Tuesday  04/01/2011/2011 Issue 13977

الثلاثاء 29 محرم 1432  العدد  13977

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

تحويلات العمالة في السعودية بلغت 90 مليار ريال فقط خلال العام الماضي، حيث يشير خبراء ماليون إلى أن أرقامًا خيالية يتم تحويلها شهريًا، من عمالة بسيطة قد لا يتجاوز مرتب الواحد منها الألف ريال، مما يعني أن ثمّة طرقاً غير مشروعة في هذه التحويلات، وهي بالطبع نتاج حالتين: إما أن هذه العمالة تتبع سياسة تجزئة المبالغ الضخمة التي تحصل عليها بطرق تحايلية مختلفة إلى مبالغ صغيرة، أو أن هؤلاء (وهو الأمر المعروف لنا جميعًا) يدخلون البلد بتأشيرة عامل، وعقد بمرتب ضئيل لا يتجاوز 800 ريال، ثم يكتشفون خبايا الفوضى الهائلة هنا وهناك، فيدخلون التجارة من أوسع أبوابها، سواء في محلات البقالة الصغيرة ومحلات السباكة والكهرباء وورش الصيانة والمغاسل وغيرها، بحيث تسجّل المنشأة باسم أحد السعوديين ضعاف النفوس الذين يستلمون نهاية الشهر ألف ريال أو أكثر، بينما الدخل الشهري الكبير يطير إلى خارج الحدود ضمن الـ 90 مليار ريال!

هذه الطريقة التي يستفيد منها ضعاف النفوس، ذوو الطموح المتواضع والقصير، تجعل فرصة المنافسة الشريفة للمواطنين الجادين، الحالمين بالثروة والنجاح، فرصة غير عادلة إطلاقًا، لأن هذا المواطن الذي سيعمل بنفسه، وسيقود نجاحات بقالة صغيرة أو مغسلة ملابس أو محل بيع أدوات كهربائية، لن يتمكن من مواجهة اللوبي الأجنبي الذي يسعى إلى القضاء على تجارته الصغيرة، بحرمانه من بضاعة موزعي الجملة الذين يطوفون على المحلات، كما لن يتمكن من البقاء 18 ساعة في المحل، خلافًا لمن جاء إلى البلد دونما أي التزامات عائلية تعوق تفرغه الكامل.

كلما قرأت أو رأيت أزمة البطالة لدى السعوديين، والتحويلات الضخمة من الأموال الوطنية إلى خارج البلاد، ولكونها أضعاف ما تحققه هيئة الاستثمار الأجنبي من توظيف أموال أجنبية داخل البلاد، أقول كلما قرأت أو رأيت تذكرت على الفور والد زميلي فهد خلال الدراسة الجامعية، فأبو فهد من إحدى قرى سدير بنى منزلاً جميلاً في أول (ظهرة البديعة)، جعل مكان مدخل السيارة المتعارف عليه في المنازل عادةً، بوابة بقالة صغيرة، استطاع بها أن يصرف من خلال دخلها الصغير على منزله وأولاده، قبل أن يضايقه مراقب البلدية ويلاحق جلسته اليومية التي كان جزءاً منها متعة وتسلية أوقات العصاري، كي يغلق هذا المحل إلى الأبد، وهو كما أظن آخر الزمن الجميل الذي كان فيه الآباء يجعلون جانبًا صغيرًا من منازلهم متجرًا لبيع الأرز أو القهوة أو أغراض البقالة، فيتسلّى بعضهم، بينما يصرف بعضهم الآخر على فتيان وفتيات كي يكملوا تعليمهم ونجاحاتهم، ليتحوّل بعض هؤلاء إلى ترك (الخيط والمخيط) في أيدي هؤلاء القادمين بتأشيرات عمال، ليصبحوا أصحاب رؤوس أموال، وليصبح أمثال العم أبي فهد مجرّد متستر عليهم، يقبض مبلغًا ضئيلاً سنويًا، ويساعد على فوضى العمل والتجارة في البلد.

شخصيًا لست ضد الأجانب الذين يأتون بطموحات الكسب والتجارة، فهم لم يأتوا للتمشية والتسليّة، بل جاءوا للكسب والظفر بأضخم الأموال وتحويلها إلى بلده، لأنه جاء بشكل مؤقت لتكوين ثروة، إلا إذا كان من عينة مقاول تركي عرفته ذات زمن، حينما قال لي: لن أترك هذه البلاد وكنوزها إلا مع آخر برميل تحت هذه الأرض!.

 

نزهات
أبو فهد والمقاول التركي!
يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة