Friday  07/01/2011/2011 Issue 13980

الجمعة 03 صفر 1432  العدد  13980

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

خلال سنوات دراستي في تخصص الجراحة اختبرنا البروفيسور ذات يوم بعدة أسئلة، سلمت أوراق الاختبار للطلاب وحين تسلَّمت ورقة اختباري قرأت وأجبت سريعا عن كل الأسئلة حتى سقطت عيناي على آخر سؤال تضمنه الاختبار. أثار هذا السؤال الكثير من دهشتي وحيرتي!

كان السؤال كالتالي : «ما هو الاسم الأول للمرأة التي تنظف قاعة دراستك؟» قرأت السؤال مرة أخرى وثالثة..حيث إن عيناي لم تصدق تضمن اختبار الجراحة لسؤال مثل هذا..اعتقدت أنها مجرد مزحة أستاذ لطلابه.. خاصة أنني أعلم أن أستاذي هذا شخص مرح لين الجانب يحب المزاح ويعشق مداعبة تلاميذه ..تركت السؤال من دون حل وأخذت بمراجعة إجاباتي قبل تسليم ورقتي، كنت قد تعبت كثيرا في الاستعداد لاختبار مهم مثل هذا .. ثم إنني قضيت الليالي سهرا حتى لا أدع شاردة ولا واردة في فن الجراحة إلا وحفظتها عن ظهر قلب، لكن عيناي أبت إلا أن تعود للسؤال مرة أخري قبل تسليم الورقة؟! «ما هو الاسم الأول للمرأة التي تنظف قاعة دراستك؟» كنت قد رأيت تلك المرأة مرات عدة تنظف الأروقة لكن كيف لي أن أعرف اسمها؟ سلمت ورقة إجابتي وتركت السؤال الأخير فارغا.

زميلي لم يرق له الحال وبادر بسؤال البروفيسور عما إذا كان هذا السؤال جزءا من الاختبار بالفعل وتحسب له درجات .فأجاب البروفيسور: «بالتأكيد «. ثم أردف البروفيسور يقول «في حياتك، سوف تقابل الكثير من الناس وكل منهم له قدر كبير وثقل واحترام، ومن ينظف فصلك يستحق الاهتمام الخاص والرعاية، حتى لو كان كل ما تفعله لها ابتسامة أو على الأقل أن تعرف اسمها».

لم أنسَ هذا الدرس أبدا. كما أنني أيضاً تعلمت اسمها الذي كان: اليزابيث جون أن احترام الناس وتقديرهم دون اخذ مركزهم الوظيفي أو الاجتماعي بالاعتبار أمر يجدر بكل مرب غرسه وتأصيله في أذهان طلابه.. فأي مجتمع لا يكون بناؤه إلا بالاحترام، والأسرة لا تقوم إلا باحترام أفرادها بعضهم لبعض ولا سيما الابن لوالديه، بل حتى اللبوة لا تبدأ بتناول طعامها وفريستها إلا بعد أن يفرغ منه أسدها أو يأذن لها!

كندا

 

اللبوة وأسدها
د. عزام القاضي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة