Monday  31/01/2011/2011 Issue 14004

الأثنين 27 صفر 1432  العدد  14004

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

حينما قال الرئيس التونسي السابق مؤخراً لجماهير شعبه الغاضبة من طول الاستبداد والظلم والحرمان: «اعذروني لقد كانوا يخفون عني أشياء كثيرة»، يعني مستشاريه وحاشيته ووزراءه والمحيطين به، انقسم الناس بعد ذلك ما بين مستعجب مستغرب غير مقتنع، وساخر مستهجن، والسبب أن وسائل الاتصال الآنية المتعددة المتطورة تتيح لأي مسؤول معرفة كل ما يجري حوله من أحداث سياسية وأخبار اجتماعية ومشاعر إنسانية حقيقية وردات فعل شعبية لم تعد تخفى على أحد.

بيد أن في كلامه هذا جزءاً مهماً خفياً من الحقيقة التي يجب تسليط الضوء عليها للاعتبار، وهي أن هناك مَنْ يستميت في إخفاء الحقائق عن المسؤول، إما لأنه يريد أن يستأثر بالخير وحده ومن يحب، وإما أنه لم يشعر بما شعر به البؤساء والمحرومون والمضطهدون؛ حيث لم يعاني مثلما عانوا، ولم يمر بمراحل إحباطاتهم التي لا تنتهي؛ فقد قيل «لا يحمد السوق إلا من ربح»؛ حيث يبيّن للمسؤول الذي استوزره ورآه أهلاً لاستشارته أن هؤلاء المشتكين إنما هم حفنة من الحساد والحاقدين وأصحاب الأطماع الخاصة، وهذا هو التضليل بعينه.

فمن الطبيعي أن يكون لكل إنسان حاسدوه، ويزدادون مع ازدياد نِعَم الله عليه، ولكنّ هناك أيضاً مغبونين ومقهورين، والراعي مُساءَل عنهم أمام الخالق، ثم أمام الخلق والتاريخ، حاضراً ومستقبلاً، دنيا وآخرة، فكم في هذه الحياة من عَناق ولا عُمَرَ لها، والسبب هو تعتيم الحقائق عن المسؤولين الذين اعتمدوا على من رأوهم أهلاً للاعتماد، فإذا هؤلاء لهم مضللون وخاذلون.

كما أثبتت الأحداث التاريخية المعاصرة المتعددة أن الاعتماد الأوثق والأسلم بعد الله هو اعتماد الراعي على الرعية، أما الاعتماد على القوى الأجنبية الكبرى فقد ثبت أنها أول مَنْ يخذل حلفاءها ويتخلى عنهم أوقات المحن؛ فالمراهنة عليها إنما هي مراهنة فاشلة؛ فلا حليف لأي مسؤول إلا أبناء شعبه، ولا بد من معرفة أن نبض المجتمع والشارع هو أصدق وأدق مما سواه.

لذا تحتم وقائع الحياة السوية أن تسود المصداقية بين القائد ومحيطه؛ لأن في ذلك استمرارية الخير للجميع وتحقيق العدالة لأبناء الوطن وجميع طبقاته كافة؛ فتنتفي الأحقاد والبغضاء التي تولد الفتن والثورات والمجازر، وتمزق الأوطان، وتحرم الجميع أمنهم وإيمانهم، وتلقي بأعراضهم ودمائهم على قارعة الطريق، وفوق ذلك هي تتنافى مع الاستقرار الذي هو قرين الرفاهية والتطور.

ومن ضمن الأسباب المهمة أيضاً لاستقرار الدول سياسياً هي الحرية الإعلامية التي تبتعد عن المجاملة؛ لأنه أضحى أسلوباً غير مقنع ولا مؤثر، ويتنافى مع المصداقية غير المضللة، مع شريطة أن تكون هذه الحرية الإعلامية ممنوحة لجميع أطياف المجتمع تحت مظلة الدين والخُلُق، وبدون ذلك فلا يمكن أن تُسمّى حرية؛ لذا فإن المصداقية السياسية والإعلامية هي واسطة عقد منظومة استقرار الدول الحديثة.

g.al.alshiakh12@gmail.com
 

حولها ندندن
الجانب الخفي
د. جواهر بنت عبد العزيز آل الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة