Saturday  01/01/2011/2011 Issue 13974

السبت 26 محرم 1432  العدد  13974

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

أين ينبت الإقصاء؟
عبدالله بن إبراهيم البريدي

 

رجوع

 

الإقصاء موجود عندنا بكل أصنافه ودرجاته وأربابه، سواءً المُقصُون من اليمين أو اليسار، وسواءً الأشرار أو الأخيار، لمن يرون أنفسهم أخياراً وغيرهم الأشرار والعكس، وغير ذلك من التصنيفات التي لا حد لها للإقصائيين في كل مجتمع وبلد.

ولا شك أننا في زمن العولمة و(القرية الكونية) وقد أصابنا ما أصابنا من آثار تلك العولمة، فأصبح عندنا إقصاء وإقصائيون من كل الأطراف والأصناف.

إن هؤلاء الإقصائيين من كتّاب ومثقفين لم يأتوا من فراغ، بل أتوا من هذا المجتمع الذي (يرفض وبشدة) الإقصاء في العلن، ويمارسه في الخفاء، فكيف يتم هذا الرفض في العلن وكيف تتم الممارسة في الخفاء؟

يكتب كاتب ما مقالاً في صحيفة أو موقع إلكتروني فيُرمى بالإقصاء من أغلب القراء وذلك من خلال الردود أو النقاش في المجالس الأسرية والاستراحات!

بينما أنك ترى في تلك المجالس والاستراحات أشد أنواع الإقصاء وأكثرها تطرفاً من خلال مناقشة موضوع أو قضية صغُرت أم عظمت.

وبالمثال يتضح المقال. ففي نقاش لا شك أنه ضمن آلاف النقاشات حول نظام ساهر المروري، وعندما (قدَّر اللهُ لي) أن أبدي رأيي الذي أعتد وأعتز به حيال هذه المسألة وقلت: أمرني ساهر بالسير بسرعة 70 كم في الساعة في طريق بالإمكان أن أسير فيه بسرعة 100كم في الساعة، فنفذتُ التعليمات ونجوت من (قسائمه) القاهرة المرهقة وتوابعها!!

وقال (الساهرون أو الساهريون) عند الانعطاف يميناً يجب الوقوف التام قبل الانعطاف فما لي إلا قول (سَم وابشر) وأقف تماماً ثم أنعطف!!

فما الذي خسرته أو سأخسره عند اتباعي للتعليمات حتى ولو كنت كارهاً؟!

بالعكس لقد كسبت الرفق والحلم وسلمت من شرور كثيرة.

ولا شك أن هناك غيري من اتبع الإرشادات واتبع ما تمليه اللوحات المرورية فسلم و(نجا) من فلاشات ساهر غير المرغوبة!

هنا تجد مَن ينبري لك ويتهجم عليك قائلاً: كم تأخذ من ساهر لقاء هذا الترويض لنا؟ وغيرها من التهكمات التي تصب في الإقصاء لا غير.

ثم يجمعك مجلس في مناسبة اجتماعية بأقرباء أو أصدقاء مختلفي الأعمار والرؤى والأفكار، فيناقشُ الحضورُ من ضمن ما يناقشون التعليم ومخرجاته، فتبدي رأياً حول تقصير (البيت) ممثلاً بالوالدين، وعدم ضبطهما واعتنائهما بالركن الأهم في التعليم وهو الطالب (الابن أو الابنة)، وأن تقصير البيت ينسحب على مستوى وتحصيل الطالب، فالبيت هو المدرسة الأولى للطالب.

كما أن المدرسة هي البيت الثاني للطالب، فالمعلمون رضوا بتلك النظرية، فلمَ لا يرضى الآباء بالنظرية الأخرى؟

هنا يأتيك صاروخ إقصائي مدمر قائلاً لك: نعم، أحسنت بالتملص من المسؤولية (إن كنت مُعلماً)، وألقيت بأخطاء وتقصير المعلمين على البيت!

وحتى لو تلطفت مع هذا الإقصائي وبينت له أنَّ هناك أخطاءً وتقصيراً من بعض المعلمين، لما انتظرك لتكمل بل رماك بما هو أدهى وأمرّ مما سبق قائلاً:

ليس بعض المعلمين بل كلهم، ولا يتحملُ البيتُ وِزرَ ضعفِ الطلاب نهائياً!!

وتتوالى صور ونواحي الإقصاء، ومنها: مايدور كثيراً في أحاديث المجالس حول شكوى الكثير منا من أوضاعه المادية وعدم كفاية الراتب (الدخل) لمعيشته هو وأسرته، وعندما تعلم من أحدهم وبشكل قاطع أن راتبه يتجاوز خمسة عشر ألف ريال، وآخر يصل راتبه إلى عشرين ألف ريال، فتقول وبكل براءة: إن هناك خللاً في ميزان الصرف عندك، فعدِّل الخطأ تستقم أمورك، ويصبح راتبك كافياً بل وفائضاً، هنا انتظر وكالعادة قذيفة إقصائية لك ولرأيك من قائل لك: أهذا رأيك؟ الناس تعاني، أنت يا أخ تغرِّد خارج السرب....

فياحبذا أن ترد عليه بقولك: الحمد لله، إنني أغرد خارج سرب الإقصائيين المعاندين المكابرين أمثالك!

وإن تعددت حالات وصور الإقصاء في تلك المجالس والمنتديات فإني أختم بأغربها من وجهة نظري، وهي مايحصل عندما يُذكر فلان ويكون ضالاً وصاحب معاصٍ أومقصر في بعض مسائل الدين مثلاً، فتقول: الله يهديه، فلا تتعجب عندما تسمع من أحدهم رداً معترضاً على دعائك لهذا العاصي بالهداية:

إلا.. الله يهلكه ويكفينا شره، ماذا ترجو من هذا الفاسق؟

هذا الذي دعا بالهلاك على هذا العاصي أو الضال، ألم يُقصكَ؟

ألم يُقص عملاً جليلاً عظيماً أُمِرنا به وهو الدعاء لإخواننا بالهداية؟

همستان:

1- قال الإمام الشافعي رحمهُ الله:

(كلامي صواب يحتمل الخطأ، وكلام غيري خطأ يحتمل الصواب).

2- كما قال رحمه الله تعالى:

أحب مكارم الأخلاق جهدي

وأكرهُ أن أعيبَ وأن أعابا

وأصفحُ عن سباب الناس حلماً

وشرُّ الناس مَن يهوى السبابا

فمن هاب الرجالَ تهيبوهُ

ومَن حقر الرجالَ فلن يُهابا

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة