Monday  03/01/2011/2011 Issue 13976

الأثنين 28 محرم 1432  العدد  13976

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

حين يراد لأي مجتمع كبير أن يكون صحيا في جوانبه المختلفة، فإنه يتعين أن توفر الدعامات لبناء صحي في كل واحد من أفراده..

ولعل أول الدعامات -على سبيل المثال- لجعل كل فرد صحيحا نفسيا، هي أن يُنشَّأ الواحدُ من أفراده، في بيئة تتوافر لها المكونات الغذائية للنفس السليمة، ليكون هو في صحة نفسية جيدة...

وعلى غرار ما يطلب من الوالدين في هذا الجانب، لتنمية الفرد في الأسرة سليما، يتمتع بصحة نفسية تامة، وذلك بالعدل بين الأبناء في توزيع ثروات الروح، من الحب والعطف والحنان، والاهتمام المتساوي بحاجاتهم الصغيرة، والكبيرة، وبتوفير استجابات سريعة وممكنة لهذه الحاجات، فرداً فرداً، وتجنبيهم عدم المساس بنفسياتهم، كيلا يشعر أحدهم بالتفرقة، أو يميل للتفكير فيها، أو يقوم بتبطين الإحساس بعدم التساوي، حين يقع في ميل كفة الوالدين، أو أحدهما نحو بعضهم، دون الآخر..،..

فإنه أيضا يطلب في المجتمع الكبير أن يعامل الأفراد، والجماعات بعدالة النظام، الذي ينبغي أن يقر بتوفير الفرص للجميع، وبتقديم الخدمات بالتساوي بين الأفراد على اختلاف مواقعهم وصفاتهم، وأدوارهم، وأعمارهم، وبتمكين الفرد فيهم، من مصدر رزقه بحيث لا يشعر بالرهق حين طلبه، لهاثا وراء حاجته، أو بالكد الهادر لطاقته بلا نتيجة، وفي النهاية، يصعب عليه أن يعيش في بيئة تمرض فيها نفسه، ذلك لأن أمامه دون سواه، فرص العلاج تضيق به، ولأن مصادر دخله غير متكافئة مع غيره من أقرانه، وبأن فرص التعليم له غير متكافئة بينهم،...

يحدث ذلك تحديدا، عندما تكون المجتمعات البشرية ذات أنظمة اقتصادية، تتيح للتاجر أن يرفع في الأسعار، ولأصحاب العقار أن يفعلوا، ولملاك المرافق الصحية أن يكوِّنوا ثرواتهم على حساب المرضى.. و..،...

وحيث يجد الشاب نفسه، في طاحونة لا يخرج منها إلا بما يسدد به قروضه، ويواجه به ديونه، ولا يستطيع أن يقف على قدمين قويتين وكل ما حوله ينهكهما، ركضا حصاده منه، ذرات تراب...

والقياس على الجانب الصحي للنفوس، تندرج تحته جميع الجوانب الأخرى في أبنيته الأخرى، وفي أبنية مجتمعه، تلك التي يتعرض لها الفرد في معيشته..، إذ في طبيعة المجتمعات البشرية، أن تمر بكثير ومتجدد من التغيرات، وبعديد ومتواتر من المنعطفات، وفيها، تمس اقتصادها، ومرافقها، وفرصها، وأنظمتها المختلفة...

وعندها ترتفع نسب الفرص لفئات دون الأخرى، ما يهيئ الأجيال، ويشحذ نفوسهم إما للإحباط ومن ثم الفراغ، وما يقود إليه من الفساد.. حين تركض في اتجاه معاكس لما بنيوا عليه، وإما لارتكاب طرق التفكير في أي ممارسات يمكن أن تتوالد معها ظواهر، ليست في النهاية في صالح البناء النفسي السليم، لفئات المجتمعات البشرية...

في الواقع الراهن لهذه المجتمعات، فإن الصحة النفسية للأفراد فيها، تؤكد وجود مؤشرات سالبة في مستقبل أفرادها، في ظل زيادة عدد السكان، وارتفاع نسب الموارد العامة، وظهور الطبقيات بين ثراء فاحش، وفرص إثراء لاهثة، قد يقع فيها غير الواعي بمخارجها منهم، مع ضيق فرص العمل، والعلاج، والتعليم، وارتفاع أسعار السكن وخدمات الحياة اليومية...،

كل هذا، يدلل على أن بقية جوانب الأبنية العامة من حول الأفراد في مجتمعاتهم، تحتاج إلى الكثير، لتكون هذه المجتمعات، صحيحة سالمة، داعمة للفرد، فالجماعة فيها.

على الرغم من انغماس الناس، في خليط يتحرك، يبكي ويضحك، وما وراء الهياكل العظمية تكمن نفوس هشة تتفاعل بالكثير...، يأملون في العيش الرضي.

 

لما هو آت
العيش الرضي..!
د. خيرية إبراهيم السقاف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة