Wednesday  05/01/2011/2011 Issue 13978

الاربعاء 01 صفر 1432  العدد  13978

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

تفجير سيارة أمام كنيسة مقابلة لمسجد في الإسكندرية، وسقوط عشرات القتلى والجرحى، دماء تملأ المشهد، على جدران الكنيسة وعلى الأرض، وأشلاء لجثث لا ذنب لها في أي مما يجري على أرض الواقع، المكان يتشابه، في مصر الآن، ومستمر في العراق،

والبقية تأتي في مشروع التفتيت القائم حالياً والمدروس على نار ليست هادئة في العالم العربي.

سياقات كثيرة متوازية يحملها حادث التفجير الذي وقع في الإسكندرية أمام إحدى الكنائس، الاسم لا يهم، وجماعات من الأقباط يحاولون مهاجمة المسجد المقابل، وأقباط آخرون يمنعونهم من هذا العدوان، لا يمكن فهم هذا المشهد إلا من خلال الاندماج في تفاصيل الشارع العربي الذي أصبح وأضحى وأمسى وكل أخوات «كان» يئن بسبب هذه الخطط المنسوجة بعناية شديدة جداً لإحراج الأنظمة العربية في إحكام قبضتها على الأمن، وهز صورتها أمام شعوبها، دعماً لمزيد من الفوضى التي بالضرورة ليست خلاقة.

أصبح الكلام عن قبول الآخر كلاماً ممجوجاً، معاداً مكرراً، لا يمكن تناوله الآن، إذا وضعنا أمام أعيننا متلقياً لما نكتبه. فنخبوية الكتابة لا تجد أحداً من الشارع يتلقاها، ولا يسمع عنها، وأتحدى أي إنسان لو قام بعملية استبيان في الشارع العربي يسأل فيه إنسان الشارع، سؤالاً محدداً وهو: ما معنى قبول الآخر؟ أتحدى إن وجد إجابة أصلاً، فتشويش المفاهيم ضمن سياقاتها التي من المفروض أن يتم تعلمها تلقيناً أو تفهيماً أو بأي طريقة ممكنة وغير ممكنة عن قبول الآخر، وإن كان ما يحدث بعيداً تماماً عن مسألة قبول الآخر، وهذه القضية التي لا علاقة لها بأي محاولات تفجيرية يقوم بها متشددون أو متعصبون أو لنسميهم ما شئنا من التسميات التي تحمل في مضمونها «التحريض»، ليتكرر المشهد. مدبر أو محرض يملأ العقول الفارغة بما يحمله من أفكار لا تنتمي لأي تيار ديني بقدر ما تنتمي لتيار معادٍ للحياة بشكل عام، والتوظيف السياسي الكامن خلف المشهد يتحين الفرصة المناسبة ليشير بأصابعه الستة التي على شكل «النجمة» إلى اضطهاد هنا، وآخر هناك، تفكيك هنا، وغيره هناك، شَمال هنا، وجنوب هناك، سُنَّة هنا وشيعة هناك، وآلاف الثنائيات التي ملأت حياتنا وتم إدراجها ضمن مفردات القاموس السياسي الصحفي الإعلامي الذي لا يكاد يمر يوم من دون استعمال إحدى هذه الثنائيات القديمة جداً في التاريخ الإنساني وفي العقل بشكل عام، لكن حين تتكرر تلك الثنائية «الفُرس في مقابل الروم، الشرق في مقابل الغرب، الشمس في مقابل القمر، النور في مقابل الظلمة»، حين يتكرر استعمال هذه الثنائيات في القرن الحادي والعشرين واستهلاك مضامينها ل «استحمار» العقول، فذلك لا يعني إلا أننا طوينا التاريخ، وغيَّرنا التعريف الأحدث للإنسان بأنه «ذو تاريخ».

المسألة ليست معاناة أقباط في بلد إسلامي، أو حتى إن انسقنا وتوهمنا أن هناك اضطهاداً ما واقع على الأرض العربية تجاه المسيحيين أو المسلمين، فالكل مضطهد بسبب الظروف السياسية والاقتصادية التي تسود بعض دول المنطقة، ولا يمكن أن نتغافل في هذه اللحظات التاريخية الصعبة التي تواجه العالم تلك الأصابع التي ليست خفية وتريد العبث بمقدراتنا في المنطقة العربية.

Aboelseba2@yahoo.com
 

قراءة السياقات والـ «ثنائيات» المتوازية في أحداث الإسكندرية
حسين أبو السباع

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة