Tuesday  04/01/2011/2011 Issue 13977

الثلاثاء 29 محرم 1432  العدد  13977

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

من المعتاد، حين يداعب الكبار صغارهم يَسِمونهم بما لا يُحمد، فهذا «الجني»، وتلك «الشقية»، وذلك «الشيطان»، وأخرى «الكسولة»، والكثير العديد من الصفات التي قد تذهب لازمة معهم إلى حين يكبرون..

حدثتني إحدى الزميلات تستنصحني في شأن زوجها، وهو يكثر من السخرية بأبنائهما، ويطلق على كل منهم كنية لا يحبونها، وتحديداً بعد أن كبر بعضهم، وأخذ في فهم مدلولها فأنكره، وأطلعتني على أن أحد أبنائها, استيقظ يوماً في الليل يبكي بمرارة، وحين أفاقت على صوته، ركضت إليه، فوجدته يتقرفص خلف باب حجرته على هيئة الكلب، وفي عيادة الطبيب سمعته يقول للطبيب بعد عناء وبكاء: أنا كلب كما يسميني أبي، وبعد استجواب رحيم من الطبيب، أخبره بأنه في المدرسة، يطلق صوت الكلب قبل أن يتحدث مع أحد من زملائه، وهو في اليوم صبيحة الليلة التي أفاقت عليه وهو يصرخ، كان قد حوكم في حجرة المدير بشغبه، وبإصداره أصواتاً لا تليق في المدرسة.

تلك حالة، والأخرى، هناك فتاة شابة، كانت قد جاءتني قبل سنوات في مكتبي بالجامعة على استحياء، وشكت إلي ألمها الشديد، فأمها تدعوها بين أهلها بالسلحفاة، ولذا هي تشعر بأن قدراتها لا تساعدها على الحركة، كما لو أنها سلحفاة، وبأنها قد عانت في المدرسة من هذه الصفة، حيث انعكست عليها، فأصبح الجميع يسم سلوكها بالسلحفاة، وامتد الوضع بها وهي في الجامعة...

عرضتها حين ذاك على زميلة في علم النفس، فأخضعتها للعلاج، وتواصلت مع أسرتها... وبقيت معها على صلة، إلى أن اطمأننت عليها, فهي الآن أم لطفلين هادئين، تعلمت كيف تتعامل معهما..

في الوقت الذي يعلم أغلب الناس، وتحديداً أولئك الواعون، وذوو المعرفة, بأن دعاء الأبناء بأسماء لا تناسب قيم التربية، وحسن التوجيه، وبناء النفس، لهو عامل قوي في تدهور نفسياتهم، بل تعطيلهم عن الانطلاق والنجاح.. والتمتع بحياتهم، والإنجاز فيها.., والفرح بما ينتجون.

فالتعامل مع هذه العادة السالبة، من باب الدعابة والتندر، قد يدعو إلى إخضاع الآباء أنفسهم، والأمهات من هذه الفئة للعلاج, من أجل تعديل سلوكهم مع أبنائهم.., فهم عندئذ بحاجة إلى هذا العلاج.

وعودة إلى مبتدأ تأسيس قيمة أثر الاسم في نفس الإنسان, بوصفه معرِّفا له بين الناس, هو دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم, للإحسان للأبناء، بحسن اختيار أسمائهم، حين لا حول لهم ولا خيار, وفرضه عليه الصلاة والسلام بتغييره إن لم يُحسن اختياره، كما فعل هو بتغيير بعض أسماء من كانت أسماؤهم تناقض دينهم، أو لا تناسب إنسانيتهم, وجعل اختيار الاسم حقاً للابن عند أبيه. وواجباً عليه، والحق له قيد الأداء, وضابط الالتزام به, وحد التفريط فيه. والواجب ألزم بالتنفيذ.

أرأيتم كيف يسم المصريون أبناءهم: «المهندس»، «الدكتور»، «البطل»، وحين كانت هذه كنايات أبنائهم، وجدنا جميع أبناء غالبية الأسر أطباء، وجميعهم مهندسين...

فأحسنوا أسماء أبنائكم، وكنية الواحد فيهم، تحسنوا إليهم، وتجعلوهم سعداء لا تشقيهم دعاباتكم، ولا يضرهم تندركم, فالصغير يكبر.., وهو من تقوم عليه الحياة من بعدكم.

 

لما هو آت
ما كنية ابنك ..؟
د. خيرية إبراهيم السقاف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة