Al Jazirah NewsPaper Thursday  02/09/2010 G Issue 13853
الخميس 23 رمضان 1431   العدد  13853
 
شيء من
كلنا مع الإفراج عن حميدان
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

أنتج مجموعة من الأوفياء الوطنيين السعوديين عملاً تلفزيونياً موجَّهاً إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما، يطالبون فيه بالإفراج عن المعتقل في السجون الأمريكية السعودي حميدان التركي. أن يصطف عددٌ من الفعاليات السعودية من مختلف المشارب والتوجهات، يطالبون الرئيس الأمريكي بالإفراج عن أحد مواطنيهم في السجون الأمريكية هو بلا شك موقف وطني نبيل. المجموعة تم انتقاؤها بعناية، بحيث تشمل جميع أطياف الوطن بكل طوائفه الدينية، وتوجهاته الفكرية والثقافية، بل وحتى الرياضية؛ إضافة إلى ابنته (ربى) التي كانت نبرات صوتها البريئة، والدموع تملأ عينيها، وهي تخاطب الرئيس أوباما، تدمي القلوب بالفعل. كلنا أمل أن تجد هذه الدعوة الإنسانية لدى الرئيس أوباما أذناً صاغية، خاصة أن الدستور الأمريكي يعطي الرئيس حق إطلاق سراح المتهمين في قضية مثل قضية حميدان. وهناك قضايا مماثلة سبق أن استخدم الرئيس الأمريكي صلاحياته فيها، وأفرج عن بعض المحكومين. وما من شك أن مثل هذه الدعوة فيما لو تجاوب معها الرئيس الأمريكي سيكون لها أثر طيب في ترطيب القلوب، وامتصاص ما خلفته بعض الأحداث والحروب من آثار سلبية في ذاكرة الشعبين؛ إضافة إلى أنها ستفوِّت الفرصة على كثير من الانتهازيين، وبخاصة (الإرهابيون)، الذين يوظفون مثل هذه القضايا لتوسيع هوّة التباين بين الثقافات، وتكريس العداوة والبغضاء بين الشعوب؛ وحسب ما هو معلن فإن التقارب بين الشعوب، وتكريس السلام بين الأمم، أحد أهم الأهداف (النبيلة) التي يسعى إليها الرئيس أوباما منذ أن تم انتخابه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية؛ وأكاد أجزم أن هذه فرصة (ذهبية) يجب أن يغتنمها الرئيس أوباما لإثبات حسن النوايا، ومتانة العلاقات بين الشعبين.

وبصفتي أحد الكتاب الذين نذروا أنفسهم لمحاربة الإرهاب، واجتثاث ثقافته، فإن تجاوب الرئيس الأمريكي لهذه المبادرة سيعطي كل من يؤمن بالحوار، والتفاهم والتقارب بين الشعوب والثقافات، حجة قوية لمحاصرة الكراهية والبغضاء وفي النتيجة الإرهاب. ونحن - أعني دعاة التعايش والتفاهم السلمي مع الآخر - في أمسِّ الحاجة إلى مثل هذه الحُجج؛ بل لن أبالغ لو قلت إن تجاهل الرئيس الأمريكي لهذه الدعوات، في حين أنه سبق أن تجاوب مع دعوات أخرى مماثلة لمنتمين إلى ثقافات أخرى، سيكرِّس الصراع، ويعطي دعاة الكراهية والبغضاء أدلة وحججاً قوية في سعيهم الحثيث لنشر ثقافة العداء والصراع بين الأمم. ونحن أبداً لا نشكك في عدالة القضاء الأمريكي، ولا في ما اتخذه من أحكام في هذه القضية؛ غير أننا في الوقت ذاته نجد أن ما سوف نجنيه جميعاً - أمريكيين وسعوديين معاً - من التجاوب مع هذه الدعوة، على مستوى تضييق الفجوة بين الثقافات، وتكريس حسن النوايا، جدير بأن يُفَعّل الرئيس الأمريكي حقه الدستوري بالعفو عن حميدان؛ فمثل هذه الحقوق الاستثنائية التي أعطاها الدستور الأمريكي للرئيس باعثها من حيث المبدأ أن يكون في العفو عن السجين مصلحة تعود على الولايات المتحدة الأمريكية؛ وليس هناك مصلحة أفضل وأسمى من مصلحة تكريس التقارب والتعايش، وتجذير ثقافة التسامح بين الشعوب، خاصة في ظل الظروف التي نعيشها.

ومرة أخرى أملي أن تجد هذه الدعوة الإنسانية آذاناً صاغية في البيت الأبيض، وألا يفوّت الرئيس الأمريكي هذه الفرصة المواتية.

إلى اللقاء



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد