Al Jazirah NewsPaper Thursday  26/08/2010 G Issue 13846
الخميس 16 رمضان 1431   العدد  13846
 
عدد من المشائخ والأكاديميين والمختصين بالقصيم يشيدون بالأمر الملكي بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء
هذا التوجيه من القرارات والوثائق التاريخية لخادم الحرمين الشريفين ومن الأمور الإصلاحية بهذه البلاد المباركة

 

بريدة - عبدالرحمن التويجري

أشاد عدد من أصحاب الفضيلة والأكاديميين والمختصين بمنطقة القصيم بالأمر الملكي الكريم الذي أصدره مؤخراً خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء.. حيث تحدثوا ل (الجزيرة) عن أهمية مثل هذه الأوامر الكريمة التي تصب في مصلحة الجميع واعتبروها من القرارات والوثائق التاريخية لخادم الحرمين الشريفين ومن الأمور الإصلاحية بهذه البلاد المباركة داعين الله تعالى أن يحفظ لهذه البلاد قيادتها وأمنها واستقرارها..

الملك يجسد بهذا الأمر تطبيق الكتاب والسنة

ففي البداية ثمن فضيلة رئيس محاكم منطقة القصيم الشيخ منصور بن مسفر الجوفان بالأمر الملكي الكريم الموجه من خادم الحرمين الشريفين-حفظه الله تعالى- إلى سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ والجهات المعنية بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء، وطلب الرفع عمن تتوفر لدية الكفاءة والأهلية التامة للاضطلاع بمهام الفتوى للإذن لهم بذلك، وعد فضيلته الأمر الملكي الكريم من القرارات والوثائق التاريخية لخادم الحرمين الشريفين ومن الأمور الإصلاحية التي له الريادة فيها. ويجسد - حفظه الله تعالى- بهذا الأمر الملكي تطبيق الكتاب والسنة فقد حرم الله في كتابه العزيز القول على الله بلا علم فقال سبحانه {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}، وهو بهذا الأمر الملكي يحمي حمى الدين. ويحمي المؤسسات الدينية من التعدي عليها وعلى صلاحياتها ومسؤولياتها ووضع الأمور في نصابها الصحيح فقال حفظه الله: (ولا أضر على البلاد والعباد من تجرؤ على الكتاب والسنة وذلك بانتحال صفة أهل العلم. والتصدر للفتوى... إلخ) وقال «فشأن يتعلق بديننا ووطننا. وأمننا وسمعة علمائنا ومؤسستنا الشرعية التي هي معقد اعتزازنا واغتباطنا لن نتهاون في... إلخ».

كما أكد حفظه الله على وحدة الصف والكلمة لأن الخلاف والاختلاف والتنازع شر يورث الفتنة والتناحر والتباغض تجسيداً لقولة تعالى {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}.

كما أن صدور الفتوى من غير علم تورث الخلاف والفتن، وأبان حفظه الله الدور الحقيقي لمنبر الجمعة وأنه للإرشاد والتوجيه الديني والاجتماعي بما ينفع الناس لا بما يلبس عليهم دينهم ويستثيرهم في قضايا لا تعالج عن طريق خطب الجمعة محذراً من توظيف منبر الجمعة لأغراض تخرج عن أهدافه.

كما قرر حفظه الله مبدأ المحاسبة. أنه لن يتهاون في شأن يتعلق في الدين والوطن والأمن وسمعة العلماء إلى آخر ما جاء في التوجيه الكريم الذي يعد منهجاً مستمداً من الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح. فلتهناً هذه البلاد بخادم الحرمين الشريفين قائداً لمسيرتها وبانياً لعزها ومجدها.

وفي الختام سأل الله أن يحفظه دائماً وأبداً ذخراً لبلادنا للإسلام والمسلمين ويمنحه الصحة والعافية ويمده بعونه وتوفيقه وأن يديم على بلادنا نعمة الأمن والأمان ورغد العيش أنه سميع مجيب.

الواقع والمجتمع شاهدان على الحاجة إلى ذلك

وقال فضيلة مساعد رئيس محاكم منطقة القصيم الشيخ سليمان بن عبدالرحمن الربعي: إن ضبط الفتوى وحصرها في أهل الذكر والعلماء الراسخين في العلم ممن نصبهم ولي الأمر للفتيا أمر يتطلبه واقع الأمة، فالواقع والمجتمع شاهدان على الحاجة إلى ذلك، إذ إن ترك الأمر مجرداً عن الضوابط ومتطلبات المفتي يحدث خللاً بينا يجعل الناس في حيرة من أمرهم وخاصة في ما يتعلق في أمر دينهم عقيدة وسلوكاً عبادة ومنهجا وفهماً فليست الفتوى حماً مستباحاً لكل أحد، والله عز وجل يقول «ولا تقف ما ليس لك به علم» ولقد تورع عن الفتوى كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنف العلماء قديماً وحديثاً في ذلك مؤلفات عدة بينوا فيها عظم وخطر الفتوى، فهي إعلام بحكم الله ترتعد لها الفرائص وتهتز لها أفئدة الأفذاذ من العلماء الراسخين في العلم، وإدراكا لعظم هذا الأمر ولضرب سياج منيع على حماة إلا من أهله جاء أمر خادم الحرمين الشريفين وحارس العقيدة وناصر الدين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - بإصدار أمره الملكي إلى سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء ومن يرى سماحته أهليته وكفاءته التامة للاضطلاع بمهام الفتوى وأمرها العظيم رافعاً- حفظه الله- الحرج عن الأمة في أمور عبادتها ومعاملاتها وأحوالها الشخصية فيما يتعلق بالفتاوى الخاصة الفردية غير المعلنة بين السائل والمسؤول، وهكذا أمَّنَ ولي الأمر الأمة من كل مايشتت أذهانها ويخل بعباداتها وعلاقاتها مع خالقها سبحانه، والناس في هذا الزمان تغيرت أحوالهم وأصبحوا يسألون عن أمور لا يجيب عنها إلا الفقهاء المجتهدون في الأمة ولكن ترى أنه يتصدى لها من قلت بضاعته في العلم وأحوال الأمة ومتغيراتها فيحدث بذلك بلبلة وخللا، ولقد جاء الأمر الملكي الكريم والناس في حاجة إليه ويجب امتثاله وعدم الخروج عنه، وقد بين حفظه الله أن هذه الدولة قد أوجدت منذ تأسيسها مؤسسات شرعية تعنى باختصاصات معلومة وهي قائمة بواجبها على الوجه الأكمل فلا يجوز بحال تعديها أو التقليل من دورها وشأنها، وهذا الأمر من اجتماع الكلمة وحفاظاً على الأمة من التفرق والشقاق وهو مايدعو إليه الإسلام ونُص عليه في القرآن والناس مغتبطون بما أصدره ولي الأمر سلامةً لدينهم ونجاةً لمجتمعهم وبراءةً لذممهم.

توجيهاً صائباً وحكيماً

بينما تحدث عضو مجلس الشورى الشيخ إبراهيم بن عبدالعزيز الربدي رئيس لجنة أهالي منطقة القصيم قائلاً: لقد جاء توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز صائباً وحكيماً بشأن تنظيم الفتوى الشرعية لضبط الطريقة الصحيحة لهذه الأمور التي هي غاية في الأهمية والتي تهم المسلم في كل أحواله، والتي مصدرها كتاب الله وسنة رسوله وإجماع علماء الأمة، وليحول هذا التنظيم دون الفوضى في الافتاء التي يجب عدم التساهل فيها منعاً للخوض في الأراء الشاذة التي لاتستند إلى إجماع شرعي.

والمملكة العربية السعودية منذ نشأتها حريصة على إتباع نهج الشريعة الإسلامية ويأتي توجيه خادم الحرمين الشريفين تأكيداً على هذا المسار السديد.

قرار يضع الأمور في نصابها

وأضاف الشيخ سليمان بن علي الضالع المدير العام لفرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد بالقصيم بقوله: إن الأمر الملكي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين - وفقه الله - بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء هو قرار إيجابي وصائب وفي ذات الوقت طرح جريء يجب ممارسته على أرض الواقع.

فهذه الدولة الكريمة التي قامت على توافق سياسي ديني مميز وفريد ولها دورها العظيم في بناء وترتيب الفتوى التي لا يجب أن تصدر إلا من عالم رباني متمكن حيث جاء هذا الأمر السامي الكريم متوافقاً مع منهج الدولة في الحفاظ على مكتسبات الدين والأمة والانتماء الحقيقي للإسلام والعمل على بث الثقة في علماء الأمة وتنمية مقدراتهم وجعلهم مؤهلين لحمل المسؤولية الدينية والدعوة والإرشاد والإفتاء في المسائل الشرعية العامة والمهمة.

فمن فضل الله ورحمته على أمة الإسلام أن شرع جميع الأحكام لمقاصد وغايات عظيمة مبنية كلها على مصالح العباد في الدنيا والآخرة، فقصر الفتوى على أهل العلم المؤهلين هو تحصيل للمصالح وتكميلها وتقليل للمفاسد وتعطيلها بقدر الإمكان، فالعلماء المؤهلين للفتوى هم المدركون لقواعد سد الذرائع والمصالح المرسلة ورفع الحرج ودفع الضرر وقصر الفتوى عليهم جاء متوافقا مع المصلحة الدينية والدنيوية للمجتمع المسلم.

لقد جاء الأمر الملكي الكريم رادعاً لمن أراد أن يعبث بالأصول والثوابت الشرعية حيث أخذ هذا العبث يستشري فقد صدرت أنواع من الفتاوى التي خالفت قواعد الدين وأساساته فشهدت الأمة نكبات وويلات بسبب هذا العبث في التأويل والتحريف.

قصور الفتوى على المؤسسات الرسمية أمر له أهميته وله آثاره حيث سيحفظ هذا التوجه للمسلم دينه وعقيدته ويحفظ شباب الوطن من كيد الكائدين وفتاوى المضلين.

نستشف من الأمر الملكي عدة دلالات هامة

وقال الأستاذ بجامعة القصيم د. إبراهيم بن حمود المشيقح عميد كليات القصيم الأهلية نستشف من الأمر الملكي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين بشأن الفتيا عدة دلالات هامة لعل من أهمها:

أولاً: أن هذا القرار يدل على أن ولي الأمر حاضر دائماً بين الجميع يلامس كل حدث على الساحة ويشهدها على أرض الواقع ويعالج سلبياتها ويؤكد على إيجابياتها, وهذا بلا شك يثمن لخادم الحرمين الشريفين.

ثانياً: كنت على يقين بأن هذا القرار سيصدر لأن المتأمل لتاريخ الدولة السعودية يتطلع لمثل هذه القرارات السامية التي تحد من الفوضى وتحرص على معالجتها.

فالملك عبد العزيز - رحمه الله - في عام 1335هـ أصدر توجيهاته لعموم مناطق مملكته محذراً من فوضى الإفتاء ممن يدعون العلم ويصدرون الفتاوى التي تضلل البسطاء، فكانت توجيهاته تبرز ما كان يعانيه الملك عبد العزيز في تلك الأيام من القيل والقال. فأصدر بيانه محذراً بقوة لمن يدعون العلم ويصدرون مثل هذه الفتاوى التي لا تستند إلى دليل قوي أو فيها وهن أو تكون شاذة وأن الفتوى لا تؤخذ إلا من العلماء الموثوق بهم وبعلمهم.

ثالثاً: باعتقادي أن هذا القرار تأخر قليلاً لكن من يتأمل ما يتضمنه من قوة ودقة وشمولية يدرك أنه جاء في الوقت المناسب لما يحمله من مضامين وتوجيهات سامية لمعالجة كثير من القضايا التي لا تعود على المجتمع ولا على الدين بالخير.

رابعاً: إن هذه البلاد منذ تأسيسها وحتى اليوم قامت على تحقيق التوحيد وتطبيق شرع الله قولا وعملا واحترام الفتيا لذا فإن هذا القرار السامي من خادم الحرمين الشريفين جاء لحماية الفتيا والعلو من شأنها والتي كادت أن تفقد هيبتها ومكانتها والتي بفقدها يفقد العلماء مكانتهم وهيبتهم فجاء هذا القرار ليؤكد هذا الهدف السامي والذي يحرص ولاة أمر هذه البلاد على تحقيقه قولا وعملا وهذا القرار يؤكد ذلك ويترجمه.

حصر الفتوى في العلماء المعتبرين هو عين الصواب

وتحدث الشيخ فهد بن سليمان عبدالله التويجري مساعد المدير العام لفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة القصيم لقد جاء أمر ولي أمرنا في وقته المناسب فإن حصر الفتوى في العلماء المعتبرين هو عين الصواب، ولو رجعنا إلى صدر الإسلام لوجدنا أن الصحابة الكرام كانوا يجتمعون للنظر في مسائل الدين فلقد كان عمر بن الخطاب يجمع أهل بدرٍ لأجل فتوى في مسألة ما وكانوا رضوان الله عليهم يتدافعون بالفتوى خوفا من الخطأ أو الإثم ولم يكونوا يتسابقون إليها كما هو حال بعض المنتسبين إلى العلم اليوم ولعل في حصر الفتوى الخير الكثير منه إيقاع الفتوى على الوجه الصحيح وتعظيم أمرها وقوتها ومعرفة الحق من المتشابه ومعرفة الرخصة من العزيمة والحلال من الحرام والحذر من تتبع رخص الفقهاء والرد على المتطفلين على موائد الشريعة ومنه إيقاف أولئك المتتبعين لزلات علماء الأمة أو رخصهم المرجوحة، وإن العبرة بالحق وبه يعرف الرجال وأخيراً نقول لقد جاء هذا القرار الصائب والعمل السديد على نهج سلفنا الصالح.

أسأل الله أن يأخذ بأيدينا لما يحبه ويرضاه.

وقف حالة الفوضى التي اجتاحت «حرم» الفتوى

واختتم الحديث د. سليمان بن عبدالعزيز الربعي عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة القصيم حيث قال جاء الأمر الملكي الكريم لخادم الحرمين الشريفين -حفظه الله ووفقه- بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء ومَن يرشحهم سماحة المفتي ليأذن لهم ولي الأمر بذلك، ليوقف حالة الفوضى التي اجتاحت «حرم» الفتوى واختطفتها من شروطها ومصادرها المعتبرة، حيث تمّ القفز على شروط الآهلية العلمية فصار الإفتاء بغلبة الظن أو بظاهر من العلم، وكثُر بسبب ذلك المفتون حتى كاد يصير لكل مواطن مفتٍ!

من جهة أخرى تمّ الافتئات على مصادر الفتوى المعتبرة كهيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء، وبرزت مصادر إفتائية غير مؤهلة مما سبب ظاهرة الفتاوى المتردية والنطيحة التي تتبّع شواذ الأقوال وشوارد الآراء وغرائبها، ويغيب عنها الفقه والعقل والنظر في العواقب والمآلات العامة والخاصة.

والمتمعن في مضامين هذا الأمر يجد أنه أمام وثيقة شرعية حقيقية استندت إلى جملة من النصوص والقواعد والمقاصد، وحملت قيماً غاية من الأهمية، يمكن الإشارة إلى بعضها في النقاط التالية:

أولاً: خطر القول على الله تعالى بغير علم وتعظيم شأن الفتوى بكونها أخص متعيّنات العلم الشرعي وأجلّ وظائف العلماء، لأنهم يخبرون عن حكم الله عز وجل في معيّن؛ ويعيّنون التصرفات الشرعية للمكلف، بما يجعل المسلم حذراً من الخوض فيها بغير علم.

ثانياً: الآهلية العلمية المطلوب توافرها في المفتي، إذ ليس مجرد امتلاك بعض طلبة العلم لآلته كافياً للتصدر لها كما هو واقع مع الأسف؛ وإنما للفتوى شروط خاصة دقيقة لا يتوافر عليها إلا الراسخون في العلم.

ثالثاً: مسؤولية ولي الأمر الشرعية بالوقوف أمام مقتحمي الفتوى والمفتئتين على الشرع والمجادلين في دين الله بغير علم والمتجرئين على الكتاب والسنة، لما في ذلك من حفظ الدين وصيانة وحدة الكلمة وحسم مادة الشر والاختلاف؛ إذ ليست الفتوى مجالاً للمباهاة والمصالح والأغراض، وإنما العبث فيها باب عريض للنيل من الأمن وتهديد وحدة الصف، وتجاوز أهل الذكر الراسخين والتطاول عليهم.

رابعاً: إن تحديد مصادر الفتوى وتعيينها أولى تطبيقات المصالح المرسلة المتعلقة بولي الأمر، مع ملاحظة أن هذا التحديد والتعيين لا يلغي واقع الخلاف العلمي المعتبر، بل هو يهدف إلى ضبطه ليكون في إطار المؤسسات العلمية المعتبرة التي تستطيع الترجيح المبني على الدليل بما يعكس سعة الشريعة وسماحتها، على حين أن بثّ الخلاف خارج إطار هذه المؤسسات من فوضى القيل والقال، ويجعل للأهواء أثراً في الاختيار، كما أن هذا التحديد لا يلزم المسلم فيما يختاره في خاصة نفسه مما يدين الله به، فالغاية ضبط الفتوى العامة ذات الأثر المتعدي.

ولقد كان من الطبيعي أن تفضي هذه المضامين التي هي مقدمات صحيحة إلى نتيجة صحيحة و»صحية» تمثلت بالأمر الحكيم بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء ومَن يرشحهم سماحة المفتي من ذوي الكفاية، وبذلك تندرج الفتوى في سلك التنظيم والترتيب الذي يُعدّ أحد مظاهر السياسة الشرعية لولي الأمر، بما يُعيد للفتوى ولمصادرها ومؤسساتها اعتبارها، ويقطع الطريق على مصادرها غير المؤهلة التي أنتجت مناخاً من التخبط والقلق واللغط، كما أن من شأن ذلك أيضاً أن يضبط حركة الفتوى العامة في ضبط إيجابي بحيث توجه المسلم إلى ما فيه خيره في الدين والدنيا وتحجزه عن مادة الضرر فيهما، وعندئذ تكون الفتوى رافداً من روافد «الأمن العلمي» في المجتمع.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد