Wednesday  05/01/2011/2011 Issue 13978

الاربعاء 01 صفر 1432  العدد  13978

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

      

غرقت مدينة جدة بعد ساعتين من هطول الأمطار التي وصفت بأنها «متوسطة إلى غزيرة»، وأعادت إلى الأذهان كارثة سيول العام ما قبل الماضي. منذ أزمة سيول جدة، والدولة مجندة لمعالجة شبكات تصريف الأمطار، إزالة التعديات، وإنجاز المشروعات المهمة؛ إلا أن الأودية وممرات السيول ما زالت مشغولة بالأحياء السكنية التي لم يتم التعامل معها منذ العام ما قبل الماضي. التغيرات المناخية تُنبئ باستمرار الأمطار الغزيرة على المنطقة الغربية وبعض المناطق الأخرى ما يعني مزيدا من الغرق، والضحايا، إذا لم يتم التعامل مع المواقع الخطرة وفق خطط الطوارئ التي تُجيز للجهات الرسمية إخلاء المناطق الخطرة فورا وتعويض المتضررين، وتوفير المأوى المناسب لهم. الأمر لا يتوقف عند الأحياء المعترضة مجرى السيول، أو المشيدة في بطون الأودية، بل يتعداها إلى مخالفة البناء التي سمحت للبعض بتشييد الأحياء السكنية بمناسيب منخفضة، لم يُراعى فيها أسلوب التصريف الأمثل، ما حولها إلى برك، ومستنقعات تجاوز عمق المياه فيها 130 سم؛ الأكيد أنه «لم تكن هناك سيول منقولة وإنما كثافة أمطار تسببت في ارتفاع منسوب المياه في الشوارع» وهنا تبرز قضايا مستوى منسوب البناء، الرصف، وتصريف الأمطار، التي لم يتم التعامل معها وفق المعايير الهندسية الدقيقة.

ما الذي يحدث في مدننا، هل نعاني شح الاعتمادات المالية، أم نقص المشروعات، أم أزمة في العقول؟ جدة، ومكة ليستا استثناء القاعدة، ولن يطول الوقت قبل أن نكتشف أزمة الرياض، الدمام، حفر الباطن، النعيرية، المدينة المنورة ومدن أخرى، على أساس أن مشروعات البنى التحتية المرتبطة بالأمانات ما زالت تُدار وفق التفكير التقليدي الذي يقود إلى تعثر المشروعات، رداءة التنفيذ، وظهور الأزمات.

لا أعتقد أننا نعاني شح الاعتمادات المالية، والدليل الانفاق الحكومي التوسعي الذي تجاوز 2.5 تريليون ريال في خمس سنوات، كما أن المملكة لا تعاني من نقص في مشروعات البنى التحتية التي يُنَفق عليها ما يقرب من 250 مليار ريال سنويا؛ إذاً فنحن نعاني من أزمة العقول والإدارة التي لم تحسن التصميم، التنفيذ، إدارة مشروعات البنى التحتية والإشراف عليها وهو ما تسبب في كثير من الأزمات، وعلى رأسها أزمة غرق المدن حين تعرضها لكميات أمطار «متوسطة إلى غزيرة» اعتادت المدن الفقيرة في الهند، وتايلند على تلقي أضعافها على مدار العام دون أن تتسبب في غرقها!. الاستيلاء على الأودية، والتعديات التي حولتها حجج الاستحكام إلى أملاك، وسوغت بيعها على المواطنين تسببت في كثير من الأزمات المتكررة في مناطق المملكة، وإذا كانت الأمانات مسؤولة عن تلك المخالفات، والتعديات، فكتابات العدل مسؤولة أيضا عن إضفاء الشرعية عليها بإصدار الصكوك الشرعية لمن لا يستحق!؛ يعاني المواطن البسيط من تعقيدات الإفراغ لأملاكه الخاصة التي اشتراها بحرِّ ماله، وقد تفشل بعض الصفقات العقارية بسبب خطأ بسيط في الصك، أو لعدم وجود خاتم كاتب العدل، على الرغم من وجود كامل معلومات العقار في سجل المحكمة، ما يؤكد صحته ودقته، في الوقت الذي ينجح فيه محتالون بالاستيلاء على أملاك الدولة، وينجحون في استخراج حجج الاستحكام، ووثائق التملك بكل يسر وسهولة!!

ستبقى أزمة السيول دون تغيير، وستفنى أرواح المواطنين في منازلهم، والشوارع المحيطة بهم ما لم تتحرك الجهات المسؤولة لمعالجة الأخطاء وفق خطط الطوارئ العاجلة، لا الخطط طويلة المدى؛ الاعتماد على الجهود الخاصة، والاستشارات المحلية، والشركات الوطنية ستزيد من أمد المشكلة التي تحتاج إلى خطط وبرامج استثنائية عاجلة؛ ربما نحن في حاجة إلى مساعدة الشركات العالمية التي يمكن أن تهتم بالرفع المساحي وتحديد المناطق المتضررة، أو المهددة بالخطر وفق تقنيات حديثة، ووضع الخرائط الرقمية الدقيقة، واقتراح المشروعات العاجلة التي تضمن حماية جدة، والمدن الأخرى من السيول وتجمعات الأمطار، إضافة إلى تنفيذ المشروعات العاجلة، وبخاصة السدود، وقنوات التصريف، وتحوير مجرى بعض الأودية التي لا يمكن إخلاؤها في مدة زمنية قصيرة؛ التعامل مع المناطق المخالفة، والمتسببين بظهورها، بحزم، ونقل المتضررين إلى مساكن بديلة بعد تعويضهم عن أملاكهم، والخسائر المادية التي تعرضوا لها، ستحد من الأضرار المستقبلية، بإذن الله. ليكن عام 2011 عام مشروعات الصرف الصحي، تصريف الأمطار، وبناء السدود لحماية المدن وساكنيها، فهي مقدمة على ما سواها من مشروعات، ويُفترض أن تكون لها الأولوية شريطة أن تنجز وفق المعايير العالمية التي تضمن الجودة، سرعة التنفيذ، والإشراف العالمي.

أمين منطقة نجران

معرفتي برئيس بلدية محافظة الجبيل السابق، وأمين منطقة نجران الحالي، المهندس فارس الشفق كانت عبر الصحافة، ومن خلال مقال انتقدت فيه بعض الأخطاء البلدية، وبدلا من نقمته وغضبه، وجدت منه التفهم والقبول، حين نقل لي أحد الإخوة ما ذكره الرئيس حرفيا وهو «هذا هو النقد الهادف»؛ وبعد مقابلته وجدت لديه فكر المسؤول المنفتح، والرغبة في التطوير، والنظرة الإستراتيجية التي تحتاجها المنطقة لا المحافظة فحسب؛ توقفت كثيرا عند مطالبته الملحة بوجود مكاتب استشارية مستقلة تهتم بوضع الدراسات الإستراتيجية، وتربط بين تصميم المشروعات، ودراسة تكلفتها، والإشراف على تنفيذها بما يكفل الكفاءة والعدالة أيضا، على أساس أن البلدية لا تستطيع عمل ذلك بما يتوفر لها من إمكانيات. دعمه لفكرة التخلي عن رئاسة المجلس البلدي، وتأكيده على أن الرئاسة يجب أن تكون لأعضاء مستقلين لضمان الحياد، وتفعيل دور المجلس جاء متوافقا مع رؤى المختصين في المجالس البلدية؛ التخلي عن المناصب، ومراكز القوى أمر نادر الحدوث في الإدارات الحكومية. التعاون مع المجلس البلدي بات من أساسيات بلدية المحافظة، وهو ما تميزت به بين المجلس والبلدية منذ توليه رئاستها. فقدت محافظة الجبيل الكثير بفقدها أحد الكفاءات الوطنية المخلصة، نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله، وكسبت منطقة نجران أمينا يمتلك رؤى التطوير والإبداع، وروح العمل المخلص، المتفاني في خدمة الوطن والمواطنين.

f.albuainain@hotmail.com
 

مجداف
غرق المدن.. أزمة اعتمادات مالية أم أزمة عقول؟
فضل سعد البوعينين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة