Al Jazirah NewsPaper Sunday  23/05/2010 G Issue 13751
الأحد 09 جمادىالآخرة 1431   العدد  13751
 
لا فرق بين ابن جنيد وابن جني يا أبا حيدر!!
يوسف بن محمد العتيق

 

قدم الدكتور يحيى محمود بن جنيد أمين عام مكتبة الملك فهد السابق، وأمين عام مركز الملك فيصل الحالي، أكثر من مشروع يُذكر ويُشكر، وكل واحد منها يُعدُّ بحق خطاً وتأصيلاً للمهتمين بعده، فأبدع أبو حيدر في دراسة المخطوط، وكانت له دراسة مميزة عن هوامش المخطوطات في منطقة نجد. وأبدع كثيراً بل وضع معلماً بارزاً في مسيرة الكتاب العربي مع صديقه الراحل عبد العزيز الرفاعي، والمتميز عبد الرحمن بن معمر بمحلة عالم الكتب التي هي مورد أصيل لكل دارسة للكتاب العربي بجل توجهاته، وزاد في الإبداع بأن ضم لمجلة عالم الكتب شقيقتها مجلة عالم المخطوطات والنوادر تحت المظلة الكبرى مكتبة الملك عبد العزيز العامة، وكان في قمة توهجه بدراسات ومقالات عن الوقف المشروع الحضاري الإسلامي وتوجها بدراسته العلمية الأصيلة والمبدعة (الوقف وبنية المكتبة العربية) والتي كان له بسببها شرف الفوز بجائزة الملك فيصل العالمية في أحد فروعها المهمة. وكتب فأفاد وأجاد في آسيا الوسطى ونتاجها الحضاري والثقافي. وفي الآونة الأخيرة قدم شيئاً متميزاً بحق عن العباسيين المتفرعين من بيت الشرف العباسي الكريم تاريخهم وأعلامهم. وما ذكرته سلفاً ليس عناوين كتب قدمها ابن جنيد فحسب بل هي مشروعات ثقافية قدمها وأسسها للثقافة العربية، وفتح الطريق للباحثين بعده.

وبين هذه الدراسات وقبلها وبعدها قدم دراسات مهمة تستحق التأمل والدراسة والمراجعة كدراسته المتميزة عن وضعية المخطوطات في المملكة العربية السعودية.

وابن جنيد ليس أول من يقدم مثل هذه المشروعات، وليس آخر من يخدم الحضارة والتراث والمخطوط، لكن هذا الرجل أعطاه الله قبولاً بين سائر شرائح المجتمع حتى لو قلنا أنه ليس له خصم لما بالغنا، فهو محل إجماع ومحبة الجميع القاصي قبل الداني والقريب يتفق في تقديره كما هو البعيد، وسبب ذلك باختصار أمران: أن أبا حيدر زاهد في الشهرة والأضواء، وأبعد الآلة الحاسبة عن جيبه وقلبه لأنه لم يفكر في التكسب بالعلم أو طلب جانباً مادياً من هذه المشروعات، فهذان الأمران أراحا كل من يتعامل معه وإن كانت لم ترحه أو ترح محبيه!!

فهو الموصوف بالجندي المجهول، ويصفه زميلنا الأستاذ محمد بن عبد الله الرشيد بشاذلي العصر في إشارة إلى زهده الكبير، ويصفه الآخرون بدودة الكتب والمخطوطات، أما أنا فسأقسم بأنه أكثر سعودي استنشق غبار المخطوطات القديمة والكتب النادرة، وذهب إلى دهاليزها داخل المملكة وخارجها، ولن أحنث في يميني مع تقديري لما يقوم به زملاء له يقومون بنفس المهمة وعلى رأسهم شقيقه في البحث عن النوادر العلم الألمعي عباس طاشكندي عميد شؤون المكتبات السابق بجامعة الملك عبد العزيز بجدة. من الطرائف أنه حدث خطأ عند كتابة اسمه في بعض المرات فبدل أن يكتب يحيى محمود بن جنيد، كتب في آخره (ابن جني) بإسقاط الدال، ولا غرابة في ذلك فابن جني من جهابذة اللغة والأدب في التراث وابن جنيد من جهابذة البحث في مخطوطات الأدب والتراث حديثاً، ولدينا الحاضرة والبادية حين يريدون أن يثنوا على شخص بالعبقرية الشديدة قالوا (جني!!) وعبقر التي ينسب إليها العباقرة يقال أنها أرض جن!.

فسواء كنت ابن جنيد أو ابن جني فستظل مدرسة نهل منها الكثير من الطلاب والطالبات ممن هم أبناؤك في العلم والتعلم.

زادك الله توفيقاً يا أبا حيدر وأدامك كما عهدناك جامعاً بين العلم والأدب.



للتواصل: tyty88@gawab.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد