Wednesday  26/01/2011/2011 Issue 13999

الاربعاء 22 صفر 1432  العدد  13999

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

لا أعلم سبباً يجعل من الهيئات الرسمية والأهلية صامتة إزاء ما يحدث من زيجات غير متكافئة في أعمار الأزواج سواء كان الزوجان صغيرين أو أحدهما، والغالب الذي تشهده بلادنا وعدد من البلاد القريبة، التي تشترك معنا في طبيعتها سواء

الدينية أو الاجتماعية من حيث التشكيل القبلي الذي يسودها، هو زواج كبار السن من فتيات صغيرات جداً في عمر الطفولة، وليس في عمر الزهور كما يُقال.

سادت هذه الظاهرة بشكل لافت، ولم يتقدم أحدهم لردعها؛ ما زاد حدوثها من جهة، ومن جهة أخرى زادت الأصوات المنادية بتدخل السلطات الرسمية لوقفها، وأنا هنا أتحدث عن زواج الكبار من الذكور بالطفلات من الإناث، ونوقشت القضية في المجالس، وانبرى الكُتّاب في إفراد عدد من المقالات حول النتائج السلبية المنتظرة من زيجات كهذه سواء على صعيد المجتمع لاحقاً أو على الصعيدين النفسي والصحي للمتزوجة بحكم عدم اكتمال نضوجها النفسي للقيام بمهام الزوجية، وعدم اكتمال أيضاً بنيتها الجسمانية للحمل والإنجاب، وما يخلف ذلك من حدوث أمراض عديدة نفسية وصحية؛ الأمر الذي يكلف خزينة الدولة أموالاً طائلة لعلاجها، إضافةً إلى المستقبل الذي ينتظر طفلة بعد أن ينقضي عمر الزوج وهي لا تزال في ريعان شبابها.

أثرت وغيري هذا الموضوع منذ مدة ليست بالبسيطة، ولم نر حدوث أي حراك متوقع للتأثير على أصحاب القرار لسَنّ أنظمة تُحدّ من هذه الزيجات من خلال تحديد أعمار معينة لا يمكن تجاوزها عند عقد القران. كتبتً مطالباً باتخاذ موقف صارم وحازم وجريء من هذا الفعل المشين الذي لا يحقق بأي حال من الأحوال الغايات التي من أجلها شُرع الزواج، أليست الغاية من الزواج في الشريعة الإسلامية هي إنشاء أسرة مسلمة تكون لبنة صالحة في المجتمع، وتهدف إلى إنتاج ذرية تتربى على أسس الإسلام وتعاليمه؛ فليس الهدف الإشباع الجنسي كما يظن البعض، بل إن نظرة الإسلام للزواج أرقى من ذلك بكثير، فالله تعالى أوضح الأهداف السامية في آياته الكريمة: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، أوليس التوافق العمري بين الزوجين أساساً في استمرار تلك المودة والرحمة. كيف لنا أن نتوقع مودة بين ثمانيني أو تسعيني وطفلة في الثانية عشرة أو الثالثة عشرة؟ كيف لنا أن نتصور أن تكون هذه الطفلة مسكناً لشيخ مسن كبير بلغ من العمر عتياً؟ كيف له أن يعتبر تلك الطفلة مسكناً له وهو في عمر أو أكبر من عمر جدها؟ كيف لنا أن نتخيل ما سيحدث بينهما، ليس فقط في الليلة الأولى التي لم تعلم الطفلة تلك عنها شيئاً، بل في باقي الأيام؟ كيف لنا أن نتخيل انعكاسات ما يفعله هذا المسن بتلك الطفلة وتفسيراتها له؟ كيف يمكن أن يحدث توافق فكري بين ثمانيني وطفلة في صف خامس ابتدائي أو سادس ابتدائي في عمر الثانية أو الثالثة عشرة؟ تلك السن التي لا تؤهل صاحبتها الطفلة من فهم أبسط أبجديات الحياة العامة فضلاً عن فهمها لأبجديات الحياة الخاصة بتفاصيلها التي بات فهمها يستعصي على كثير ممن يتقدمنها سناً. كثيرة هي الأسئلة التي يمكن لنا طرحها عن الطفلة وطرق تفكيرها والأسئلة التي تراودها، لكن في المقابل لا يوجد سؤال واحد يمكن لنا أن نطرحه لتبرير فعل ذلك الرجل الذي تجاوز هذا العمر وهو يُزف لطفلة لعلها أصغر من أصغر حفيدة له، وما الذي يجعل رجلاً بلغ أرذل العمر أن يُقدم على زواج يتباعد فيه الفارق السني بينه وبين من يرغب بالزواج بها تباعداً يصعب معه حتى التكهن بنجاح تلك العلاقة الزوجية، وأي متعة يجدها كهل في أرذل عمره من معاشرة طفلة لا تفرق بين الجنس واللعب.

أعلم جيداً أن الرجل حينما يبلغ من العمر عتياً وتكون لديه القدرة على القيام بحياة زواجية كاملة يرغب لسبب ما في أن يتزوج أو يعدد، أعلم أن المنطق يملي عليه أن يتزوج من امرأة بالغة راشدة عاقلة، ولا أقول سبعينية أو ستينية حتى لا يخرج من يقول إن المرأة في تلك السن تكون قد أنجبت وربت وتعبت ولم تعد قادرة على الزواج من جديد، ولكني أقول لتكن في الثلاثين أو أقل أو أكثر قليلاً، لكن أن تكون في العاشرة أو الحادية عشرة أو الثانية وحتى سن العشرين فلا أعتقد أن ثمة من يقبل عقله تلك التوافقية في العلاقة، وخصوصاً أن ثمة كثيراً من النساء سواء من سبق لهن الزواج ولم ينجح أو ممن لم يتزوجن بعد يرغبن في الزواج من كبار السن لضمان وجود بعض أساسيات الحياة التي لا تقوم إلا عليها كالنضوج الفكري والاستقرار النفسي والأمان المادي والتوافق الفكري.

ألم يحن الوقت بعد للتحرك اجتماعياً وسياسياً لاتخاذ موقف صارم وحازم وجريء من هذا الفعل المشين الذي لا يحقق بأي حال من الأحوال الغايات التي من أجلها شُرع الزواج؟ أليست الغاية من الزواج في الشريعة الإسلامية هي إنشاء أسرة مسلمة تكون لبنة صالحة في المجتمع، وتهدف إلى إنتاج ذرية تتربى على أسس الإسلام وتعاليمه؛ فليس الهدف الإشباع الجنسي كما يظن البعض، بل إن نظرة الإسلام للزواج أرقى من ذلك بكثير؛ فالله تعالى أوضح الأهداف السامية في آياته الكريمة: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، أوليس التوافق العمري بين الزوجين أساساً في استمرار تلك المودة والرحمة؟

هل هناك موانع شرعية تحرم تحديد سن معينة للزواج؟ إذا كان الزواج جزءاً من المعاملات التي تركها الإسلام لاستحسان ما يراه الناس حسناً فما المانع من تحديد سن للزواج طالما أن الأمر يمكن البت فيه من خلال الناس وما يستحسنونه.

إلى لقاء قادم إن كتب الله.

 

أوقفوا هذا الزواج
د. عبدالله بن سعد العبيد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة