Al Jazirah NewsPaper Tuesday  31/08/2010 G Issue 13851
الثلاثاء 21 رمضان 1431   العدد  13851
 
لما هو آت
يذهب سهواً..
خيرية إبراهيم السقاف

 

حرف في جملة قد يذهب سهوا فيختل المعنى..، وإشارة عن بنان ترد سهوا فيتغير الاتجاه..، وغفلة في سهو تنقص الأداء..، ولئن كان الخلل في المعنى يحرك الظنون، ويبدل النوايا، فإن التغير في الاتجاه يضلل السائر ويُفقد الوقت..، بينما السهو في غفلة يُنقص الصلاة فلا تُقبل، ويعثر العمل فلا يفيد، ويضعف الإتقان فلا يفى...

وكل ما يذهب مع السهو قابل للتراجع والتدارك..، ما لم يمكن نتائجَه الإصرارُ عليه، أو التغاضي عنه..

وكثيرا ما تبدلت المواقف في حياة الإنسان بسبب السهو، وما يذهب عنه في التفاصيل..، ولئن جعل الله تعالى حلولا لما يذهب سهوا ليتداركها الإنسان، إما مغفرة لما هو لمم، وإما أداء مقابلا لما هو ركن، وواجب،وإما قولا لطيفا لما يستوجب المعذرة..

وفيما يذهب سهوا ما يتعلق بأعمال القلوب، وروابط الوشائج بين الناس، فثمة من يقدرك فتسهو عن موقفه، وهناك من يدعوك فتسهو عن الوفاء بدعوته، وآخر يتجاوز عن زلاتك فتسهو أن تقابله في مواقف حاسمة بما يليق بكرمه معك، وثمة من يبذل لك فتسهو أن تمد يدك لمصافحته في مأزق الكرب،... على أن هناك سهوا يجور بالمشاعر حين تسهو عن كلمة ترطب جفاء العلاقة، أو تسهو فتلفظ بما يجرح الذي معك، أو تسهو فتغلق ذاتك عمن يودك ويقدرك،.. وكثير من السهو تياسرٌ في غير عُسر، وأغلب السهو تهميش للضرورات في السلوك والأداء والتعبير والتقييم،..

ذلك لأن الفطن لا يسهو إلا رحمة من الله به تعالى، والواعي لا يسهو لأن حرقة اليقظة ضمير لا يدعه في دعة التراخي والسهو... لكن سهوا يذهب بحرف في كلمة أهون من سهو يذهب بنبض في شعور...أو بثقة في يقين....... وحتى لا يتحول السهو إلى غفلة عن إهمال، أو نسيان عن استخفاف، أو تقصير عن لا مبالاة فإن في الجنان حزمة من شعور، لا يجلي نورَها إلا شحذٌ للهمة، وإيقاظٌ لليقظة، وتنويرٌ للحس..فمع كل ذلك يتلافى المرء سهوه، ويتلافى ما يُذهب حضوره..، فلا يتجاوز بسهوه ما يفقده مكاسبه..



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد