Tuesday  18/01/2011/2011 Issue 13991

الثلاثاء 14 صفر 1432  العدد  13991

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

قبل خمسين عاماً كان الطفل في (أغلب) بلداننا العربية يقف من الصباح الباكر ويردِّد النشيد الوطني لبلاده ثم يشدّ قامته الصغيرة ويهتف من جديد:

بلاد العُرب أوطاني

من الشام لبغدان

ومن مصر إلى يمن

ومن نجد لتطواني

لسان الضاد يجمعنا

بغسان وعدنان

لنا مدنيّة ذهبت

سنحييها وإن دُثِرت

ولو في وجهنا وقفت

دهاه الإنس والجان

بعدها يدخل الطفل إلى فصله ويأتي المدرس المتجهّم بعصاته الطويلة ثم يكتب على اللوح: (اعرف وطنك أيها العربي) ثم يشرع بالسرد: يتكون الوطن العربي يا أحباب من عدة أقطار (منها):

الهلال (الخصيب).

اليمن (السعيد).

الجزيرة العربية (مهد اللغة والدين).

السودان (سلة الغذاء).

تونس (الخضراء).

ثم يأخذ المدرس بشرح ميزة كل بلد على حدة فيقول:

يتكون الهلال الخصيب من أرض الرافدين (العراق) وسوريا الكبرى (بلاد الشام ولبنان والأردن وفلسطين) وهي من أخصب بلاد العالم لما فيها من خير وفير.

أما اليمن السعيد فهو أصل العرب وتتوفر فيه كل سبل الرفاه والثراء والسعادة.

أما جزيرة العرب فهي أم اللغة العربية الفصحى ومنطلق الإسلام.

أما السودان ففيه من الغذاء ما يكفي الوطن العربي كله.

أما تونس فهي الخضرة والماء والوجه الحسن منذ كانت وحتى اليوم.

يرن جرس المدرسة فجأة ويخرج المدرس من الفصل (فصل مسرحية الحياة) ويخرج بعده الأولاد ويتفرقون في الوطن العربي الكبير وبعد نصف قرن من ذلك المشهد الدراسي البهيج ها أنا نفس الطفل وقد أصبح كهلاً يقف أمام خارطة الوطن العربي الكبير ويستحضر ما قاله المدرس منذ (50) عاما فيرى:

أولاً: الهلال الخصيب، (لم يعد خصيباً) ولا ما يحزنون. وأصبح اليوم يعاني الجدب والفقر وجزء منه ينزف الدم والعرب عليه يتفرجون.

ثانياً: اليمن السعيد، لم يعد سعيداً كما يجب لأنه يعاني من إرهاب الحوثيين وغوغاء الجنوب وتدني مستوى العيش الكريم.

ثالثاً: جزيرة العرب، لم تعد حافظة للغة لأن أغلب سواحلها (ترطن) بالفارسية والهندية فتأثر سكانها بعجمة اللسان وضعفت الفصحى حتى لم يعد يتكلم بها أحد!

أما الدين فقد استغله إرهابيون يكفّرون المسلمين ويبيحون قتلهم، وشوهوا صورة الإسلام النقية - أصلاً - في أنظار العالم الفسيح.

بالنسبة للسودان فإنه لم يعد سلة للغذاء بل سلة للأوجاع والفقر والانشطار والتمزّق.

أما بالنسبة إلى تونس فإنها لم تعد خضراء بل أصبحت قاتمة بعد أن انكشف الغطاء!

بعد ذلك تأمل الكهل - الذي كان طفلاً - رسخت في ذهنه كل جماليات هذا الوطن الكبير فانهال على الخارطة بالضرب والتمزيق!!

 

هذرلوجيا
أوطان لم تعد كذلك!
سليمان الفليح

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة