Monday  10/01/2011/2011 Issue 13983

الأثنين 06 صفر 1432  العدد  13983

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

دخلت المملكةُ صفحةً جديدةً من التنمية الحديثة هدفها تأسيس البنى التحتية وبناء الجامعات وشق الطرق وسكك الحديد، وتكاد مشاريع المقاولات العملاقة أن تأخذ أغلب الموارد المالية في الوطن، وما يحدث في هذا العقد يدخل في طور الطفرة التي تقفز بالمجتمع من حال إلى حال أخرى في بضع سنوات، لكن بالرغم من إيجابياتها الإنشائية قد يكون لها آثار في غاية السلبية إذا لم يتم تعديل مسارها الحالي، فالنصيب الأكبر من الثروة يذهب إلى شركات المقاولات العائلية، والتي تسيطر على معظم سوق المقاولات في الفترة الحالية، وتأتي العمالة الفنية الأجنبية في المرتبة الثانية في الاستفادة من الطفرة المادية، بينما لم يحظ غالبية المواطنين بالنصيب المناسب في مسيرة الطفرة العملاقة.

يرى خبراء أن ارتفاع نسب البطالة في دول الخليج سببه سوء توزيع الثروة وتدني نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، والذي يعود إلى ذهاب ذلك النصيب إلى الكوادر الفنية الأجنبية، وأيضاً إلى ارتباط منافع الشركات الخاصة بتواجدهم، ويعود سبب عدم إشراك العمالة الفنية السعودية في إنجاز المقاولات الضخمة -حسب وجهة نظر أصحاب شركات المقاولات العائلية- إلى عدم وجود عمالة فنية سعودية مدربة، لكن الواقع يقول: إن عشرات، بل مئات الآلاف قد تخرجت من المعاهد والكليات التقنية، فأين هم؟، ولماذا لم يتم استغلالهم في مسيرة المشاركة التنموية؟، ولماذا لم يتم احتواء خوفهم من هشاشة مستقبل الشركات العائلية عبر تأسيس شركات مساهمة تكفل حقوقهم، وتمنح لهم المشاركة في الاستفادة المادية والفنية في الطفرة الحالية.

قدرت مصادر مطلعة في مجال المقاولات أن يصل حجم الاستثمار بالمقاولات في السعودية إلى 300 مليار دولار من الآن وحتى عام 2015، وذلك وفق دراسات وتقارير عالمية ومحلية، وإذا لم تتم مشاركة القطاعات المهنية السعودية في الاستفادة من ذلك ستخرج قوى اقتصادية عائلية تتحكم في مجمل ثروات الوطن مقابل تدني شديد لمداخيل المواطنين نظراً لعد مشاركتهم في الحركة التنمية العملاقة، في حين ترتفع عائدات الأجانب إلى أرقام عالية، وانتقال الثروة إلى الخارج. ما يحدث من تسارع في خطى التنمية فرضته الحاجة الملحة لإتمام البنى التحتية، لكن قد يكون من آثاره سوء غير مقصود لتوزيع الثروة، وهو أسوأ من الفقر، وقد يؤدي إلى نتائج غير متوقعه، فالخبرات الفنية اكتسبتها العمالة الفنية الأجنبية، بينما يعاني خريجو المؤسسات المهنية من البطالة، ويأتي السبب الأول أن شركات المقاولات الحالية عائلية ولا يوجد شركة وطنية مساهمة في السوق، ذلك من أجل احتواء السعوديين وإدخالهم في عملية المشاركة في عصر التنمية الضخم.

كان من المفترض أن تتم مشاركة المواطنين في التنمية، ليس فقط من أجل توطين الثروة وحسن توزيعها، ولكن من أجل كسب الخبرات الفنية والتي قد تنقل المجتمع من حال إلى حال، وكان من أسباب نجاح كوريا الجنوبية واليابان والصين مشاركة مواطنيهم في التنمية عبر جميع المراحل مما أدى إلى تقارب مستويات المعيشة بين المواطنين، وإلى اكتساب مواطنيهم خبرات فنية تقود الحركة الصناعية والتجارية في بلادهم في العصر الحديث، لكن ما يحدث في الوطن يخدم مصالح فئوية محددة وينقل الخبرة والمال إلى الخارج.

كان من أهداف الخصخصة تفكيك الشركات العائلية وتحويلها إلى شركات مساهمة، وتم بالفعل تحويل كثير من الشركات إلى شركات مساهمة ما عدا قطاع المقاولات، والذي يحظى بالجزء الأكبر من مصروفات الدولة في العقد الحالي، ولعل الوقت قد حان لوقف إهدار الثروة في حسابات العمالة الأجنبية أو تكديسها عند فئات محددة، مما يهدد اقتصاد الوطن ويحوله إلى طبقة ثرية ولكنها قليلة، كما هو الحال في أغلب دول العالم الثالث، خاصة أن الأيام القادمة حبلى بارتفاع غير عادي في نسب البطالة بين المواطنين.

 

بين الكلمات
منْ المستفيد في الطفرة الحالية؟
عبد العزيز السماري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة