Sunday  09/01/2011/2011 Issue 13982

الأحد 05 صفر 1432  العدد  13982

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

      

خلال زيارتي لسنغافورة أعجبت بفكرة رغم بساطتها إلا أني أكبرتها واحترمتها حقاً، ففي قلب تلك المدينة «الدولة» ميدان فسيح يطلق عليه «نيوتن سكوير»، ترتص فيه المطاعم التي تتفنن في تقديم أشهى أطباق الطعام، بينما تتوزع طاولات الطعام على امتداد الميدان الفسيح، إلى هنا والأمور عادية، لكن الذي لم يكن عادياً بالنسبة لي - على الأقل - ملاحظة أنه لا يسمح لأحد تلك المطاعم بتكرار بيع الأطباق ذاتها التي يبيعها المطعم المجاور، بمعنى لو تميز أحد المطاعم في إعداد نوع من الفطائر فإنك لن تجده سوى في ذلك المطعم دون سواه، أو عليك البحث عن بديل آخر لن تجده سوى خارج الميدان المذكور! ليس ذلك فحسب، بل ليس من حق أي مطعم أن يبيع المشروبات، تماماً كما لا يحق لمحل المشروبات بيع الطعام، فالطعام والمشروبات هما نشاطان تجاريان منفصلان، وبالطبع فكل ذلك يتم بقرارات صارمة منعاً للاحتكار.

إن الرزاق هو الله سبحانه، وهو وحده يقسم الرزق بين الناس، لكن سَنّ الأنظمة الصارمة في هذا الخصوص يكون سبباً في إقامة عدالة توزيع لقمة العيش بين البشر، وكم يؤسفني حقاً أن ما أشاهده في مدننا مختلف تماماً، فلو برع معلم فول (على قد حاله) في إعداد طبق مميز وتكدس عليه الزبائن سرعان ما سيعصف به محل آخر لبيع الفول أيضاً، لكن المحل الجديد سيكون أكبر مساحةً وأضخم لوحةً وأعتى تجهيزاً، وسيقدم فوله المنافس على طريقته، ربما مع أسبوع تخفيضات بمناسبة الافتتاح! تماماً كما لو نجح صاحب ال(بقالة الصغيرة) في خدمة سكان الحي الموجود فيه بقدر استطاعته وبحجم إمكاناته باغته بعد مدة قصيرة سوبر ماركت كبير في الجهة المقابلة فقضى عليه وسحب زبائنه وزبائن الأحياء المجاورة عن بكرة أبيهم!

أتمنى لو تنبهت أمانات المناطق مشكورة لهذه النقطة المهمة التي تنطوي على كثير من الإيجابيات للتاجر والمستهلك في آن، وتقضي على كثير من السلبيات التي من ضمنها أننا أصبحنا نعرف شارعاً مشهوراً للخياطين وآخر للحلاقين وثالثاً للخطاطين، وذلك يفضي بالمحصلة النهائية إلى تركيز نشاط تجاري معين في ناحية محددة من المدينة، ويحرم بقية جهات المدينة من النشاط ذاته، كما أن ذلك يمنح المحال الكبيرة فرصة النجاح على حساب المحال الأصغر حجماً. صحيح أن التجارة «شطارة»، لكن دعونا نتفق على أن الاحتكار لم يكن يوماً ضرباً من الشطارة، ولا يجب أن يكون.

* محاضر بجامعة جازان

Aymin2008@gmail.com
 

التجارة شطارة.. ولكن!
أيمن العريشي *

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة