Al Jazirah NewsPaper Thursday  26/08/2010 G Issue 13846
الخميس 16 رمضان 1431   العدد  13846
 

في القلب عليك لوعة يا معالي الدكتور غازي

 

لقد شهدتْ المملكة خلال خطة التنمية الخمسية الثانية مطلعَ فجر جديد في توليد الكهرباء وتوفيره للمواطنين والمقيمين، بعد أن أسند ولاة الأمر توفير الرفاهية للمواطنين لرجل توسمت فيه القيادة القدرة على تحيق الطموحات، فتسنَّم الفارس الشهم معالي الدكتور غازي القصيبي زمام الأحلام وخضَّعت الأمور لمبضع جراحه، فسافر هنا وهناك، واجتمع مع الشركات العالمية الأوروبية والكورية والباكستانية، وحلل العطاءات، وواصل الليل مع النهار حتى سطع نور الكهرباء بلا انقطاع، وأسس الصناعات الأساسية (شركة سابك) وما تبعها من شركات بتروكيميائية. وأوجد أرضية ومنهاجاً لأداء تلك الصناعة.

وبعد سبع سنوات تشرفت وزارة الصحة بمعاليه، وشرع الأنظمة واللجان التي أفادت التنفيذيين في الأداء الصحي ثم مارس معالي الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله- الدبلوماسية على مدى عشرين عاماً، وبعدها حطت به الرحال إلى الوطن المعطاء للمساهمة بتنفيذ خطة التنمية بتوفير المياه وإيصالها لكل مسكن بطرق ميسرة ومرشدة. بعدها رأت القيادة الرشيدة - حفظها الله- أن في ظاهرة البطالة أمراً يجب الوقوف أمامه، بوضع خطة إستراتيجية توفر العيش الكريم للمواطنين، وأن خير من يتولى ذلك هو الرجل الذي لديه الحماس والحس الوطني، فعقد الاجتماع واطلعَ ودرسَ الأنظمة ورفعَ خطة إستراتيجية لتوطنين الوظائف، نتمنى أن يواصل من تولى الأمر بعده ذلك المشوار.

وبعد، فإنه يحق لي أن أذرف الدموع على الرجل الاستثناء، وليس وحدي بل أفراد عائلتي وأقاربي ومجتمعي والوطن وحتى خارج الوطن، فهو الأديب والشاعر والدبلوماسي والإداري والسياسي والمفكر والمثقف والروائي والوزير الذي ملأ الدنيا وشغل الناس بحبه لوطنه وقيادته ومجتمعه، فهو الذي لم يقدر على الحقد أو الحسد حيث قال في بيت بتمثله:

من جرب الحب لم يقدر على حسد

من عانق الحب لم يحقد على أحد

وهو الذي قال:

ويا بلادا نذرت العمر زهرته

لعزها - دمتِ- إني حان إبحاري

لقد ملأ كل مكان شغله، انطلق في العمل من طاولة اجتماعات بالمكتبة في الجامعة فهو لم ينتظر لحين توفير مكتب فاره أو مكان مخصص مثلما ينتظره أي موظف يتم تعيينه حالياً، يقوم بتأسيس الجهاز الذي يتسلمه بتوفير البنية الأساسية وإيجاد المقرات الدائمة والتي تساعد على النمو والاستقرار مثلما عمل في تمويل بعض الفنادق إلى مستشفيات وتأسيس مدينة الملك فهد الطبية بالرياض وإيجاد مبنى وزارة العمل الحالي في حي المرسلات ومكتب العمل والإدارات التابعة للوزارة على طريق خريص.

رحم الله معالي الدكتور غازي القصيبي رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته الذي غادر هذه الدار يوم الأحد 5-9-1431هـ. ورجل هذه بعض مآثره فإنني على يقين بأن القيادة الحكيمة ستكرمه بعد مماته التكريم اللائق به مثلما كرمته في حياته، والعمل على الاستفادة من مؤلفاته وخاصة كتاب حياة في الإدارة كمنهج في الجامعات، كما أن أحباءه من الأدباء والمفكرين لن يترددوا في إيجاد منتدى يناسب تخليد ذكراه.

أنت يا معالي الدكتور أيها الرجل الوفي النزيه لم تمت، فالكبار والعظماء باقية سيرهم الحسنة. نسأل الله أن يعوض الوطن بأمثالكم وأن يجمعنا بك وأحبائكم في دار كرامته.

صالح بن عبدالرحمن الخنين

saleh-kh-200@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد