Wednesday  05/01/2011/2011 Issue 13978

الاربعاء 01 صفر 1432  العدد  13978

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

من حقوق المرأة في الإسلام
د. فهد السويدان

رجوع

 

تميزت حقوق المرأة في الإسلام الحنيف على حقوقها في القانون الدولي والوضعي بالعديد من المميزات الحميدة التي يجب علينا تعرُّفها وتعلُّمها وتطبيقها وإدماجها في برامجنا التربوية والتعليمية والتدريبية؛ حتى نفعلها في حياتنا اليومية تفعيلاً عقلياً شرعياً، وحتى ندافع عن ديننا في ظل التشويه العالمي والمحلي لهذا الدين وشريعته السمحة الغراء، ووسطيته العادلة الفريدة في عالم غابت فيه الوسطية ومعايير العدالة المطلقة والدعوة إلى كل فضيلة والنهي عن كل رذيلة، وصيانة المرأة وحفظ حقوقها خلافاً لأهل الجاهلية قديماً وحديثاً الذين يظلمون المرأة ويسلبون حقوقها جهاراً أو بطرق ماكرة.

لقد رفع الإسلام مكانة المرأة، وأكرمها غاية الإكرام بما لم يكرمها به دين سواه؛ فالنساء في الإسلام شقائق الرجال، وخير الناس خيرهم لأهله؛ ثم إن للمرأة في الإسلام حق التملك، والإجارة، والبيع، والشراء، وسائر العقود، ولها حق التعلُّم، والتعليم، بما لا يخالف دينها، بل إن من العلم ما هو فرض عين يأثم تاركه ذكراً أم أنثى.

بل إن لها ما للرجال إلا بما تختص به من دون الرجال، أو بما يختصون به دونها من الحقوق والأحكام التي تلائم كُلاً منهما على نحو ما هو مفصل في مواضعه.

لقد دَحض القرآن الحكيم الأفكار الباطلة التي كان الناس يعتقدونها في السابق، وأقرَّ بأن طبيعة التكوين وأصل الخلقة بين الرجل والمرأة واحد، فلم يخلق الرجل من جوهرٍ مكرم، ولا المرأة من جوهر وضيع، بل خلقهما الله من عنصر واحد ومن نفس واحدة وهو التراب، فيقول تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء) النساء: 1.

وبذلك ارتقى بالمرأة عندما جعلها مثل الرجل تماماً من جهة الطبيعة التكوينية، ووفر لها من خلال ذلك حقَّ الكرامة الإنسانية، ثم إن القرآن وحَّد بين الرجل والمرأة في تحمُّل المسؤولية، فقال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أو أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً).على أن التساوي بينهما في أصل الخلقة والكرامة والمسؤولية، لا يعني بتاتا إنكار الاختلاف الفطري والطبيعي الموجود بينهما، الذي يؤدي إلى الاختلاف في الحقوق والواجبات، فميزان العدالة السليم هو التسوية بين المرء وواجباته، وليس التسوية في الحقوق والواجبات بين جنسين مختلفين تكويناً وطبعاً.

ومن هذا المنطلق فليس التفضيل في الإرث اختلالاً في العدالة، بل هو عين العدالة، فالرجل عليه الصداق منذ بداية العلاقة الزوجية، وعليه النفقة إلى النهاية.

كما منحها حق التعليم، فوصلت إلى مراتب علمية عالية متفوقة مبدعة، وأشاد بنزعة التحرر لدى المرأة من الظلم والطغيان، فضرب لذلك مثلاً في آسية امرأة فرعون، الَّتي ظلَّت على الرغم من الأجواء الضاغطة، محافظة على عقيدة التوحيد، التي آمنت بها، فأصبحت مثلاً يُحتَذَى به. فقال الله تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إذ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) التحريم: 11. فإنه موقف صارم لا هوادة فيه، ويختلف عن موقف مؤمن آل فرعون الذي وقف بوجه فرعون بلين وبلباقة. وهكذا يكشف لنا القرآن عن مقدار الصلابة والقوة التي يمكن أن تكتسبها المرأة، إذا امتلكت الإيمان والرؤية السليمة، ويحدث العكس من ذلك لو حادت عن طريق الهداية كامرأة نوح (عليه السلام)، فسوف تغدو أسيرة لعواطفها وأهوائها، تحرِّكها أينما شاءت، فتكون كالريشة في مهب الريح.

*. ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: « إن لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقاً» رواه الترمذي وصححه

وللزوجة على زوجها حقوق كثيرة من أهمها:

1- وقايتها من النار:

وذلك بحثها وأخذها على الخير ونهيهها عن الشر قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم:6) وكذلك حثها على الصلاة خاصة فقد قال تعالى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) (طه: 132). وكما سبق أن الزوجة التي لا يصلي زوجها يجب تركه ومفارقته كذلك هنا من لا تصلي لا يجوز البقاء معها.

ومن وقاية الأهل: أن تحثهم على الالتزام بالحجاب والعفة ومكارم الأخلاق.

2- النفقة عليها:

النفقة على الزوجة وكسوتها من الحقوق الواجبة على الزوج التي فرط فيها الكثير من الناس مع الأسف الشديد، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - لمن سأله عن حق الزوجة عليه (أَنْ تُطْعِمَهَا إذا طَعِمْتَ وَتَكْسُوَهَا إذا اكْتَسَيْتَ أو اكْتَسَبْتَ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ) رواه أبو داود. وتكون النفقة بالمعروف وما هو متعارف عليه في البلد، مع الحذر من المال الحرام. فالنفقة على الزوجة فيها أجر عظيم، فقد قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أنفق الرجل فهي له صدقة) متفق عليه، وذلك إذا كان يريد بها وجه الله تعالى ويحسن النية فيها.

أما في الإسلام فقد تحسنت وتعززت بعض حقوق المرأة، وقد أعطى الإسلام المرأة حقوقها سواءً المادية كالإرث وحرية التجارة والتصرف بأموالها إلى جانب إعفائها من النفقة حتى ولو كانت غنية، أو حقوقها المعنوية بالنسبة لذاك العهد ومستوى نظرته إلى الحريات بشكل عام وحرية المرأة بشكل خاص. كما لها حق التعلم، والتعليم، بما لا يخالف دينها، بل إن من العلم ما هو فرض عين تأثم إذا تركته.

لا يقتصر دور المرأة في الإسلام على كونها امتدادا للرجل، على الرغم من أن بعض العلماء والمؤرخين يختزلون دورها نسبة للرجل: فهي إما أمه أو أخته أو زوجته. أما واقع الحال فإن المرأة كانت لها أدوارها المؤثرة في صناعة التاريخ الإسلامي المشرق بمنأى عن الرجل. فنرى المرأة صانعة سلام (كدور السيدة أم سلمة في درء الفتنة التي كادت تتبع صلح الحديبية).. ونراها محاربة (حتى تعجب خالد بن الوليد من مهارة أحد المقاتلين قبل اكتشافه أن ذلك المحارب امرأة).. ودورها في الإفتاء بل وحفظ الميراث الإسلامي نفسه. ودورها في الطب في الحرب كتضميد الجرحى.

ويتميز الإسلام في هذا المجال بمرونته في تناوله للمرأة. فقد وضع الأسس التي تكفل للمرأة المساواة والحقوق والواجبات. كما سنّ القوانين التي تصون كرامة المرأة وتمنع استغلالها جسديا أو عقليا، ثم ترك لها الحرية في الخوض في مجالات الحياة.

من حقوقها الإنسانية والمدنية:

1- حق المساواة في الخلق وانتفاء الاعوجاج في أصل خلقتها.

2- حق المساواة في الاستخلاف.

3- حق المساواة في القيمة الإنسانية.

4- المساواة في المسؤولية والجزاء.

5- المساواة في الحقوق والواجبات.

6- المساواة في الحياة والرعاية.

7- المساواة في طلب العلم.

8- حق ارتداء الحجاب وعدم الاختلاط.

حقوقها المالية والاقتصادية:

1- كفالة حق العمل وفق الضوابط الشرعية.

2- أهليتها الاقتصادية.

3- حقها في النفقة والمهر.

4- حقها في الميراث.

5- حقها في البيع والشراء.

لا يوجد أي نظام كرم المرأة وأعطاها حقوقها كاملة كنظام أحكام شريعة الإسلام. المرأة في الإسلام مكرمة مثل الرجل، لأنهما أحد النوعين لبني آدم، فبنو آدم إما رجال وإما نساء، والله - عز وجل - كرم بني آدم وفضلهم على كثير من خلقه، كما صرحت بذلك آيات القرآن الكريم، مثل قوله تعالى «ولقد كرمنا بني آدم» ولا يتصور أن يكون نوع واحد من نوعي بني آدم وهو نوع الرجال، هو المكرم فقط، وإنما الآية لكلا النوعين الرجل والمرأة في التكريم.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة