Al Jazirah NewsPaper Wednesday  15/09/2010 G Issue 13866
الاربعاء 06 شوال 1431   العدد  13866
 
مطر الكلمات
ألم السفر في الصيف
سمر المقرن

 

ها هي أيام قليلة وتوشك إجازة الصيف أن تنقضي، بعد أن سافرت واستمتعت بأجواء صيفية جيدة في بلاد أخرى تتمتع بأجواء أفضل من أجوائنا الصحراوية، وأنت سافرت أيضًا لأماكن مثيرة ومسلية، وعائلات مضت نحو الفرح وأخرى مضت نحو أماكن تحبها، وقبعت أسر في بيوتها تصارع الحر والإنفاق وتحاول أن تضبط ميزانيتها خوفًا من الديون أو واقعة تحت عذاباته، ترقب عيون آخرين وهم يهمون بالسفر ويرقبون بعيونهم الدامعة أسر أخرى قادمة تتحدث عن دول أخرى وأحداث أخرى وأجواء أخرى.

أعرف أن ألمي ليس كألمهم، وأن ألم الوقوف على الجمر لا كمن يتحدث عنه، ولكني أتحين الفرصة للهمس في أذن السياحة الداخلية أن تقلل من كاهل التكلفة على هؤلاء المغلوبين في أموالهم.

وهذه دعوة لجعل المدن الداخلية أقل كلفة وأكثر متعة، ولعلها العوض لهم في أماكن لطيفة تخفف من حر الصيف ومن جنون الأسعار وتخفض تكاليف المعيشة عليهم، فلا أقل من حديقة مجانية مجهزة تجهيزًا حقيقيًا، ولا أقل من فعالية رخيصة رمزية السعر أو مجانية كتلك التي تقوم بها أمانة مدينة الرياض في أيام العيد، ولا أقل من متاحف مجانية متنقلة بين المدن طوال الصيف لتعزيز مفهوم السياحة الثقافية، ولا أقل من برامج للأطفال تخفف إلحاحهم على والديهم بالسفر المكلف إلى الخارج، ولا أقل من هذه المساعدة كواجب وطني.

إن المسؤولية تقع على الدولة ومؤسساتها بلا شك، ومع هذا كلّه فإن مؤسسات القطاع الخاص شريكة في هذا الأمر، ففي الوقت الذي يصيّف ملاك هذه المؤسسات في الخارج من أموال وإنفاق المستهلكين في الداخل، وهو حق مشروع لهم، فلا أقل من مساهمة بسيطة في تخفيف كاهل الصيف على الأمهات والآباء الذين منعتهم قلة الحيلة أو قلة ذات اليد من السفر في الداخل أو في الخارج وتقديم مساهمة قليلة من المال يحتسبون الأجر والمثوبة عند الله بالمساهمة الخيرية في هذه البرامج.

وأتصور أن دور الجمعيات لا يتوقف على توزيع الأموال والصدقات والمواد العينية، بل أيضًا المساهمة في تخفيف كاهل هذا الصيف المؤلم على بعض الأسر ببرامج سياحية داخلية تقلل من جنون الإنفاق الصيفي الذي يتفاخر به الناس بالرحيل هنا وهناك، بينما هم في بيوتهم تحبسهم قلة ذات اليد.

يجب علينا أن نفكر بالآخرين بالقدر الذي نفكر فيه بأنفسنا، وإننا إن حصلت لنا متعة السفر والسياحة فلنمنح غيرنا فرصة الفرح بأي طريقة ممكنة، هذا أقل ما يمكن أن نقدمه للآخرين، على أمل أن يقدم لنا الآخرون متعة أخرى إن احتجنا لهم، فالناس للناس والاهتمام بمتعة وترفيه من يعانون من قلة ذات اليد جزء من ديننا وقيمنا وأن الشعور بهم يجب إلا يغيب عن بالنا، لأن المساعدة والصدقة ليست بالطعام والملبس فقط، بل إن هناك أبوابًا كثيرة تدخل في بند الصدقات، فإن تأخر بهم المال فيجب إلا يتأخر بنا الشعور بهم في الحديث عنهم وعن همومهم فهم إن لم يكونوا أهلنا فهم أصدقاؤنا وجيراننا وأقاربنا وأخوة الدين والوطن.. كل إجازة صيف وأنتم طيبون.

www.salmogren.com


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد