Al Jazirah NewsPaper Thursday  08/04/2010 G Issue 13706
الخميس 23 ربيع الثاني 1431   العدد  13706
 
لن أتصل بـ 999
سعد العواد

 

بلغ بي الجوع مبلغه بعد يوم شاق وطويل.. وجدت مقود سيارتي يقف بي أمام مطعم متواضع..كانت السيارات مكتظة أمام المطعم، فاضطررت الى الوقوف بعيدا عنه في موقف تجمعت فيه مياه آسنة تزكم رائحتها الأنوف (مضطرٌ عدم الحيلة!)... وثبت خارج السيارة لأتفادى المياه، وسددت أنفي لأنقذه من العفن، وأسرعت باتجاه المطعم...تناولت طلبي على عجل، وعدت الى سيارتي.

شرطي مستعجل!

دخلت الى السيارة، وبدأت بالرجوع الى الخلف، فإذا بي ألمح سيارة شرطة تتقدم مسرعة نحوالمطعم المكتظ، فقلت لعل الشرطي - جزاه الله خيرا - جاء مسرعا ليخالف السيارات الواقفة «دبل» وتسد سبيل الخروج على المساكين الذين التزموا بقواعد الوقوف الصحيح.. التفت إلى السيارات الواقفة فلم أجد أي سيارة تقف بطريقة مخالفة!! فوجئت بالشرطي «المحترم» حامي النظام وحارس الأمن يوقف سيارته «دبل» بالعرض ساداً الطريق على ثلاث سيارات ملتزمة بالوقوف الصحيح (الصورة مرفقة). نزل «المحترم» ودخل المطعم - ضاربا بالأنظمة التي وُظِفَ لصيانتها عرض الشارع - ليطلب وجبة، ومن يدري، ربما قرر أن يتناول وجبته في المطعم!

يوم رائع وقدح قهوة...

في أحد الأيام كان الطقس بديعا والنسمات عليلة.. أنزلت نافذة السيارة لأستمتع بالطقس..راودتني نفسي أن أسقيها قدحا من القهوة ليزيد الاستمتاع استمتاعا..وجدت مقود سيارتي يقف بي أمام شباك الطلبات الخارجية لواحد من أروع المقاهي في المدينة.. قمت بطلب قهوتي المفضلة.. دخل «المقهوي» لإعداد طلبي بينما وقفت أستمتع بالنسمات...

شرطي نكد

فوجئت بسيارة شرطة من نوع «جيب ربع» تقف بمحاذاتي (وليس خلفي في الطابور!) أمام شباك الطلبات، وتسد الشارع أمام باقي السيارات المارة. لم يدر بخلدي أدنى شك في أن ذلك الشرطي بصدد تحرير مخالفة لي (بالرغم من أنني لم أرتكب أي مخالفة)، وإلا فلماذا يقف بجانبي بهذه الطريقة الفظّة! انتظرت أن ينزل الشرطي أوأن يشير إلي بالنزول..انتظرت..

وانتظرت.. وانتظرت.. لم ينزل من سيارته ولم يطلب مني النزول! أمعنت في البحلقة في وجهه راسماً على محياي علامة تعجب كبيرة علّه يستحيي ويفسر لي هذا الوضع المحرج الذي تسببت فيه (سيارة شرطة تقف بجانب سيارتي سادة الطريق على السيارات التي تراكمت خلفها).. بعد قليل أطلق الشرطي منبه سيارته في امتعاض وضجر فالتفتُ إليه فإذا هويشير للمقهوي أن اقترب.. فتح الشرطي زجاج نافذته وقال: «واحد كبتشينوا سكر زيادة...»، وأغلق النافذة والناس ينتظرون خلفه!! أخذت قهوتي وانصرفت، فقامت السيارات المحشورة خلف الشرطي بتغيير مسارها، والدخول إلى مساري لتتقدم ببطء وتتجاوز هذا الشرطي الذي أوقف الشارع ليشرب كابتشينو!

ختامها زفت...

لعلي أختم هذه الصور المخزية من تخاذل بعض منسوبي هذا الجهاز الحيوي بصورة ختامها زفت، دارت أحداثها مع صاحبٍ لي كان يقود سيارته على أحد الطرق السريعة، محتلا المسار الأيسر، وسائرا بالسرعة القصوى (120 كلم). فجأة، كادت سيارة مسرعةً سرعةً جنونية أن تلتحم بمؤخرة سيارة صاحبنا، وأخذ قائدها «يكبِّس» النور العالي في محاولة لإرهاب صاحبنا وإزاحته عن مساره. انزعج صاحبنا من هذا التصرف الأرعن، وقرر عدم تغيير المسار، ولا سيما أنه كان يقود بالسرعة القصوى.. أخذ هذا السائق بإطلاق منبه السيارة بطريقة فظة مزعجة وأخذ يقترب أكثر من صدام سيارة صاحبنا.. استمر صاحبنا على مساره.. فوجئ بالسائق ينتقل إلى المسار الأيسر ويحاذيه ويفتح زجاج نافذته ويتفوه ببعض الكلمات غير اللائقة، وفوجئ صاحبنا بأنه كان يرتدي زيَّ الشرطة. لم يلق صاحبنا بالاً للشرطي الأهوج واستمر في مساره. عندها أشار الشرطي لصاحبنا بيده بإشارة تهديدية، وأخرج هاتفه الجوال في حركة استعراضية، وأخذ يحدث طرفا آخر...

رخصتك واستمارتك!

بعد فترة من المسير، لا حت في الأفق نقطة تفتيش للشرطة.. وقف صاحبنا في النقطة.. أخرج الرخصة والاستمارة.. طُلِبَ منه إيقاف السيارة والترجل..ترجل صاحبنا، فتفاجأ بالشرطي وقد وقف بين زملائه من أفراد نقطة التفتيش.. انهال ورفاقه على صاحبنا بالتهديد والوعيد - واحد منهم فقط أحس بالذنب من فعل زملائه، وخفض بصره الى الأرض.. بعد كل هذا تبادل بعض الضحكات مع زملائه ثم انصرف قائلا لصاحبنا: «لا تعودها مرة ثانية».

توازن القوى وكسر الاستبداد

أعتقد أن الأمن العام معني بوضع رقم أوموقع على الشبكة لاستقبال ملاحظات المواطنين والمقيمين المتعلقة بمخالفات الشرطة؛ وإذا كانت البينة على من ادعى، فنحن نعيش في بلد يمتلك جلُّ مواطنيه ومقيميه جوالات مجهزة بكاميرات تجعل من توثيق التعديات مسألة ضغضة زر. وبدون إيجاد آليات قادرة على تحقيق نوع من توازن القوى، سيكون الاستبداد وسوء الاستغلال سيد الموقف لا محالة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد