Sunday  02/01/2011/2011 Issue 13975

الأحد 27 محرم 1432  العدد  13975

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

حتى لا نعض أصابعنا ندماً
خالد علي غراب

رجوع

 

لقد سبق الإسلام علماء التربية في تعديل سلوك الإنسان، وبخاصة سلوك الأبناء مع آبائهم وحكمة الآباء مع أبنائهم بقيم عظيمة هجرها أبناؤنا هذه الأيام؛ فأصبحنا نسمع عن ابن قتل أباه أو ابن ضرب أُمَّه إرضاء لزوجته.

فهل هذه شيمنا ونحن أتباع محمد - صلى الله عليه وسلم -؟

أليس من المنطق أن نكون قدوة لغيرنا في السلوك القويم والآداب الفاضلة؟

فلعل من أهم الأمور اللازمة لصلاح الأبناء أن يكون هناك تواصل بينهم وبين الآباء مبنياً عل الحوار الجاد واختيار لغة التفاهم التي تتماشى مع روح العصر دون المساس بقيمنا الإسلامية، فديننا الحنيف مليء بهذه القبسات، وعلى سبيل المثال نذكّركم بالحوار الذي دار بين سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام ?فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ? سورة الصافات (102). فعندما كبر إسماعيل عليه السلام وترعرع وصار يذهب مع أبيه ويطيق ما يفعله أبوه من السعي والعمل أعلمه أبوه بهذه الرؤيا؛ ليكون أهون عليه، وليختبر صبره وعزمه في صغره على طاعة الله ثم طاعة أبيه، فأجاب إياه بأن اقضِ ما أمرك الله من ذبحي، وسأصبر وأحتسب ذلك عند الله عز وجل.

فهل نسمع مثل هذا اليوم؟

وهل نلقي باللائمة على أبنائنا الذين يتخذون القرآن دستوراً؟

ومن الثنائيات أيضاً وصية لقمان الحكيم لابنه ?وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير? سورة لقمان (13-14).

يوصي لقمان ابنه، الذي هو أشفق الناس عليه وأحبهم إليه، أولاً بعبادة الله وحده ولا يشرك به شيئاً؛ لأن الشرك أعظم الظلم، ثم قرن وصيته إياه بعبادة الله وحده بالبر بالوالدين، ويذكر الله تعالى تربية الوالدة ومشقتها وسهرها ليُذكّر الابن بإحسانها المتقدم، وأن الله سوف يجزيه على ذلك أحسن الجزاء. فأين مثل هذه الوصية اليوم؟

وهل نلقي باللائمة على الآباء الذين أهملوا أبناءهم وظنوا أن توفير احتياجات الأولاد من الكساء والطعام يكفي، وتكتمل بها رسالة الأب؟ أم لا بد من العودة بهم إلى روح الإسلام ومحاورتهم..

ومن الثنائيات كذلك الوصية التي قدمتها أم مسلمة لابنتها ليلة زفافها وهي تودعها «أي بنية، إنك قد فارقت بيتك الذي منه خرجت ووكرك الذي فيه نشأتِ إلى وكر لم تألفيه وقرين لم تعرفيه؛ فكوني له أَمَة يَكُنْ لك عبداً، واحفظي له عشر خصال يكن لك ذخراً..» فأين مثل هذه الوصايا اليوم؟

ويا للعجب أصبحت الأم تبحث عن سعادة ابنتها الآنية السطحية الممثلة في المظهر، وليس في الجوهر؛ فتخرج إلى المجتمع أُمّاً ضعيفة تفتقر إلى أبسط أمور الحياة غير قادرة على مجابهتها وتربية أجيال للوطن.

الآباء الكرام، الأمهات الكريمات، حتى لا نعض أصابعنا ندماً، أبناؤنا وبناتنا أمانة في أعناقنا سنُسأل عنهم يوم القيامة؛ فهم في حاجة إلى توجيهنا ورعايتنا، فلا تتركوهم كريشة في مهب الريح تتقاذفها الأهواء الخارجة عن أصالتنا وقيم ديننا.

أبناءنا الأعزاء، بناتنا العزيزات، حتى لا تعضوا أصابعكم ندماً، عليكم بتقوى الله، واتخاذ القرآن قبلة لسفينة نجاتكم دنياً وديناً، والامتثال لتوجيهات أولياء أموركم؛ فهم أجدر بالسمع والطاعة والتقدير والاحترام؛ لتكونوا بحق خلف الصحابة مأثور التقى أكرم بكم ونعم بالفلذات.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة