Al Jazirah NewsPaper Wednesday  12/05/2010 G Issue 13740
الاربعاء 28 جمادى الأول 1431   العدد  13740
 
مطر الكلمات
الرياض.. تغرق!؟
سمر المقرن

 

سيبقى يوم الاثنين من الأسبوع المنصرم علامة فارقة في حياتي، صور بشعة رأيتها تحدث في مدينتي، مدينتي الحبيبة «الرياض» تغرق في الماء أمامي وبصورة لم تخطر ببالي قط، مخرج 9 في الدائري يسبح في الماء، تقاطع مخرج 9 مع طريق الملك عبد العزيز ينهار جسره ويسقط على السيارات المارة من تحته، السيارات تسبح في الماء وتنحرف عن مسارها وتصطدم بعضها ببعض، السطحات تنقل السيارات المتعطلة في مشقة بالغة بسبب الزحام، الناس تستخدم أجهزة الاتصال بجنون وشغف ليطمئن بعضهم على بعض، الموظفون لم يعودوا إلى بيوتهم برغم أن الساعة تجاوزت التاسعة مساءً، أيعقل هذا الذي أراه؟ الشاحنات تزحم المدينة وتغلق طريق خريص، السيارات الصغيرة تعكس السير ويمشي القادم في طريق الذاهب ولا أحد يوقفه، الساعة تصل إلى الواحدة صباحا وما زال هناك أناس خرجوا في الظهيرة قبل الكارثة ولم يعودوا إلى بيوتهم، أهاليهم اطمئنوا عليهم من خلال الهاتف الجوال، لكنهم لم يصلوا بعد؛ لأنهم عالقون في الزحام، والسيارات الواقفة في طابور لا يريد أن ينتهي ولا يرغب في أن يتحرك، السيارات القديمة تتعطل وتزيد الازدحام، كل هذا برغم أن البرد الذي وقع في الساعة الثالثة عصراً لم يكن قوياً كالذي سبق أن ضرب الرياض في تسعينيات القرن الماضي وأدى إلى تدمير كثير من السيارات والممتلكات، والمطر برغم غزارته لا يمكن أن يقارن بالمطر الذي يهطل على كثير من عواصم الدنيا، ثم أجد حبيبتي «الرياض» تستيقظ في الصباح وكأنها لم تمطر بالأمس.

لماذا نذهب لعواصم الدنيا وعندنا أماكن في الرياض لا تغرق، فمثلاً: سكن الحرس الوطني بخشم العان لا يشعر سكانه بالمأساة التي نعيشها في قلب المدينة؛ وذلك بسبب وجود التصريف الصحي الحديث الذي يجعل سكان تلك المنطقة يستيقظون في الصباح فلا يرون قطرة مطر في الشوارع! الدولة رصدت مليارات الريالات لإصلاح وقيام مشاريع الصرف الصحي، فأين هي هذه المشاريع؟ يقول لي أحد من قضوا حياتهم في إنشاء الطرق إن المشكلة ليست في الوضع المالي فقط، بل هناك جهل فاضح عند الجهات الهندسية والتنفيذية بما يجب عمله لإصلاح نظام الصرف الصحي، وهذا الجهل تحالف مع الوضع المالي والإداري فأصبحت الدولة تدفع المال ولا نجني حتى أبسط شروط المواصفات والمقاييس، في حين أن هذه المشاريع لا تعتبر تجارية محضة بل هي مشاريع لها قالبها الوطني؛ حيث يُفترض أن ترسى على مَنْ يحمل همّاً وطنياً وممن يشهد له بالرغبة الحقيقية في إصلاح البلد.. وبلا شك أن هذا الجانب مهم جداً في العملية التنموية والعمرانية التي هي جزء من مشاريع التطور الشاملة، ماذا بعد غرق الرياض؟

من نافلة القول، أنه لا بد من لجان تحقيق وتقص للحقائق لنعرف من هو المسؤول عن هذه الكارثة.

www.salmogren.com


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد