Monday  31/01/2011/2011 Issue 14004

الأثنين 27 صفر 1432  العدد  14004

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

الشباب شباب القلب
عبدالله بن إبراهيم البريدي

رجوع

 

حدَّثني أحد الأصدقاء والأسى يعصر قلبه عن مشهد حصل أمام عينيه قبل أيام.. وهو لسيدة عربية لا يقل عمرها عن أربعين عاماً مع زوجها الأربعيني أيضاً.. بينما كانا عند سيارتهما في مواقف أحد أسواق الرياض، وقت نزول الأمطار.

كان هذا الصديق يشاهد السيدة.. وهي تقوم برسم قلب حُب وتضع داخله الحرفين الأولين من اسمها واسم زوجها على الزجاج الخلفي للسيارة، ثم بعد ذلك تضرب (بحنان) كتف الزوج وهما يضحكان، ثم استقلا سيارتهما وغابا عن ناظري صاحبي.

كل ذلك حدث.. وهما لا يعلمان أن هناك مَن يشاهدهما.. حيث كانت المواقف مظلمة من جهة، ومن جهة أخرى كان زجاجُ سيارة رفيقي مظلَّلاً يحجب رؤيته، وهذا يفسر قيامها بهذا الفعل الذي (قد يُستهجَن) من البعض إذا كان أمام الملأ.. وقد لا يُستنكَر من آخرين!

أعود إلى صاحبي الذي قلت إن الأسى يعصر قلبه.. وهو يحكي لي ما حصل أمامه، فلماذا عصرَ الأسى قلبه؟ وعلى ماذا يتحسَّر؟ وهل هو وحده يتحسَّر؟

إجابة على مثل هذه التساؤلات لن أتقوَّل على خليلي العزيز.. بل سأنقل حرفياً ما قاله لي معللاً أساه، فقد قال: لماذا لا تعرف نساؤنا المزاح مع الأزواج؟

وبصيغة أخرى سأل أيضاً: ما سبب افتقاد كثير من نسائنا لخفة الظل؟

هذا السؤال يُطرح بقوة من آلاف الأزواج، وحتى أكون منصفاً.. فهو أيضاً يُطرح من آلاف الزوجات، فالهمُّ مشترك، والخطأ مشترك أيضاً.

فالملاحَظ أن العاطفة أو الحميمية بين الزوجين سرعان ما تبرد أو تشيخ مبكرةً عند كثير منا، فلا تكاد تمرُّ عشر سنوات على الزواج حتى يكاد ينقطع المزاح بين الزوجين، وتسيطر الروتينية المملة القاتلة للبهجة والسرور على بيوتنا، بل وبعد عشر سنوات أو أقل ينسى الزوجان أو يتناسيان الإهداءات فيما بينهما وقد تسمع من أحدهم مَن يقول: أشعرُ أن الهدية أصبحت أمراً شكلياً لا فائدة منه، فتعجَب من هذا القول، وتندهش عندما تعلم أن هذا لم يمر على زواجه سوى ثلاث سنوات!!

وهناك مَن يغيب عنه أثر وفضل السفر بالأسرة، حتى لو كانت رحلة ليومين أو ثلاثة أيام لشرق البلاد أو غربها، فالسفر بالأسرة يزيل كثيراً من العوالق الناتجة من مشاحنة أو مخاصمة أو خلاف حصل بين الزوجين، فيزول دون الحاجة لاعتذار من طرف لآخر، وهذه فائدة من عدة فوائد.

إذاً الشيخوخة الناتجة عن تقدم العمر وتقادم الزمن ليسا هما السبب، بل السبب هو شيخوخة القلوب، فما أقساها وأظلمها على بيوتنا؟!

ما أقساها على الزوجين أولاً، ثم ما أقساها وأشد تأثيرها على الأسرة ككل!

فالمحبة ودوامها بين الزوجين نتاجها محبة بين الأولاد..

واللطف والتلطف بين الزوجين يصنع أسرة لطيفة سعيدة..

والحنان والعطف بين الزوجين يشيع الحنان والعطف في أرجاء البيت..

والرحمة والتراحم بينهما يجعل الإخوة متراحمين فيما بينهم..

وكل ذلك متى ما حصل في كل أسرة.. فلا شك أن المجتمع سيحمل كل تلك الصفات، وبالتالي نرى مجتمعاً متماسكاً متآلفاً متراحماً.. وفي هذا كله الأمن والأمان والسعادة والاطمئنان.

إذاً.. ما يأمله هذا الصديق الغالي من زوجته وما تطلبه منه أيضاً سهل المراد ويسير التحقق والتحقيق.. فالمسألة بكل بساطة هي أن نحارب شيخوخة قلوبنا، وأن نجعل كل سنة تمر من أعمارنا يقابلها ولادة جديدة لقلوبنا وموداتنا، فقد قِيلَ: الشباب شباب القلب.

Al-boraidi@hotmail.com
 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة