Al Jazirah NewsPaper Friday  27/08/2010 G Issue 13847
الجمعة 17 رمضان 1431   العدد  13847
 
المحاكم العسكرية في غوانتانامو عوداً على بدء
المحامي / كاتب فهد الشمري

 

على الرغم من القراءات السياسية المختلفة للوعود التي أطلقها الرئيس الأمريكي أوباما إبان حملته الانتخابية إلا أن الجميع كان متفائلاً بإمكانية التزامه بوعده الشهير بإغلاق معتقل غوانتانامو الذي وصفه أوباما نفسه بأنه سيء السمعة وما زاد هذا التفاؤل تأكيده عقب فوزه في الانتخابات الرئاسية على أن الإغلاق سيكون خلال العام الأول من ولايته مبرراً ذلك العزم وتلك السرعة بأن إغلاق معتقل غوانتانامو سيحسن من صورة أمريكا حول العالم وبعد انتهاء العام الأول من رئاسته واقتراب منتصف العام الثاني لا يجد المراقبون بُداً من اعتبار ذلك الوعد بأنه يندرج ضمن الوعود التي تحفل بها حملات السباق نحو البيت الأبيض والتي أصبحت إحدى أعراف الممارسة السياسية الأمريكية.

وفي نفس السياق فقد شهد معتقل غوانتانامو مؤخراً إعادة إحياء فكرة المحاكم العسكرية بصفتها إحدى صور القضاء الاستثنائي والخارج عن القانون سواء الأمريكي أو الدولي وتكريس لفكرة التهرب من الالتزامات التي أكدتها مواثيق واتفاقيات القانون الدولي الإنساني ذات الصلة وعلى الرغم من إعادة تقنين قواعد المحاكمات العسكرية من قِبل البنتاغون إلا أن هذه القواعد ما زالت غير قادرة على توفير ضمانات تحقيق العدالة للمعتقلين الذين سيتم محاكمتهم أمامها، حيث ما زالت تأخذ بالاعترافات التي انتزعت من المعتقلين تحت التعذيب ولم تستطع توفير الحقوق الدنيا التي يحتاجها المعتقل لكي يتمتع بحرية الدفاع عن نفسه أو الاستعانة بمحام من طرفه وغيرها من النقاط التي تشكل بمجملها قصوراً قانونياً فاضحاً يؤدي حتماً إلى بطلان كافة الإجراءات القانونية والقضائية التي ستتخذها المحاكم العسكرية فضلاً عن تناقضها مع التأكيدات التي طالما يذكر بها الرئيس أوباما من أن بلاده ستخوض الحرب على ما يسمى الإرهاب وفقاً للقانون ولكن فاتته الإشارة إلى أي قانون هل هو القانون الأمريكي والمحاكمة أمام محاكم فيدرالية داخل الأراضي أم طبقاً للقانون الدولي الإنساني وخاصة أحكام اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949م الخاصة بأسرى الحرب ولكن الواقع للأسف يدل وبصورة واضحة على أن أهم القواعد والأسس التي قامت عليها الحرب الأمريكية على الإرهاب في عهد الإدارة السابقة ما زالت سارية المفعول وإن تم تجميل البعض من هذه القواعد بخطابات عاطفية أحياناً وأخرى سياسية تنحى باتجاه سيادة القانون والتغني بمفردات العدالة الأمريكية المفقودة أمام معالجة قضية غوانتانامو بصفتها إحدى أهم القضايا الإنسانية الدولية في وقتنا الحاضر.

إن إعادة العمل في نظام المحاكم العسكرية الاستثنائية هو عودة إلى تأكيد الفشل الأمريكي الصريح في وضع قضية غوانتانامو على المسار القانوني والإنساني السليم ودلالة على العجز في إثبات التهم بحق معظم المعتقلين الذين تجاوزت فترة احتجازهم الثمان سنوات دون أن يحصلوا على محاكمات قانونية مدنية عادلة أو أن يطلق سراحهم أو حتى يتمتعوا بالحدود الدنيا من الحقوق الإنسانية الأساسية، كما أن إدارة الرئيس أوباما مطالبة ليس فقط بالوفاء بالالتزامات التي قطعتها على نفسها أثناء الحملة الانتخابية وفي بداية السنة الأولى من الحكم، بل أيضاً هي مطالبة باحترام التزاماتها القانونية والإنسانية أمام العالم أجمع والخروج من عباءة الإدارة السابقة التي حملَت ليس فقط إدارة أوباما، بل الأمة الأمريكية أسوأ إرث سياسي وتاريخي سيبقى عنواناً للطغيان والخروج على القانون الدولي قروناً عدة.

عضو اللجنة الدولية للدفاع عن المعتقلين في غوانتانامو


katebalshammry@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد