Al Jazirah NewsPaper Tuesday  31/08/2010 G Issue 13851
الثلاثاء 21 رمضان 1431   العدد  13851
 
الصقر الشهيد.. المقدم طيار عبدالله الزهراني.. في سبيل الوطن رحلت.. وفي ذاكرة الوطن ستبقى
د. محمد بن سعيد العلم الزهراني

 

استيقظت القرية الحالمة التي طالما نعمت بالهدوء الريفي على نبأ استشهاد ابنها البار المقدم الطيار/ عبد الله بن صالح الزهراني. كان يوم الثلاثاء السادس عشر من رمضان يوما تاريخيا لقريته التي أحبته وأحبها..

ودَّعها للمرة الأولى حين ذهابه للدراسة بكلية الملك فيصل الجوية في عام 1416 هـ ليخوض تجربة لم يخضها أي من أقرانه بالقرية وهي دراسة الطيران، الأمر الذي أضاف بعداً جديداً لتميز عبد الله الذي عهده أبناء قريته عنه.

نعم، كان الطيران والذود عن حياض الوطن حبه الأول، فانغمس فيه وأبدع، ولا أدل على إبداعه من اختياره ضمن «فريق صقور السعودية» في عام 1425هـ. فخرت قريته الصغيرة التي احتضنت عبد الله 18 عاماً بإنجازاته، ليصبح رمزاً من رموز الوطن يسطّر في سمائه الدافئة مثلما سطّر احترامه في قلوب من عرفوه..

أما الوداع الثاني فقد كان موعده يوم الثلاثاء الماضي الذي بعثر هدوء القرية الساكنة عندما استيقظت على نبأ تحطم طائرة الشهيد خارج الوطن..هز نبأ وفاته أرجاء قريته الحالمة، وخيم الحزن علينا جميعاً صغيراً وكبيراً، ولا نكاد نقلُّ حزناً عليه من والديه وأقاربه، فهذا الشعور التلاحمي شعور إسلامي توارثناه في تلك القرية الصغيرة التي يتألم أبناؤها لألم بعضهم البعض وكأنهم الجسد الواحد..

لقد عرفت عن هذا الشاب حبه لدينه ووطنه، وهذا ما لمسته منه في كل لقاءات جمعتني به، فلا زلت أتذكره وهو يهدي ابني ميدالية تحمل شعار صقور السعودية، كما فعل مع بعض أطفال القرية، وكأنني به يزرع فيهم حب المليك والوطن من خلال تلك الهدايا الرمزية.

لم يكن عبد الله (رحمه الله) شاباً عادياً، بل كان أنموذجاً ورمزاً من رموز الوفاء والتميز والإخلاص للدين والوطن ومثلا يحتذى به في بر الوالدين.

لقد عرفنا عن أبي صالح تواضعه الجم وحبه للصغير وتقديره للكبير، وهذا ما جعلنا نبكي ونتأسى لفراقه، ولا أقول لموته، فهو لم يمت بل يرزق عند ربه..(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ).

لقد استشهد عبد الله وهو يؤدي واجباً وطنياً ألا وهو التدريب على أحدث الطائرات في أسبانيا، ليعود إلى وطنه ويدرب زملاءه الطيارين..وحسبه أنه لقي ربه وهو صائم، فأنعم وأكرم بالخاتمة.

إنني - أصالة عن نفسي ونيابة عن محبي الشهيد بإذن الله (عبد الله بن صالح الزهراني)- أعزي أسرته في مصابهم الجلل، وأعزي الوطن وقيادته لفقد أحد أبرز طياريه المخلصين. وأدعو الله للفقيد بالرحمة والمغفرة، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، وأن يعيننا على فراقه..آمين.

عميد شؤون المعاهد في الخارج - جامعة الإمام


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد