Al Jazirah NewsPaper Thursday  26/08/2010 G Issue 13846
الخميس 16 رمضان 1431   العدد  13846
 
ضبط الفتوى من مسؤوليات الإمام
سعد بن شايم الحضيري

 

لقد سر المسلمين سروراً عظيماً تلك الالتفاتة الملكية العظيمة لموضوع من أهم الموضوعات، وقضية من أخطر القضايا، حيث تدخل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله- حفظه الله- بكل اهتمام وحزم للحد من الفوضى العارمة في التصدي للإفتاء دون إذن ولا أهلية مؤهلة لذلك، فمنع في خطابه الكريم الموجه لسماحة المفتي العام للمملكة، ذلك الكتاب الحازم الناضح بالنصح والشفقة والقيام بالمسؤولية الشرعية والرعاية الدينية، منع حفظه الله من التجرؤ على الفتوى بلا إذن من سماحة المفتي العام حسب الشروط المعتبرة وذلك جرياً على هدى الشريعة وسنن الخلفاء الراشدين في القيام بحفظ دين الناس ودنياهم وإلزامهم بما يصلحهم، ومنعهم مما يضرهم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على حصته: (الإمام راع ومسؤول عن رعيته) وهذا القرار إن شاء الله من التوفيق الإلهي، فإنه لا شك ولا ريب أن هذا من أهم الواجبات والحقوق على أولياء الأمور، وما جاء في كتاب جلالته كاف شاف، فقد ملئ علماً وحزماً، وهنا أشير لشيء مما ذكره علماء الإسلام حول ضبط الفتوى ودور ولي الأمر في ذلك، فقد اعتنوا بها وبينوا بكل صدق وتحر أن ولاية الإفتاء وتعيين المفتين إنما هما من مسؤوليات ولي الأمر المسلم، يولي من يراه صالحاً لها على مقتضى القاعدة الشرعية (تصرف الحاكم على الرعية منوط بالمصلحة).

1- ذكر الإمام النووي الشافعي في المجموع والعلامة الرحيباني الحنبلي في مطالب أولي النهى فيما نقلاه عن الإمام الخطيب البغدادي أنه قال: ينبغي للإمام أن يتصفح أحوال المفتي فمن صلح للفتيا أقره ومن لم يصلح منعه ونهاه أن يعود وتواعده بالعقوبة إن عاد، وطريق الإمام إلى معرفة من يصلح للفتيا أن يسأل علماء وقته ويعتمد أخبار الموثوق بهم. ثم روى بإسناده عن مالك رحمه الله قال: ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك، وفي راوية ما أفتيت حتى سألت من هو أعلم مني هل يراني موضعاً لذلك، قال مالك ولا ينبغي لرجل أن يرى نفسه أهلاً لشيء حتى يسأل من هو أعلم منه. ا.هـ.

وهذه السنة الإسلامية الراشدة عمل بها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- فقد كان يقصر الفتيا على بعض العلماء ويمنع آخرين، لمصلحة يراها رضي الله عنه ففي ترجمة الصحابي الجليل أبي مسعود البدري - من كتاب سير أعلام النبلاء للذهبي - قال ابن سيرين: قال عمر لأبي مسعود: نبئت أنك تفتي الناس ولست بأمير! فول حارها من تولى قارها. قال الذهبي: يدل على أن مذهب عمر أن يمنع الإمام من أفتى بلا إذن. ا هـ.

وهذا الخليفة الرائد عمر بن عبدالعزيز يعمم على رعيته بلزوم المشهور والمجمع عليه عندهم من العلم فروى الدارمي في السنن بسند صحيح عن حميد قال: قلت لعمر بن عبدالعزيز لو جمعت الناس على شيء فقال ما يسرني أنهم لم يختلفوا، قال: ثم كتب إلى الآفاق أو إلى الأمصار ليقضي كل قوم بما اجتمع عليه فقهاؤهم.

فصنيع الملك عبدالله جاء موافقاً لأصول الشريعة محيياً لهدي السلف والخلفاء الراشدين، حفاظاً لدين الناس ومصالحهم، ليس كما يظن بعض المتحذلقين من أن هذا الأمر لا يصلح في هذا الوقت أو لا يمكن تطبيقه، أو أن فيه حجراً للعلم، بل هذا هو الحق ويدل على هذا الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقص على الناس إلا أمير أو مأمور أو مراء) رواه أحمد وابن ماجة، وفي رواية لأبي داود: (أو مختال)، والقصص في عرفهم هو الوعظ والتذكير.

وهذه سنة جارية في السلف فقد ذكر الذهبي في السر نماذج من ذلك ففي ترجمة مالك وترجمة ابن الماجشون عن ابن وهب، قال: حججت سنة ثمان وأربعين ومئة، وصائح يصيح: لا يفتي الناس إلا مالك، وعبدالعزيز بن أبي سلمة الماجشون. وذكر في ترجمة عطاء ابن أبي رباح عن إبراهيم بن عمر بن كيسان قال: أذكرهم في زمان بني أمية يأمرون في الحج منادياً يصيح: لا يفتي الناس إلا عطاء بن أبي رباح، فإن لم يكن عطاء، فعبد الله بن أبي نجيح. وفي ترجمة يحيى بن سعيد الأنصاري ذكر عن يعقوب بن كاسب: حدثنا بعض أهل العلم، قال: سمعت صائحاً يصيح في المسجد الحرام أيام مروان: لا يفتي الحاج في المسجد إلا يحيى بن سعيد، وعبيدالله بن عمر، ومالك بن أنس.

2- قال العلامة الفقيه القاضي عبدالرحمن بن خلدون المالكي في مقدمته الشهيرة: اعلم أن الخطط الدينية الشرعية من الصلاة والفتيا والقضاء والجهاد والحسبة كلها مندرجة تحت الإمامة الكبرى التي هي الخلافة، فكأنما الإمام الكبير والأصل الجامع، وهذه كلها متفرعة منها وداخلة فيها لعموم نظر الخلافة وتصرفها في سائر أحوال الملة الدينية والدنيوية وتنفيذ أحكام المشروع فيها على العموم.. إلى أن قال: وأما الفتيا فللخليفة تصفح أهل العلم والتدريس ورد الفتيا إلى من هو أهل لها وإعانته على ذلك ومنع من ليس أهلاً لها وزجره، لأنها من مصالح المسلمين في أديانهم فتجب عليه مراعاتها لئلا يتعرض لذلك من ليس بأهل فيضل الناس. وللمدرس الانتصاب لتعليم العلم وبثه والجلوس لذلك في المسجد. فإن كانت من المساجد العظام التي للسلطان الولاية عليها أو النظر في أئمتها فلا بد من استئذانه في ذلك، على أنه ينبغي أن يكون لكل أحد من المفتين والمدرسين زاجر من نفسه يمنعه عن التصدي لما ليس له بأهل فيدل به المستهدي ويضل به المسترشد. فللسلطان فيهم لذلك من النظر ما توجيه المصلحة من إجازة أو رد.. إلى آخر كلامه المفيد الماتع.

3- وتولي العلماء ولاية الافتاء من قبل ولي الأمر سنة جارية من لدن النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشدين ثم من بعدهم من ملوك الإسلام إلى هذه الأزمان، كسنة القضاء والولايات الدينية، ذكر الحافظ أبو زرعة الدمشقي- رحمه الله- في تاريخه أن عبدالملك بن مروان عزل أبا إدريس الخولاني عن الوعظ أي القصص وأقره على القضاء، فقال أبو إدريس عزلتموني عن رغبتي وتركتموني في رهبتي. فانظر كيف كانت للخليفة الولاية في القضاء وفي القصص - أي الوعظ والتذكير - ، فسمع أبو إدريس الخولاني وأطاع لأمر الأمير.!

4- ولما كان الإمام الأعظم خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته، وحق هذه الخلافة الرعاية التامة لمصالحها، كان العالم المفتي نائباً عن الإمام الأعظم في مجال الفتوى، كما أن القاضي نائب عنه في القضاء وهكذا نوابه في جميع الولايات الراجعة إلى الإمام، فيختار في كل منها الصالح لها من رعيته، قال الحافظ السيوطي في الحاوي: ومن الدليل على جواز الاستنابة أن جماعة من الصحابة كانوا يفتون الناس في زمن النبي- صلى الله عليه وسلم- والإفتاء بالأصالة إنما هو منصب النبي صلى الله عليه وسلم لأنه المبعوث لتبليغ الناس وتعليمهم، وإفتاء العلماء بعد وفاته إنما هو بطريق الخلافة والوراثة عنه، فإفتاؤهم في حياته بإذنه استنابة منه لهم ليقوموا عنه بما هو منصب له على وجه النيابة، وقد عقد ابن سعد في الطبقات باباً في ذكر من كان يفتي بالمدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرج فيه عن ابن عمر أنه سئل من كان يفتي الناس في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أبو بكر، وعمر، وأخرج عن القاسم بن محمد قال: كان أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي يفتون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج عن أبي عبدالله بن نيار الأسلمي قال: كان عبدالرحمن بن عوف ممن يفتي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج عن كعب بن مالك قال: كان معاذ ابن جبل يفتي الناس بالمدينة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأخرج عن سهل بن أبي حثمة قال: كان الذين يفتون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة من المهاجرين وثلاثة من الأنصار: عمر، وعثمان، وعلي، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وقد تحصل من هذه الآثار ثمانية كانوا يفتون والنبي صلى الله عليه وسلم حي. ا هـ وقال عبدالحي الكتاني في التراتيب الإدارية: وفي خاتمة مجمع بحار الأنوار للفتني لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم فتوى غيره في زمانه لأنه صدر عن تعليمه ولذلك كان يفتي في زمنه صلى الله عليه وسلم أربعة عشر من الصحابة وأما بحضوره فلم يكن يفتي أحد سوى الصديق. ا هـ.

5- وروى الإمام أبو بكر ابن أبي عاصم في كتابه «المذكر والذكر والتذكير» عن حميد بن عبدالرحمن أن تميماً الداري استأذن عمر رضي الله عنه أن يقص - أي يعظ - فلم يأذن له ثم استأذن عثمان رضي الله عنه فأذن له ثم استزاده يوماً واحدا. وقد كان استزاد عمر يوماً واحداً فلم يأذن له. وروى أيضاً عن أبي عبدالرحمن أن علياً رضي الله عنه رأى رجلاً يقص فقال: علمت الناسخ من المنسوخ فقال لا قال هلكت وأهلكت قال وهذا دليل على امتحان القاص وروى أيضاً عن أبي عامر عبدالله بن لحي الهوزني أنه سمعه يقول: حججنا مع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما فلما قدمنا مكة أخبر بأن قاصاً يقص على أهل مكة مولى لبني مخزوم فأرسل إليه معاوية فقال أمرت بالقصص؟ قال لا! قال فما حملك على أن تقص بغير إذن؟ قال ننشر علما علمناه الله عز وجل. وفي رواية له قال: نفتي وننشر علما عندنا. قال لو كنت تقدمت إليك قبل مرتي هذه لقطعت منك طابقا. قال الإمام ابن أبي عاصم بعد ذلك: ففي قول معاوية للقاص لو كنت تقدمت إليك لقطعت منك طابقاً دليل على أن المخالف إذا خالف لما نهي عنه وجب بذلك عقوبته ثم روى للقاص لو كنت تقدمت إليك لقطعت منك طابقاً دليل على أن المخالف إذا خالف لما نهي عنه وجب بذلك عقوبته ثم روى الحديث الصحيح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني والأمير مجن»، ثم قال رحمه الله: ومما دلت عليه الأخبار من قوله: «من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني» مؤكداً بذلك طاعة الأمراء حاضاً منه على طاعة الأمراء وزجراً منه على خلافهم، فإذا قص القاص بغير إذن الأمير وجب على الأمير منعه من ذلك، إذ القاص بغير إذن الأمير متكلف أو مختال أو مرائي وهذه الأحوال مذمومة كلها، فجيب على الإمام المنع منها. وفي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما يدل على أن الإمام إذا بلغه أن قوماً يجتمعون على أمر يخاف أن يحدث عن اجتماعهم ما يكون فيه فساد أن يتقدم إليهم ويوعدهم في ذلك وعيداً يرهبون به، وقول معاوية للقاص الذي أخبر به أبإذن تقص؟ قال لا. قال: لو كنت تقدمت إليك لقطعت منك طابقاً موافق لقول علي فإني أكره العقوبة قبل التقدمة فإن عادوا بعد التقدمة وجبت عليهم العقوبة. وفي قول علي رضي الله عنه للقاص أعلمت الناسخ من المنسوخ دليل على امتحان القصاص المأذون لهم بالقصص، والأمير جائز له أن يقص وأن القاص إذا لم يكن أميراً لم يخطئه إحدى ثلاث: إما متكلفاً أو مختالاً أو مرائياً. ا هـ.

6- وقد كان العلماء والقضاة من السلف يتابعون الولاة حتى في اختياراتهم الفقهية في مسائل الاجتهاد إذا كان للإمام تدخل في ذلك، ويتبعون ما يعممه الوالي من أقضية وأحكام فقد روى سعيد بن منصور في سننه عن الشعبي قال جاء رجل إلى معاوية، فقال: أرأيت الإسلام يضرني أم ينفعني؟ قال: بل ينفعك؛ فما ذاك؟ فقال: إن أباه كان نصرانياً، فمات أبوه على نصرانيته، وأنا مسلم، فقال إخوتي - وهم نصارى -: نحن أولى بميراث أبينا منك. فقال معاوية: آتيني بهم، فأتاه بهم، فقال: أنتم وهو في ميراث أبيك شرع سواء، وكتب معاوية إلى زياد بن أبيه: أن ورِّث المسلم من الكافر ولا تورث الكافر من المسلم! فلما انتهى كتابه إلى زياد أرسل إلى شريح (يعني القاضي المشهور رحمه الله) فأمره أن يورث المسلم من الكافر ولا يورث الكافر من المسلم وكان شريح قبل ذلك لا يورث الكافر من المسلم ولا المسلم من الكافر فلما أمره زياد قضى بقوله فكان إذا قضى بذلك يقول: هذا قضاء أمير المؤمنين. وأخرج سعيد أيضاً عن عبيد بن نضيلة قال: كان عمر وعبدالله: إني لا أرانا إلا قد أجحفنا بالجد فإذا جاءك كتاب هذا فقاسم به من الإخوة ما بينه وبين أن يكون الثلث خيراً له من مقاسمتهم فأخذ بذلك عبدالله. قلت: وعبدالله - وهو ابن مسعود الإمام المجتهد - كان قاضياً ومفتياً لأهل الكوفة في خلافة عمر. وروى سعيد أيضاً عن شعبة بن التوأم الضبي قال: توفي أخ لنا في عهد عمر بن الخطاب وترك جده وإخوته فأتينا ابن مسعود فأعطى الجد مع الإخوة السدس ثم توفى أخ لنا آخر في عهد عثمان وترك جده وإخوته فأتينا ابن مسعود فأعطى الجد مع الإخوة الثلث فقلنا أما أتيناك في أخينا الأول فجعلت للجد مع الإخوة السدس ثم جعلت له الآن الثلث فقال عبدالله: إنما نقضي بقضاء إئمتنا. وروى أبو داود بسند صحيح أن عثمان - رضي الله عنه - صلى بمنى أربعاً، فقال عبدالله مسعود: صليتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين، ومع عثمان صدراً من إمارته، ثم أتمَّها، ثم تفرقت بكم الطرق، فلوددت أن لي من أربع ركعات ركعتين متقبلتين، ثم إن ابن مسعود صلى أربعاً! فقيل له: عبت على عثمان ثم صليت أربعاً؟! قال: الخلاف شر. وروى أحمد نحو هذا عن أبي ذر، رضي الله عنهم أجمعين، فلا ينبغي لطالب العلم أن يكون مشاقاً لولي أمره فيما يسوغ فيه الاجتهاد، وما تراعى في مصلحة الولاية.

7- وللإمام أن يؤدب أهل التشويش على المسلمين كما صنع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد روى ابن وضاح في كتاب النهي عن البدع عن نافع: أن صبيغاً العراقي جعل يسأل عن أشياء من القرآن في أجناد المسلمين حتى قدم مصر، فبعث به عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب، فلما أتاه الرسول بالكتاب فقرأه قال: أين الرجل؟ قال في الرحل، قال عمر: أبصر أن يكون ذهب فتصيبك مني العقوبة الموجعة، فأتاه به، فقال عمر: تسأل محدثة؟! فأرسل عمر إلى أطاب من الجريد فضربه بها حتى ترك ظهره خبزة ثم تركه حتى برئ، ثم عاد له ثم تركه حتى برئ فدعا به ليعود له، فقال له صبيغ: إن كنت تريد قتلي فاقتلني قتلاً جميلاً، وإن كنت تريد تداويني فقد والله برئت، فأذن له إلى أرضه، وكتب إلى أبي موسى الأشعري ألا يجالسه أحد من المسلمين، فاشتد ذلك على الرجل، فكتب أبو موسى إلى عمر بن الخطاب أن قد حسنت هيئته، فكتب إليه عمر أن يأذن للناس يجالسونه.

مدير مركز الدعوة والإرشاد في عرعر


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد