Saturday  01/01/2011/2011 Issue 13974

السبت 26 محرم 1432  العدد  13974

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

      

اختتم بالأمس عام 2010م نشاطاته الاقتصادية والمالية على مستويات من الأداء أفضل من مثيلاتها في 2009م بالمجمل العام، وجاء عدد محدود من بعض القطاعات المالية دون المأمول ودون المتحقق لها في عام 2009م، غير أنه في المنظور العام تتواصل النظرة العامّة المتفائلة تجاه العام 2011م، وبصورةٍ أقوى عما تحقق لمختلف تلك النشاطات خلال العام 2010م. كنت قد ذكرت في مطلع العام الماضي أن الإيجابية

هي الإطار العام الذي يُغلف نظرتنا إلى الاقتصاد الوطني بمختلف قطاعاته الإنتاجية، بما فيها القطاع المالي المحلي والسوق المالية المحلية، وقفت تلك النظرة الإيجابية على عددٍ من العوامل الرئيسة، التي كان نموها سيُفضي دون شك إلى دعم الأداء الاقتصادي الكلي، ويعم بنفعه وآثاره الإيجابية عموم قطاعات الاقتصاد الرئيسة، كان من أهم تلك العوامل: (1) استمرار نمو الإنفاق الحكومي ومساهمته في تعزيز أداء الاقتصاد، والتفاؤل بعودة ميزان الميزانية الحكومية إلى الإيجابية، والتي وصلت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لعام 2009م لنحو 43 في المئة منه، كانت نسبة المساهمة الأعلى منذ 1992م. (2) عودة الائتمان البنكي للنمو بصورة تلبي احتياجات القطاع الخاص، التي لم تسجل أي نمو يُذكر خلال عام 2009م. (3) عودة أجزاء كبيرة من الاستثمارات الوطنية التي خرجت للأسواق الأجنبية منذ ربيع 2009م إلى الاقتصاد والسوق المحليين، والتي تجاوزت حينها سقف 100 مليار ريال على مستوى القطاع البنكي فقط! (4) زيادة فرص السوق المالية السعودية في اجتذاب المزيد من تدفقات الاستثمارات الأجنبية. (5) أن عودة الاقتصاد العالمي للنمو وإن بصورةٍ متئدة سيساهم في زيادة عمليات التجارة العالمية، وهذا بدوره سينعكس إيجاباً على مستويات التجارة الخارجية للاقتصاد السعودي، بما يمهد إلى عودة نمو الصادرات السعودية غير النفطية للخارج، والتي سجلت تراجعاً حادّاً خلال عام 2009م وصل إلى نحو -10 في المئة كان الأقل نسبة منذ 1971م، عدا الانخفاض الأكبر في تاريخ الصادرات النفطية منذ 1970م بنسبة الذي وصل إلى -42 في المئة. فماذا حدث للاقتصاد الوطني والسوق في منظور تلك العوامل الخمس السابقة؟!

يمكن القول باختصار إنّ العاملين الأول والخامس فقط هما اللذان حدثا، وهما أيضاً العاملان الحاسمان اللذان وقفا وراء النمو الاقتصادي المتحقق لعام 2010م، حيث واصل الإنفاق الحكومي نموّه ومساهمته الملموسة في الاقتصاد بنحو 626.5 مليار ريال، مثلت نحو 38.4 من الناتج المحلي الإجمالي. بالنسبة للعامل الخامس ممثلاً في التجارة الخارجية؛ فقد عادت الصادرات السعودية للنمو بأكثر من 40 في المئة بنهاية 2010م، واستفادت كثيراً من نمو صادراتها النفطية بنحو 45 في المئة، كما سجلت صادراتها غير النفطية نمواً جيداً بلغ 13.7 في المئة، في المقابل تراجعت الواردات من الخارج بنحو 9 في المئة، وهذا عزز بدوره من ارتفاع مساهمة الحساب الجاري للاقتصاد من 5.6 في المئة إلى 16 في المئة. أما لبقية العوامل ممثلةً في الثاني والثالث والرابع المذكورة أعلاه، فلم تشهد أي تحسّن خلال العام الماضي، وعليه فقد انعدمت تأثيراتها الإيجابية على الاقتصاد الوطني والسوق، بل يمكن القول إن بعضاً من خمول تلك العوامل أدّى إلى سلبيات شهدنا تأثيراتها على عددٍ من القطاعات الاقتصادية، لعل من أبرزها السوق المالية التي لم يتجاوز نموها خلال العام الماضي 8.2 في المئة، مقابل نمو هوامش أرباح الشركات المدرجة بأكثر من 25 في المئة، فيما سجلت قيم وأحجام تعاملاتها نسباً ملفتة من التراجع للعام الرابع على التوالي؛ حيث تراجعت كل من قيمة التعاملات بنحو 40 في المئة (ثاني أعلى نسبة انخفاض منذ تأسيس السوق المالية)، وحجم التعاملات بنحو 42 في المئة (أعلى نسبة انخفاض منذ تأسيس السوق)، وبالطبع فإنّ هذا يعكس في حقيقته استمرار انسحاب الكثير من المتعاملين في السوق، تتجاوز تقديرات المنسحبين منهم طوال الخمس سنوات الماضية 3.5 مليون مستثمر منسحب!!

وبعد؛ يفتتح الاقتصاد الوطني بمختلف قطاعاته عامه الجديد 2011م حاملاً في جعبته العديد من الملفات، بعضها مفعمٌ بالصحة، وبعضها الآخر لا يزال عليلاً. المالية العامّة لا تزال تتمتع بأقوى أوضاعها وأفضلها، منحها تفوقاً في ميزانها الذي سجل فائضاً جيداً تجاوز 108.5 مليار ريال (6.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي)، ساهم في تعزيز أرصدة الاحتياطيات وإبقائها فوق 1.7 تريليون ريال، وساهم أيضاً في إطفاء مزيدٍ من الدَّين العام ليستقر عند 167 مليار ريال (لا يتجاوز 10.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي)، وساهم أيضاً في زيادة مخصصات الميزانية للمشاريع والبرامج التنموية، وساهمت الميزانية العامّة في مجملها في تعزيز النمو الاقتصادي بنحو 8.3 في المئة لعام 2010م، ويُتوقع أن تستمر مؤشرات التحسّن والعافية عليها للعام 2011م مع بوادر بقاء متوسطات أسعار النفط العالمية في مستويات 85 - 90 دولاراً لبرميل النفط العربي الخفيف، ما يُشير إلى إمكانية ذهابها إلى تحقيق فائض في ميزانها يتأرجح بين 150 إلى 200 مليار ريال بنهاية 2011م.

تظل الآن مسألة تقييم العوامل الثلاث الأخرى (عودة الائتمان البنكي للنمو، عودة الأموال الوطنية المهاجرة، زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي على السوق). لا يزال ملف الائتمان البنكي مبهماً إلى الساعة، فالبنوك المحلية كما يبدو حتى الآن لم تنتهِ من هيكلة محافظ قروضها للقطاع الخاص، والتوقعات تتوقع تحسّن أوراق هذا الملف الثقيل الوزن في مطلع النصف الثاني من عام 2011م، وفي حال تمَّ ذلك فلا شك أنه سيكون أحد أهم المحفزات المنتظرة، كونه المورد الأهم بالنسبة للقطاع الخاص الذي يُنظر إليه على أنه أفضل من تُلقى على عاتقه مسؤوليات النمو الاقتصادي المستدام، عوضاً عن الإنفاق الحكومي الذي يجب ألا يُنظر إلى دوره الاستثنائي الراهن في دعم الاقتصاد أكثر من ذلك، فليس صحياً على الإطلاق أن يستمر اعتماد الاقتصاد الوطني على الدور التحفيزي الحكومي، والاعتبار هنا يجب أن يعود بنا إلى منطق الاقتصاد الحر القائم على تنامي أنشطة القطاع الخاص. بالنسبة للأموال الوطنية المهاجرة والتدفقات الاستثمارية الأجنبية، فلا شك أن تحسّن بيئة الاستثمار بصورةٍ عامّة، والسوق المالية المحلية بصورةٍ خاصة يأتي في مقدمة الأولويات! فبالنظر إلى الأوضاع المتردية للسوق المالية وما آلت إليه من خلو أرجائها من معاشر المستثمرين، مقابل زيادة شركاتها وخياراتها، فإن مراجعةً للأسباب التي أفضتْ إلى هذه الوقائع العسرة للسوق المالية المحلية يُعد أمراً حتمياً، وقد كتبتُ حولها أربعة مقالات هنا في الجزيرة، تبلورت في ثمانِي توصيات أعتقد أنها وغيرها من نتائج مراجعة تلك الأسباب المفترض أن تقوم بها هيئة السوق المالية، قد تساهم في انتشال السوق المالية المترهلة من وضعها الراهن إلى مستويات أفضل نشاطاً وأداءً ونمواً.

عضو جمعية الاقتصاد السعودية

me@abdulhamid.net
 

ماذا بعد
وداعاً 2010م، صباح الخير 2011م
عبد الحميد العمري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة