Al Jazirah NewsPaper Thursday  02/09/2010 G Issue 13853
الخميس 23 رمضان 1431   العدد  13853
 
صورته منقوشة في زوايا الوطن
علي بن سعد القحطاني

 

مما يحسب لغازي القصيبي وقد أصبح في رحمة الله أنه قام بفتح ملفات شائكة لم يجرؤ أحد قبله على فتحها وأثار أسئلة في مجتمع مسكون بالإجابات والإملاءات الجاهزة وتعرض لاتهامات ومساءلات وظنون ولم يعبأ بمخالفيه ونقاده.. كان واثقا من نفسه وأنه سترى أطروحاته النور ذات يوم ..

وفعلا ما كان القصيبي يناقشه من قضايا كانت بالأمس من المحرمات، نجد أن نجوم الصحوة اليوم يتبارون في زمن الفضائيات في المنافحة عنها وتتكرر صورة القصيبي ورؤاه التنويرية في أطروحات بعض طلبة العلم من خلال مناقشاتهم لقضايا حساسة.. ومعالي الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله - وإن فاضت روحه إلى بارئها فإنه ترك أرثا ضخما من نتاجه الإداري والفكري والإبداعي فمنذ أن تولّى وزارة الصناعة والكهرباء وبعد ذلك وزارة الصحة قبل أكثر من ثلاثة عقود والناس يحكون شبه أساطير وقصصا مزجاة بالحقيقة والخيال عن وزير يفاجأ موظفي دائرته بالزيارات الغير معلنة وهو دائما وإن كان على رأس الهرم الإداري لصوق بقضايا مجتمعه والقصص أكثر من أن تروى ,,ولعل كتاب (حياة في الإدارة) تلخص رؤية القصيبي تجاه العمل ومن خلال العنوان نستشف أن الإدارة ليست كائنا جامدا بيروقراطيا مزدحمة بالتقارير المملة،المهمشة بالإحالات،والشروحات الضبابية،بل الإدارة في عرف القصيبي حياة مليئة بالحوافز والإبداعات والمنجزات وتخطي التراكم الضخم من الأعراف البيروقراطية الميتة التي ابتليت بها كثير من الإدارات.. والكتاب (حياة في الإدارة) بحق يحتاج إلى إعادة قراءة ودراسة من قبل أكاديميين ومتخصصين لاستخلاص منهج معالي الدكتور غازي القصيبي ورؤاه في الإدارة.

ويعد غازي القصيبي من أبرز أعلام الأدب السعودي المعاصر في مجال الشعر والسرد فقد طغت شهرته الشعرية في مراحل مبكرة من حياته إلا أنه منذ منتصف التسعينيات وعقب إصداره لرواية (شقة الحرية) لمع كوكبه في سماء المشاهير كسارد وروائي ولهذه الرواية فضل على مجايليه وأقرانه وفتح لهم بابا لأن يكتبوا سيرهم الذاتية بقالب روائي وكانت الرواية المحلية ما قبل (شقة الحرية) لا يتجاوز كتابها عدد أصابع اليد الواحدة فلما كتب القصيبي روايته شرع العشرات وربما المئات لتدوين سيرهم وتسطير أقاصيصهم.. وفي مجال الرواية كتب القصيبي (العصفورية) و(سبعة) و(هما) و(سعادة السفير) و(دنسكو) والاخيرة تحكي تجربته في الترشح لرئاسة منظمة اليونسكو العالمية عام 1999وقد أصدر القصيبي روايته الفنتازية (الجنية) ولم يكتف القصيبي بالتأليف في مجال الإبداع بشقيه الشعري والقصصي بل لديه العديد من كتب ودراسات قيمة في شتى مجالات الفكر والمعرفة والآداب، وفي مجال السيرة كتب لنا الراحل سيرته الشعرية إلا أن سيرته الذاتية وإن لم يكتبها الراحل حاضرة في كل زوايا الوطن من خلال إنجازاته وإسهاماته في أكثر من قطاع تنموي،وقد بكى لرحيله ورثاه الذين كانوا بالأمس خصومه قبل خلانه وأحبابه.. ويبدو أن القصيبي كان يؤرخ عمره من خلال عدد كتبه فقد مات عن سبعين كتابا،طبت حيا وميتا داعين الله لك بالرحمة في هذا الشهر الفضيل وأن يحسن مثواك.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد