Al Jazirah NewsPaper Tuesday  07/09/2010 G Issue 13858
الثلاثاء 28 رمضان 1431   العدد  13858
 
شعاع الليزر الضوء الشافي أو الشعاع المميت؟ (2-3)
فاروق بن عبدالله الوطبان

 

الليزر، شعاع ضوئي يمتلك صفات أربعة لا يمتلكها الضوء العادي ولو حاولنا بكل التقنيات أن نجعل الضوء العادي أن يكتسب هذه الصفات، أو أحداها فإنه سيفقد من قدرته الكثير ليصبح لا فائدة فيه، وسنتوسع لاحقا بهذه الصفات..

أول من انبرى بدراسة الضوء هم اليونان في مقتبل التاريخ وبالأخص العالم فيثاغورس الذي سخر الضوء لخدمته في تصميم المرايا الحارقة وهي مرايا تعكس نور الشمس وتوجهها إلى نقطة محددة وعند تسليطها على سفن الأعداء يتم حرقها قبل أن تصل. هذه الأعمال تعد إرهاصات، لما سيعرف فيما بعد بدراسة البصريات الهندسية، وتُعنى بانعكاس وانكسار الضوء.

هذه الظواهر أخذت حجمها العلمي الحقيقي وتطورت إلى أبعد من ذلك على يد العالم العربي المسلم أبو علي، حسن بن الحسن بن الهيثم المولود في البصرة في القرن الحادي عشر... هذا العالم له قصة محزنة ملخصها: عندما شاعت أعمال ابن الهيثم كانت فيضانات نهر النيل في وقتها تأكل الحرث وتأتي بمآسٍ لأهل مصر وقد قال ابن الهيثم حينها: إنه لو كان في مصر لجعل من فيضانات نهر النيل خيرا عميماً لأهل مصر بدلاً من المآسي.. وعندما سمع والي مصر بذلك أرسل في طلبه. عند وصوله إلى مصر رأى ابن الهيثم النيل على حقيقته فصعب الأمر عليه ولم يستطع فعل شيء.. وخوفا من الوالي ادعى الجنون؛ فما كان من الوالي إلا أن أمر ببيت له وخادم يسهر عليه (هكذا كانوا يجلون العلماء؛ ويحرصون عليهم حتى في مرضهم لذلك وصل العلم عند العرب آنذاك أبراجاً عالية؛ وإنجازات) فتحت للبشرية أفاق العلوم المعاصرة) في هذا البيت المتواضع نما وتصاعد نبوغ ابن الهيثم ومنها ما نتج عنه في «كتاب المناظر» الشهير، الذي صُنِفَ ابن الهيثم على أثره برائد علم الضوء في مستهل القرن الحادي عشر الميلادي. نسخة من هذا الكتاب لازالت محفوظة في متحف الإستانة في إسطنبول..

ابن الهيثم يعتبر بحق من أكبر علماء عصره وخاصة في ميدان البصريات والمؤسس الأول لعلم الضوء الحديث وطرقه التجريبية، ودرس ووضع أسس الظواهر الضوئية بقوانين وفرضيات حتى العين البشرية أعطى تشريحاً دقيقا لها، وكيف يتم الإبصار، وما هي أغلاط البصر، وفند النظريات القديمة القائلة: بأن شعاع يظهر من العين ليسلط على الأشياء حتى يتم رؤيتها.. وعنه أخذ علماء غربيون كثيرون منهم: باكون ونيوتن وكبلر؛ وكتاب ابن الهيثم من أكثر الكتب استيفاء لبحوث علم الضوء وأرفعها قدراً وقد أبطل ابن الهيثم نظريات اليونان، وأنشأ علم الضوء الحديث وكتابه من أروع الكتب في القرون الوسطى والذي أحدث انقلابا في علم البصريات واعتمد عليه علماء أوروبا لعدة قرون في استقصاء معلوماتهم عن الضوء... عَرّفَ ابن الهيثم الطرق العلمية وسبق باكون في إنشائها بل تفوق عليه، وقام بالأخذ بالاستقراء والقياس والتمثيل واعتمد على الواقع الموجود، مثل ما يتبع حالياً في البحوث العلمية الحديثة..

تطور علم الضوء المعاصر في عام 1917 عندما اكتشف العالم الفيزيائي ألبرت اينشتاين بأنه تحت شروط معينة تستطيع الذرات والجزيئات - وهي المكونات الرئيسي لكل المواد سواء كانت صلبة أو سائلة أو غازية- تستطيع امتصاص الطاقة الخارجية ضوئية كانت أو أي طاقة أخرى (كهربائية؛ أو كيمائية.. إلخ) والاحتفاظ بها لحين؛ ثم بعد ذلك، إما أن تفقدها بصورة عشوائية أو تستثار أي حثها على فقد الطاقة المكتسبة أي بعث ما استعارته من الطاقة وفي كلا الحالتين العشوائية أو المحتثة تُستَردّ الطاقة على شكل جسيمات ضوئية تسمى الفوتونات..



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد