Monday  03/01/2011/2011 Issue 13976

الأثنين 28 محرم 1432  العدد  13976

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

مالك العصفور مات!
الإهداء: إلى روح الطفل (مالك) الذي ذبح بساطور كالخراف

رجوع

 

المساء مساء، والحكايا حكايا، ومواقد النار في أيام الشتاء مواقد، والضوء يكسوه ضباب كثيف، وبرد كثيف يهز العظام، وريح خفيف يضرب الشجرة التي هناك في باحة الدار عند الغرفة المنزوية، في الصباح، صياح صياح، مالك العصفور مات، لم يعد الماء ماء، جمّده زمهرير الشتاء، الغول الغضبان جاء، في شفتيه معاناة الحقد والغباء، أواه ياغباء الغباء، مالك العصفور مات، تحول جلده المطرز بالبهاء إلى لون أحمر به وجع وليس به سناء، لقد فقده سريره والغطاء، ودفتره وفانوسه المضاء، وقلمه وفلسفته في العطاء، كان لا يحب سماع دوي المدافع، ولا ضجيج العراك، ولا صراخ الصراخ، ليس لأن به خوف أو فزع، لكن لأنه يشبه عصافير النخل والشجر، نعشه حمل إلى المقبرة، شيعته عيون رفاقه والعصافير، وأمه التي ظلت تصلي راكعة بدفء أمومتها الذي يشبه حطب الموقد الطيني، في حلقها طعم حنظلة، وموت سنبلة، ودعاء أبعد من حدود المقبرة، تغسله من وحل ذنوبه الصغيرة بكوثر دعائها، هي الأم بستان البيت الذي يغوي الفراشات بالإقامة، لقد مات عكازها وفانوسها وحامل همومها الثقال، وسافر وحده إلى لقاء الله، حين أزور قبر مالك قالها أخوه الصغير، سأحضر معي عصفوراً صغيراً، مالك كان يحب العصافير، يستيقظ على شقشقاتها، كان يملأ لها الإناء ماء، وينثر لها قمحاً ورزاً وذرةً، أنا ما عدت أخاف من الموت، بل أخاف على العصافير الهشة وهي تواجه حصى النبال، مالك العصفور مات، قتله الهمجي حامل الساطور والشر، صاحب الوجود الظلامي الباذخ، يوم رأيت دمه، بكيت كثيراً وانفزع قلبي النائم الذي في صدري، لقد ذبحه بلا رحمة وكان يبكي ويتوسل بنا وأصدقاؤه الصغار أن ننقذه ونخلصه من هذا الشيطان الذي جثم عليه وقطّعه إرباً ودق الساطور في أطرافه وصدره ببرود نفسي وبلاهة، مالك العصفور مات، ارتدى كفنه الأبيض ورحل، بعد أن كان صحن خبز، وكوب كوثر، وجسد عافية، وروحاً مليئة بالحبور، ترك لنا أمنيات طوال، وحلماً بهياً، ومشاعر ملتهبة، بعد أن اغتاله البليد كالخروف، والذي به خبل وجنون، بجسامة الخسارة لهذا الطفل البريء، وبصدق موجع كالزلزلة، التي صعقتني، وبفعل هذا العمل الشنيع، تمزقت إرادتي ووقعت في فخ الاكتئاب، لقد بكيت عليك يا مالك وأذبت شحم المقلتين دون أن تعرفني، أيها الطفل الذي يشبه العصفور.

رمضان جريدي العنزي -

ramadanalanezi@hotmail.com
 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة