Al Jazirah NewsPaper Saturday  15/05/2010 G Issue 13743
السبت 01 جمادىالآخرة 1431   العدد  13743
 
رفقاً بذوي الاحتياجات الخاصة
صلاح بن سعيد الزهراني

 

الحمد لله الذي عافاكم ومن تحبون مما ابتلى به كثيراً من خلقه، يقول رب العزة تبارك وتعالى (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا) (20) سورة المزمل.

لا شك أن استثمار الدولة- أيدها الله- في هذه الشريحة من أبنائنا ذوي الاحتياجات الخاصة كبير وموضع ثناء الجميع، ولكن رغم قدرة بعض من هذه الفئة على تحدي الصعاب والتحصيل العلمي والوصول إلى أعلى مستويات التعليم، ومثال ذلك ما شهدناه من مقدرتهم على تحقيق الإنجازات الرياضية على المستويين الإقليمي والعالمي، إلا أن هذه الفئة يتم إيقافها عند مستوى معين من التعليم ولا يسمح لهم بعده بمواصلة التعليم أسوة بزملائهم من غير المعاقين، فإذا كان الله قد حرمهم من بعض نعمته، إلا أنه عوضهم عن ذلك بالذكاء الفطري، وزيادة في مقدرة الحواس، ذلك لأنه ليس بظلام للعبيد، فلماذا نضع القيود على مقدرتهم على التحصيل والإبداع، وبماذا يمكن أن نسمي هذا الحرمان.

لذلك نناشد القلوب الرحيمة بالوفاء باحتياجاتهم، وحاجتهم ليست إلا لمواصلة التعليم في المراحل المختلفة، ولا يطلبون استثناء أو ميزة تمنحهم قدراً من التفوق، بل يطلبون المساواة فقط، ونحن على يقين بأن القلب الذي يعمره الإيمان سوف يلبي طلبهم هذا إن شاء الله.

إننا ننظر إلى دول كثيرة حولنا فنجد المعوق يواصل الدراسة ويحصل على أعلى الدرجات العلمية، فلم لا يكون بين هؤلاء النخبة أبناؤكم السعوديون، وخاصة في ظل العهد الزاهر لملك الإنسانية، عهد النهضة العلمية والتربوية، وما أجمل أن يزينه مكرمة ملكية سامية بأن نواصل التعليم كل إلى المرحلة التي يستطيع أن يصل إليها، دون وضع حد معين لمراحل تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة.

ليكن هذا إضافة إلى المنجزات التنموية العملاقة في وطننا الغالي في مختلف المجالات وخاصة التعليم العام من خلال مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم الذي يعد بحق نقلة نوعية في مسيرة التعليم في المملكة.

لقد خطت المملكة بتوجيه كريم من القيادة الرشيدة خطوة على أرض الواقع لصالحهم حيث وجهت بتقديم الخدمات التعليمية والتربوية والتعليم العالي بما يتناسب مع قدرات المعوقين واحتياجاتهم وتسهيل التحاقهم في المدارس العادية ودمجهم مع الأسوياء وهذه خطوة إيجابية من الدولة- أيدها الله- بحكمكم الميمون وولي عهدكم الإنسان لمساعدتهم ورعايتهم، وهذا القرار ينطبق على ذوي الإعاقة الفكرية والجسدية فقط في المعاهد المحددة مثل معهد التربية الفكرية التابع لوزارة التربية ومركز التأهيل الشامل مركز إيواء فقط.

ولقد فوجئ أولياء أمور المعاقين من غير هذه الفئات بصدور مثل هذا القرار، وفوجئوا بذلك من المعاهد التي يدرس فيها أبناؤهم، وها هم يلتمسون من ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن ينظر بعين الرعاية والعطف على أبنائهم وأن يمنحهم الثقة والأمل، إن بقاء المعاق في البيت قرار بحبسه في الإعاقة، وهو ما يدمره نفسياً واجتماعياً، وبذلك يشكلون عبئاً على المجتمع أولاً ثم أسرهم ثانياً، فالمعاق يستفيد كثيراً على كرسي الدراسة في المعهد حيث يشعر بإنسانيته ومكانته وقيمته الاجتماعية، يستفيد بما يتم تلقينه وتعليمه من مهارات ومعلومات على يد أساتذة مهرة متخصصين وعلى قدر عال من المهنية والكفاءة، وكم هو مستغرب أن يصدر مثل هذا القرار في مملكة الإنسانية التي تدعم التعليم بسخاء، والمفاجأة أن يصدر مثل هذا القرار من وزارة التعليم التي فوضها ولي الأمر الرحيم بأبنائه بنشر التعليم لا تحجيمه وحرمان بعض منه، فهل تستجيب وزارة التربية والتعليم بتطبيق الفقرة الثانية من المادة الثانية من المرسوم الملكي الكريم رقم (م-37) وتاريخ 23-9-1421هـ الذي أقر نظام رعاية المعوقين وتقديم كافة الخدمات التعليمية والتربوية في جميع المراحل وما قبل المدرسة والتعليم العام والفني والعالي بما يتناسب مع قدرات المعوق واحتياجاته وتسهيل التحاقهم.

إنهم ليسوا عبئاً كبيراً على الوطن كما يظن بعضهم، فهم أبناؤكم وفلذات الأكباد، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد الطفل عبدالرحمن الحمدان قد استطاع أن يحقق إنجازاً عالمياً بحصوله على ميداليتين ذهبيتين في الأولمبياد الدولي السابع في شنغهاي وهو الوحيد المصنف عالمياً، والمنتخب السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة الذي حقق بطولة كأس العالم في كرة القدم، ومحمد الثبيتي يحقق أفضل ابتكار (السبورة التفاعلية)، وفواز الدخيل لم تمنعه إعاقته مواصلة العمل واكتشاف الموهوبين رغم وجوده في كرسيه المتحرك، وهذا دليل على أن منهم مبدعين، فهل نهمشهم أو نهملهم، ولمصلحة من يكون ذلك.

إننا نتطلع إلى لمسة حنان ورفق بأبنائنا المعاقين، وهي ليست مستحيلة على قلوب أصحاب القرار في مملكتنا الرشيدة، ونأمل أن تكون الإجابة حانية وعاجلة، حتى تعود الابتسامة إلى الوجوه وتقر أعين أسر ابتلاها الله في أبنائها وفلذات أكبادها، والراحمون يرحمهم الله.

جعل الله أجرها في موازين كل من يسعى لإسعاد هذه الفئة

الرياض


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد