Al Jazirah NewsPaper Thursday  26/08/2010 G Issue 13846
الخميس 16 رمضان 1431   العدد  13846
 
الاستثمار المربح والآمن
فضل بن سعد البوعينين

 

يبحث المستثمرون عن الاستثمارات الآمنة التي تحقق لهم العوائد المجزية، وتحميهم في الوقت نفسه من تحمل المخاطر التي قد تقضي على رأس المال. الأمان والربح هما غاية المستثمرين باختلاف توجهاتهم الاستثمارية والقطاعات التي ينتمون إليها. فهدف المستثمر المحترف حماية رأس المال أولاً، ومن ثم البحث في تفاصيل الأرباح المتوقعة. المستثمر الحذق كمدرب فريق كرة القدم المحترف الذي يبني خططه على عدم تلقي فريقه الأهداف، ومن ثم الانطلاق نحو تسجيل الأهداف وكسب المباراة.

بعض رجال المال والأعمال يعتمدون في قراراتهم الاستثمارية على المستشارين الماليين، وخبراء الاستثمار، وعلى الرغم من عدم قدرة الخبراء على ضمان الربح، أو حماية رأس المال من المخاطر، إلا في حدود ضيقة، يُقدم هؤلاء على عقد صفقاتهم الضخمة اعتماداً على مشورة مُستشاريهم طمعاً في الحصول على الأرباح التي قد لا تتجاوز نسبتها 10 في المائة من رأس المال. الغريب أن إقدام بعض رجال المال على الدخول في صفقات غير مأمونة العواقب، والمغامرة من أجل تحقيق أرباح محدودة، يقابله تمنعا وإحجاماً عن الإنفاق والدخول في استثمارات آمنة، وتجارة لا تبور؛ مضمونة العوائد مع خالق الكون، ومدبر الأمر، وباسط الرزق، القائل في كتابه العظيم: ?إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ.. لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ?. وفي الزيادة والنماء ومضاعفة الأجر قال تعالى: ?مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ?. بل إن الله سبحانه وتعالى مقسم الأرزاق، وواهب النعم، ومن بيده خزائن السموات والأرض القائل: ?قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ?، يستحث المؤمنين على الإنفاق من ماله الذي بسطه لهم، وأن يجعلوه قرضاً عليه، سبحانه وتعالى، فيضمن مضاعفته أضعافاً كثيرة تصل إلى سبعمائة ضعف؛ قال تعالى: ?مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ?. وفي الحديث الشريف «ما تصدق أحد بصدقة من طيّب، ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرة، فتربُو في كف الرحمن، حتى تكون أعظم من الجبل، كما يُربِّي أحدكم فَلُوّه أو فصيله». ثوابت من القرآن والسنة تؤكد على نجاعة الاستثمار في الصدقة، وأنها البركة والخير والنماء في الدنيا والآخرة، وهي الباقية بعد أن يفنى العبد، بل إن أرباحها تتضاعف دون انقطاع، في الوقت الذي ينقطع نفع ماله بتوزيعه على ورثته، فإن أحسنوا له من بعض ماله، وإلا خسر ما جمعه، وتحمل حسابه. روي عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قوله: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له).

ما أحوج الجميع في هذه الشهر الفضيل إلى البذل والإنفاق على الفقراء والمساكين، ذوي القربى على وجه الخصوص، والاستثمار في مال الله بما يرضيه ويعود على المنفقين بالنفع الكبير في الدنيا والآخرة. ما أكثر الفقراء والمساكين بيننا، وما أكثر المحتاجين المتعففين ممن لا يسألون الناس إلحافا، ممن قال الله فيهم ?لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ?. لو تفقد كل غني سبعة من جيرانه ومد يده للمحتاجين منهم، ولو أخرج كل مليء زكاة ماله التي أوجبها الله عليه، وسلمها مستحقيها، ولو قامت مصلحة الزكاة والدخل بتحصيل الزكاة المستحقة كاملة غير منقوصة، وإعادتها مباشرة للفقراء والمساكين، ولو قامت الجمعيات الخيرية بدورها الفاعل، وحصرت الفقراء والمحتاجين في محيطها الذي تعمل به، وأنفقت الأموال في مصارفها بدلاً من تكديسها والتباهي بأرصدتها المليئة لَكُفي الفقراء عناء السؤال، و لحُفظت كرامتهم، ولَقُضي على معضلة الفقر في المملكة.

مصيدة المراصد الفلكية

يبدو أن المراصد السعودية باتت تتسابق فيما بينها للإعلان عن مواعيد الأهلة التي يُرصد بها دخول شهر رمضان، عيد الفطر، شهر ذي الحجة المحدد للوقوف بعرفة. الإعلان عن توقعات تلك المراصد، برغم الخلاف فيما بينها، في وسائل الإعلام قد يشكك المسلمين بمواسم العبادة الرئيسة. أخشى أن تتحول تلك التوقعات الفلكية مع مرور الوقت إلى حقائق مؤثرة تزرع الفرقة في المجتمع الواحد وهو أمر بالغ الخطورة. إعلان دخول شهر رمضان المبارك، عيد الفطر، وشهر ذي الحجة، وبالتبعية الوقوف في عرفة من الأمور الرسمية الموكلة لولي الأمر لذا ينبغي أن يكون هناك تنظيم رسمي يحد من التغطية المبالغ فيها لتوقعات المراصد الفلكية، أو جرأتها في التشكيك بما يصدر عن مجلس القضاء الأعلى، وما يصدر رسمياً من ولي الأمر.

****

F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد