Sunday  19/12/2010 Issue 13961

الأحد 13 محرم 1432  العدد  13961

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

 

من الحياة
لعل انحدار الدمع يُعْقِبُ راحةً د. سعد بن عبدالرحمن العريفي

 

رجوع

 

توجه أحد الأصدقاء إلى مستشفى حكومي لإزالة (ثالول) من أصبع يده اليمنى، وهناك في غرفة العمليات الصغيرة وجد رجلاً عليه ملامح الغلظة والقسوة، ذا شنب كبير وملبس أقل من المتوسط، ومعه ابنه ذو العشرة أعوام أحضره لعلاج داء في أصبعه يتطلب نزع ظفره الذي ارتفع من مكانه بسبب ذلك الداء، يقول صاحبي: فتعاطفت جداً مع حال الصبي والألم المبرح الذي سيلحقه من غرس إبرة البنج ما بين اللحم والظفر لتخدير المنطقة ثم نزع الظفر بلا ألم. وحين أخذ الصبي موضعه ومد يده وجهز الطبيب إبرة البنج سأل والد الصبي الطبيب عن وظيفة هذه الإبرة؟ فأخبره بأنها تفقد ولده الإحساس بالألم، فرفض الأب إعطاء ابنه الإبرة قائلاً: ولدي رجال ما يحتاج للإبرة!! ولم يفلح الطبيب في إقناعه بها فباشر عمله فصدر صوت أنين من الصبي فنهره أبوه بشدة قائلاً: عيب عليك تبكي، البكاء للحريم، وأنت رجال يا ولدي!! فكتم الصبي ألمه وبكاءه، يقول صاحبي الذي كان حاضراً الحدث: رأيت الصبي يعض على شفتيه حتى ظننت أنها ستنقطع ثم انحدرت دمعة من عينيه لشدة الألم فمسحها مباشرة حتى لا يراها أبوه، ثم خرجا من المستشفى!

لقد استقر في موروثنا الاجتماعي أن البكاء عيب، وأنه خاص بالنساء، وحين يبكي الرجل يعد ذلك ثلماً في رجولته وهيبته، ولذا يجب عليه دائماً التعالي على الألم بأنواعه ومواجهة أقسى الأزمات والفجائع بلا بكاء. قال أبو بكر بن عباس: كنت وأنا شاب إذا أصابتني مصيبة لا أبكي فيحترق جوفي، فرأيت أعرابياً على ناقة ينشد والناس حوله:

لعل انحدار الدمع يعقب راحة

من الوجد أو يشفي نجي البلابل

فسألت عنه فقيل: ذو الرمة. فصرت بعد ذلك إذا أصابتني مصيبة بكيت فاشتفيت.

ولقد أثبت الأطباء أن للبكاء والدموع فوائد مهمة في الوقاية من الأمراض النفسية وتخفيف التوتر، وتحسين المزاج، وتطهير الجسم من السموم التي تخرج من الدموع، وإعادة التوازن النفسي والجسدي. في حين أن كبت البكاء وحبس الدموع يسبب آثاراً سلبية على صحة البدن واستقراره النفسي، كما قد يورث بعض الأمراض. ولذا أكد المختصون في هذا الشأن على أهمية البكاء في المواقف التي تستدعيه لأن الألم والحزن والغضب يسيل مع الدموع، وعادة ما يتحسن المزاج بعد البكاء، وتعود نبضات القلب إلى معدلها الطبيعي، وتسترخي العضلات، وتغدو نظرة الإنسان إلى مشاكله أكثر وضوحاً.

وأنت قارئي الكريم ربما مرت بك مواقف تؤكد ما قاله الأطباء، حيث تشعر باضطراب واختناق في أثناء محاولتك حبس بكائك، فإذا تركت نفسك على طبيعتها وانهمرت دموعك تنفس احتقانك وزوال توترك، وصرت أكثر راحة واستقراراً. وإذا كان خوفك من نظرة المجتمع للباكي فلا بأس أن تخلو بنفسك وتذرف الدموع حتى يزول ما بك وتحمي جسمك من الأمراض.

ولقد تقرر أن النساء أكثر بكاء من الرجال، حيث تبكي المرأة سنوياً (47) مرة، في حين لا يبكي الرجال في المتوسط السنوي أكثر من (7) مرات، كما أن من المقرر أن النساء أطول أعماراً من الرجال، فهل يعود هذا إلى البكاء الذي يحسن حال المرأة صحياً ونفسياً فيجعلها أطول عمراً، ربما!! إذن فلا لكبت البكاء معشر الرجال.



sarifi@ksu.edu.sa
 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة