Monday  17/01/2011/2011 Issue 13990

الأثنين 13 صفر 1432  العدد  13990

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

خلق الله الأرض ومن عليها ضمن ناموس كون هائل من المجرات والأنجم التي لا يحصيها عدد، ولا منتهى لهذا الكون الذي اشتغل عليه العلم بتجاربه وبحساباته الدقيقة، بل بهذه القدرات التي يفجرها العقل البشري ليخترع ما يمكن له أن يحسب المسافات بدقة متناهية لمعرفة هذا الكون الشاسع والذي لم يصل إلا إلى جزء من المعرفة ولا زال يملك أسرارا سيتعاقب على معرفتها وخبايها مئات من العلماء والباحثين، وظل الإنسان على هذه الأرض يمثل شرطا لازما لسبر غموض هذا الكون، فهو من يمتلك العقل والقدرة على التمييز بين باقي المخلوقات، ثم أخذ يشعر بقدرته الفائقة عبر التجارب الإنسانية المتعاقبة، وذلك بتطوير أدواته والاستفادة من تجاربه الناجحة والفاشلة على حد سواء لتكون له منطلقا نحو تحقيق الكثير من سبل المعرفة التي تمثل له في المستقبل قدرته على السيطرة والامتلاك.

حينما وصل الإنسان إلى بسط سطوته الممتدة من المعرفة أنشأ الدولة محيطا بها قدرته لحراسة خيراتها وأيضا سخر معرفته للوصول إلى مناطق أكثر عذرية سوف تعود عليه بالنفع حتى ولو كان ذلك عبر المحيطات والأماكن النائية التي انقادت له بفعل ضعفها البشري وتواضع الذهنية العلمية والتي حرص المستعمر منذ سنين عديدة على أن تظل تحت سيطرة الغازي المتواري خلف الحاكم الذي ينثر الوعود تلو الأخرى هو صاحب القوة الساحقة مقابل المحكوم الجاهل والضعيف الذي لا يملك لقوة علمية أو عملية، إنما يرضى بالفتات، وربما يمجد كل فعل يقوم به الطرف الآخر إذا أحس أنه قد أضاف له النزر القليل من المال والقليل من العلم وربما الأقل الأقل في محاولة يائسة لتدبير أمره بمنأى عن هذا القوي والمسيطر، هذه الصورة أصبحت راسخة في عقول الناس. تبث فيهم روح الخنوع والإحساس بالدونية وربما الشعور الطاغي بعدم القدرة على العمل بالأمل والتطور بل يحلم أمام وسائل الإعلام أن يسمع أو يشاهد أو يقرأ أمرا أو مرسوما قد يغير من حال إلى حال، أو لعله يعرفه بشيء من حقوقه وامتيازاته كمواطن وهي حق ساطع، حقه في الحياة الكريمة وحقه في التعليم والعمل وحقه في أن يكون حرا ومشاركا، على مدى الأيام خلقت هذه الفجوة بين الحاكم والناس إلا فيما ندر، هذه الفجوة تجعله بعيدا عن أوجاعهم وجوعهم لأن من يحيط بصاحب القرار أي قرار لا يرغبون أن يصل هؤلاء الناس إلى سيدهم الذي يغدق عليهم الهبات والأموال ليسمعوه آناء الليل وأطراف النهار أن جميع الأشياء على وجه من الكمال قلما يكون آخر، هذه الخاطرة تسللت إلى ذهني مرات عديدة وأنا أرجئ كتابتها وهي تلوح كلما قرأت كلام تلك الملكة التي دهشت لعامة شعبها وهم يصيحون بأعلى أصوات الجوع والمرض والإعياء: نريد خبزا نريد خبزا، فغرت فمها بدهشة باردة وقالت باستغراب لِمَ لا يأكلون البسكويت؟ الإنسان هو الذي خلق هذا النموذج وأمثاله كثر في هذا العالم الرحب الذين يصرفون الملايين في السفر والأكل المبهج والمرح الذي لا يحد والبذخ في الليل والنهار دون أن يعي معاناة الآخر أو يشعر بها على الأقل، وهو أيضا لا يعرف قيمة هذه الثروة التي تأتي إليه مطرا دائما ولن يسأل عن هذه الغيمة أو تلك طالما أنها تمطر ذهبا لا ينقطع، تذكرت المثل الشعبي الذي يشخص هذه الحالات بأدوات معرفية بسيطة وكأنه نواح إنساني عجيب (يحسب الممطور ان الحيا مملي) حدث بالأمس في تونس وسوف يحدث في كثير من الأمم التي ترفض العلم والمشاركة في الرأي الآخر وسلامكتم.

 

لذاكرة الوطن
الخبز التونسي
محمد علوان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة