلت إن هذا الموقف الديني أزعج الملك خالد كثيراً ثم واصل الدكتور غازي سرد القصة فقال (وانبرى السعوديون للرد وكان أفصحهم الشيخ ناصر الشثري أمام الملك ورفيقه الدائم ومستشاره في الشؤون الشرعية إلا أن الرئيس لم يقتنع ثم خرج علينا الرئيس برأي آخر فقال: في القرآن إشارات ودلالات إلى أن الإسلام هو دين العرب وحدهم محمد كان عربياً والقرآن نزل بلسان عربي للعرب الإسلام لا يصلح إلا للعرب والعرب لا يصلحون إلا للإسلام وبالتالي يجب أن يكون العرب جميعاً مسلمين أما غير العرب فلا ينبغي أن يكونوا مسلمين إن أي مسلم غير عربي هو شعوبي مخادع لم يدخل في الإسلام إلا للكيد له وهنا انطلق الشيخ ناصر الشثري في محاضرة طويلة معززة بالقرآن الكريم والأحاديث النبوية مؤداها أن الإسلام للبشر جميعاً إلا أن الأخ الرئيس رفض أن يتزحزح عن موقفه انتقل الحديث بعد ذلك إلى تعدد الزوجات فقال الرئيس تعدد الزوجات مبدأ لا يعرفه الإسلام ولا يعرفه القرآن اقرأوا النص القرآني (وَإِنْ خِفْتُمْ ألا تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء) هذه الرخصة مقصورة على الفتيات اليتيمات اللواتي يتربين في حضانة رجل يود حمايتهن عن طريق الزواج بهن فيما عدا ذلك لا يجوز التعدد مطلقاً ويبدو أن الأخ الرئيس لم يقرأ ما كتبه المفسرون حول عبارة (وَإِنْ خِفْتُمْ إلا تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى) أو قرأه ولم يقتنع به وانقض الشيخ ناصر كعادته على الأخ الرئيس وكان الملك خالد يتابع النقاش وهو يبتسم وكأنه يستغرب ضلال هذا الرئيس. من كتاب الوزير المرافق للدكتور غازي القصيبي صفحات 128و129و130 لقد غضب الملك خالد لدينه وهو الرجل الصالح الموسوم بالخير والبر وقد أجزل الأمير سلمان بالرد وكذلك الدكتور غازي ومعالي الشيخ وحملت هذه القصة شيء من الفكاهة والفائدة والشعور الرائع بوحدة الصف السعودي.

ولو سمعت القصة في مجلس لما نقلتها ولكنها كتبت من شاهد عيان بقامة غازي القصيبي وفسح الكتاب من وزارة الإعلام ليسجل تاريخاً قريباً حلواً نلمس فيه التآخي بين الكبار والصدق في النوايا والدفاع عن قضايا الدين الإسلامي من الرجل السياسي والديني والاقتصادي السعودي وليعلم الجميع أن أبناء الوطن لحمة واحدة في وجه الشبهات والمفسدات للتصور الإسلامي الصحيح.

وقد كان لمعالي الشيخ ناصر نصيب من شعر الدكتور غازي القصيبي يقول:

معالي الصديق الشيخ ناصر الشثري مع الشكر والتحية:

نزف الشكر أصنافاً

وأشكالاً وألواناً

فقد أوسعتنا كرماً

ونوسع نحن شكرانا

أتتنا منك ضيافات

فرحبنا بما جانا

وضيفنا بها أهلاً

وأصحاباً وجيرانا

ولم نترك بفضل الله

في الحارة جوعانا

سلمت لنا أخي ناصر

كم أكرمت إخوانا

وحمداً للذي أعطاك

وهاباً وأعطانا

فرحم الله الميت وألبس الحي ثياب الصحة والعافية ودام الوطن متألقاً برجاله،،،

t-alsh3@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد