Saturday  08/01/2011/2011 Issue 13981

السبت 04 صفر 1432  العدد  13981

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

القبيلة هي مجموعة من الناس تنتمي في الغالب إلى نسب واحد يرجع إلى جد أعلى، وتتكون من عدة بطون وعشائر، أفراد هذه القبائل يسكنون غالبا إقليما مشتركا يعدونه وطننا لهم، ويتحدثون لهجة مميزة، ولهم ثقافة متجانسة وتضامن مشترك ضد العناصر الخارجية الأخرى، تنتشر القبائل في كل قارات الدنيا قاطبة، منها ما اندثر كما هو الحال مع بعض القبائل الأوروبية، مثل الجرمانيين، ومنها ما كاد يندثر مثل قبائل الهنود الحمر في أمريكا الشمالية والجنوبية، ومنها ما ذاب في المجتمعات الحضرية المتاخمة كما هو الحال مع بعض قبائل جنوب غرب آسيا، وتختلف عادات هذه القبائل وطرق معيشتها وفنونها وأنظمتها وقوانينها الاجتماعية وأعرافها الأخرى، والقبيلة عموما لا يوجد لها استقرار مكاني فهي مرتحلة من مكان لآخر، حتى أن بعض أفخاذ القبيلة الواحدة لا يعيشون في مكان واحد من كثرة التنقل والبحث عن الكلأ وموارد الماء، وأفرادها يرتبطون في زمر اجتماعية وفق مجموعة من الروابط والعلاقات وتمثل رابطة القرابة أهم أقوى هذه الروابط، لكل قبيلة نظام خاص في المسكن والمطعم واختيار الأسماء والأعراف والتقاليد، ولبعضها تميزات خاصة في الزواج والضيافة وتسمية الأشخاص والثأر والأسلحة والأحكام والعقوبات واقتناء الأشياء، عرف عن القبيلة عموما حروبها المتكررة والدائمة نتيجة الظروف الزمانية والمكانية آنذاك، غالبا ما يغير أفرادها كرا وفرا بدون تهيئة أو تعبئة بسرعة خاطفة وفق ما يأمر به عقيدهم وإذا ما كسروا وطوردوا يفرون إلى فضاء البادية الآخر للنجاة، والقبيلة بصفة عامة لا تذم فهي قدر كوني أراده الله، قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} لكن عندما يقدم الولاء والفداء والتناصر على أساس القبيلة على المعتقد الديني والوطني فإن الدين والوطن مقدم على أخاء النسب والمصالح، فمتى ما انزاحت هذه الجزيئية السلبية أثمرت القبيلة خيرا على المجتمع والوطن، فزادت بها وحدته وقويت شوكته وصلح بها أمره، إن تقديس القبيلة ومحاولة بعث النعرات القبلية من جديد وذلك من خلال اللعب بنار الألفاظ والأشعار والقصائد والتكتلات التي تشبه التكتلات الحزبية بشكل بشع ممقوت يمارس على بعض القنوات الفضائية التي لا تفكر في العواقب الوخيمة والنتائج السلبية المدمرة، إن محاولة الردة للحمية القبيلة ومعطياتها والقفز على الوطنية والمواطنة يعتبر ضربا من الجنون والغباء والسذاجة والوهن، إن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي احتضن عنوانا ضخما وكبيرا لكنه متميز (القبلية والمناطقية والتصنيفات الفكرية وأثرها على الوحدة الوطنية) يعتبر عملا له تفرده وذائقته الخاصة وهدفه ومراده، إنه لا يدعو لتحطيم القبيلة والمناطقية وتغييبها وتهميشها وتكسيرها بل يدعو لتطويرها والأخذ بها وتنميتها وتحديثها بكل الجوانب المتعددة الكفيلة بتحطيم ركودها وإزالة الشوائب والأدران العالقة بها، ووفقا لهذا الفكر وهذا المنطق فإن الرؤية التي انطلق من خلالها هذا العنوان تعتبر منطقية ودقيقة ولها منظور إيجابي صحي وسليم على المدى القريب والبعيد، إن القبيلة والمناطقية لها الجزء والنواة الكبيرين في الدولة ولها تأثيرها وحضورها وفعاليتها، لكننا أحوج ما نكون إلى توعية الأفراد بشكل صلب ومكثف إلى أن الانتماء الوطني حسا وشعورا لا بد أن يكون أكبر بكثير من الانتماء العشائري والقبلي والمناطقي، إن التجانس والتآلف الوطني الوحدوي بين أفراد المجتمع الواحد بعيدا عن التكتلات الجاهلية البغيضة المغرقة بالعصبية يمنحنا طاقات إيجابية خلاقة ومثمرة للرقي ببلدنا ومجتمعنا إلى مصاف الدول المتقدمة الأخرى، إن التحدي القائم الآن في إزاحة بعض المفاهيم القاصرة من بعض العقول السقيمة والصغيرة والذي يجري التعصب الأعمى في شرايينهم كما تجري الدماء بجهل وزعيق وهوى يجب أن يقوى في زيادة وتكثيف وتنويع هذا النوع من الحوارات والنشاطات والمؤتمرات والتي تساهم حتما في رفع المعرفة الفكرية وتنمية الحس والشعور والانتماء الوطني لدى الأفراد قاطبة، إن هذه التحركات الفكرية الراقية ورقة رابحة نحو تحريك لم الصف والشمل تحت شعارات وخطوط عريضة هدفها تقوية اللحمة الوطنية ضد الأنواء والأعاصير والأمواج المتلاطمة والفتن والإرهاصات النتنة قال تعالى {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ}، وقال الشاعر:

تأبى العصي إذا اجتمعن تكسرا

وإذا افترقت كسرت آحادا

ramadanalanezi@hotmail.com
 

القبلية!
رمضان جريدي العنزي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة